مصير البرلمان الأردني في مهب جائحة كورونا

مساءلة شعبية لنواب خرقوا الحظر، ورئيس المجلس يذكّر بالحصانة البرلمانية.
الأربعاء 2020/04/08
هل يتجه الأردن لإعلان الأحكام العرفية

عمان – يلف الغموض مصير مجلس النواب الأردني الحالي، مع اقتراب نهاية ولايته الدستورية، في وقت تنشغل فيه المملكة بإدارة وضع غير مسبوق على خلفية تفشي فايروس كورونا، وسط مخاوف جدية من تبعات كارثية قد تلحق باقتصاد البلاد المنهك منذ سنوات، وما قد يثيره ذلك من ردود فعل اجتماعية.

وتنتهي المدة الدستورية لمجلس النواب في 30 أبريل الجاري، وسبق أن أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أن إجراء انتخابات جديدة سيتم في توقيته، وأنه لا مجال للتأجيل، بيد أن انتشار فايروس كورونا خلط الأوراق، ومن المرجح على نحو بعيد تأجيل الاستحقاق.

عاطف الطراونة: من المبكر الحديث عن انتخابات نيابية في ظل جائحة كورونا
عاطف الطراونة: من المبكر الحديث عن انتخابات نيابية في ظل جائحة كورونا

وهناك مخاوف متزايدة في الأردن من إمكانية عجز الحكومة على إدارة الأزمة المتعلقة بكورونا ليس فقط لجهة إمكانية انتشار العدوى بشكل أفقي وعلى نحو كبير وما سيخلفه ذلك من ضحايا، بل وأيضا لتأثيراته الاقتصادية خاصة وأن الأردن يواجه ظروفا اقتصادية صعبة جدا في ظل تراجع الدعم المالي من المجتمع الدولي.

وتصاعد الحديث في الأيام الأخيرة عن إمكانية لجوء الأردن إلى خيار إعلان الأحكام العرفية أو حالة طوارئ يتولى خلالها مجلس عسكري إدارة الأزمة، في حال فشلت الإجراءات المتخذة حاليا ضمن قانون الدفاع الذي تم تفعيله لاحتواء تفشي الفايروس أو تخفيف التبعات الاقتصادية له.

وقال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، إن قرار فرض الأحكام العرفية مناطة بالملك عبدالله الثاني، مع تصاعد الجدل السياسي والمجتمعي بشأن هذا الخيار، الذي من شأن تفعليه فرض قيود مشددة على الحريات.

ولفت الطراونة إلى أنه من المبكر الحديث عن انتخابات نيابية في ظل جائحة كورونا لاسيما وأن المادة 48 من الدستور واضحة بالخصوص والتي أشارت إلى أنه يجب إجراء الانتخابات خلال الأربعة أشهر التي تسبق انتهاء المدة الدستورية للمجلس، فإذا لم يكن الانتخاب قد تم عند انتهاء الولاية الدستورية، أو تأخر لسبب من الأسباب فإن المجلس يبقى قائما إلى حين انتخاب مجلس جديد.

وسبق أن فعّل الأردن الفصل 125 من الدستور في خمسينات وتسعينات القرن الماضي، ويقضي الفصل بأنه في حال حدوث طوارئ خطيرة يعتبر معها أن الإجراءات والتدابير المتخذة بناء على المادة 124 (تفعيل قانون الدفاع) غير كافية للدفاع عن المملكة، فللملك بناء على قرار مجلس الوزراء أن يعلن بإرادة ملكية الأحكام العرفية في جميع أنحاء البلاد أو في جزء منها.

وللملك أن يصدر بمقتضى إرادة ملكية أيّ تعليمات قد تقتضي الضرورة به لأغراض الدفاع عن المملكة، بقطع النظر عن أحكام أي قانون معمول به، ويظل جميع الأشخاص القائمين بتنفيذ تلك التعليمات عرضة للمسؤولية القانونية التي تترتب على أعمالهم إزاء أحكام القوانين إلى أن يعفوا من تلك المسؤولية بقانون خاص يوضع لهذه الغاية.

Thumbnail

وكان نائب رئيس الوزراء الأسبق والخبير الاقتصادي جواد العناني أول من أثار فكرة تطبيق هذه الأحكام قبل أيام في حوار نقلته وكالة الأنباء الرسمية الأردنية (بترا) فيما بدا جس نبض للشارع الأردني وللقوى السياسية الفاعلية والتي اختلفت مواقفها بشأن هذا القرار بين رافض بشدة على غرار جماعة الإخوان المسلمين، وبين متحفظ.

وقال العناني في تبريره لهذه الخطوة “إن الوضع خطير والأردن يحتاج إلى أحكام عرفية لمدة سنتين للخروج من أزمة الاقتصاد المحلي في ما بعد كورونا، واتخاذ إجراءات جراحية في الشأن الاقتصادي تضمن قيام كل جهة بمسؤوليتها، ويجب أن تعلو مصلحة الوطن على مصلحة الأفراد وبتكاتف الجهود سنخرج من هذا النفق المظلم”.

وحذر المسؤول السابق من أن “موازنة الحكومة ستعاني من عجز كبير إضافة إلى العجز في ما قبل الأزمة، والذي فاق المليار دينار، جراء توجه النمط الاستهلاكي للأفراد نحو الحاجات الأساسية والتي تبتعد عن الضرائب إلى حد كبير، فيما على الحكومة التوجه نحو الاقتراض الخارجي وعدم الاكتراث لارتفاع نسبته من الناتج المحلي”.

وتقول دوائر سياسية إن خيار السير في تطبيق الأحكام العرفية وارد وبقوة في حال فشلت جهود الحكومة في احتواء الأزمة، وما يعززها بقوة هو وجود إخلالات على مستوى الالتزام بالإجراءات المتخذة، حتى من قبل نواب.

وخلف خرق نائبين في المجلس (فواز الزعبي، وحابس الفايز) لحظر التجوال الشامل الذي فرضته الحكومة الجمعة الماضية، حالة من الغضب والاستياء الشعبي، وسط دعوات لتطبيق المحاسبة، وأعاد هذا الخرق تسليط الضوء على مجلس النواب الذي لطالما وجه له النشطاء اتهامات بالتراخي وبأنه مجرد أداة للسلطة التنفيذية.

واضطر رئيس المجلس أمام حجم الانتقادات والدعوات التي تطالب بمحاسبة النواب الذين خرقوا الحجر إلى الخروج والتأكيد على أن “حقوق المجلس مصانة بالدستور، وأن حصانة النائب مستمرة حتى انتهاء موعد الدورة العادية”، مشددا على أن “التزام النواب بالمواعيد المحددة لرفع الحظر، لا يلغي دورهم ولا يحد من سلطاتهم الرقابية على أداء الحكومة والوزراء”.

2