مصر على طريق السعودية لاستئناف العلاقات مع إيران

تصريحات إيرانية تعزز الحديث عن لقاءات سرية مصرية - إيرانية في بغداد.
الاثنين 2023/05/15
استدارة إيرانية واضحة نحو تطوير العلاقات مع دول المنطقة

القاهرة- يفصل مراقبون بين الأسباب التي أدت إلى قطع العلاقات بين مصر وإيران، وتلك التي دفعت الرياض إلى قطع العلاقات مع طهران، لكن لا يخفي هؤلاء أن تطبيع العلاقات بين الرياض وطهران يمكن أن يلعب دورا مهما في عودة العلاقات لاحقا بين القاهرة وطهران.

جاءت تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الأحد، التي عبّر فيها عن أمله في أن تشهد العلاقات بين البلدين تطورا وانفتاحاً جديّا ومتبادلا، لتضفي بريقا جديدا على ما تردد سابقا حول لقاءات سرية عقدت بين وفود مصرية وإيرانية في بغداد.

وأرجع عبداللهيان الاستدارة الإيرانية الواضحة إلى “سياسة ورؤية حكومة إبراهيم رئيسي التي تولي تطوير العلاقات مع دول المنطقة ومع مصر أهميةً بالغة”.

وقُطعت العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران، لكن تم الإبقاء على مكتب رعاية المصالح في كلا البلدين، على مستوى سفير، ما يعني أن هناك قناة رسمية للاتصال والتواصل المباشر بين الطرفين لم تنقطع طوال الفترة الماضية.

◙  الحديث عن تطبيع العلاقات بدأ يخرج من الغرف المغلقة، ما يشير إلى أن تقدما حدث بين الطرفين

وأولت كلماتُ عبداللهيان حديثَ عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني فداحسين مالكي أهميةً كبيرة.

 وكان مالكي قد قال “سنشهد في المستقبل القريب افتتاح سفارتي إيران ومصر، وبعد هذا الإجراء سيتم ترتيب لقاء بين الرئيس إبراهيم رئيسي والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي”.

وتشير هذه النوعية من التطورات إلى أن الحديث عن العلاقات بين مصر وإيران، والذي ظهر عدة مرات وفي محطات كثيرة، بدأ يخرج من الغرف المغلقة، ما يشير إلى أن تقدما حدث بين الطرفين، أو أن القيادة الإيرانية تريد الاستثمار في التطور الحاصل في علاقاتها مع السعودية، وتأكيد أنها لم تعد منبوذة إقليميا، وهي رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل ومن يريدون فرض حصار عليها في المنطقة.

وأكدت القاهرة عقب استئناف العلاقات بين الرياض وطهران تطلعها إلى أن يكون لهذه الخطوة “مردود إيجابي على سياسات طهران الإقليمية والدولية”.

وقالت الرئاسة المصرية في مارس الماضي “هذه خطوة هامة، وتثمن التوجه الذي انتهجته السعودية لأجل إزالة مواضع التوتر في العلاقات على المستوى الإقليمي”، مشددة على تأكيد ارتكازها على مبادئ ومقاصد الأمم المتحدة، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها وترسيخ مفاهيم حُسن الجوار وتعزيز الأمن والاستقرار.

ومنذ عودة العلاقات بين الرياض وطهران يدور حديث حول خطوة مماثلة مع القاهرة التي تخلصت من أحد المعوقات أو الكوابح المعنوية عندما أعادت السعودية علاقاتها مع إيران، حيث ظلت مصر حريصة على عدم تفسير أي تقدم منها نحو إيران على أنه موجه ضد السعودية، والتي شهدت العلاقات بينها وبين مصر تذبذبا في الفترة الماضية، أفلحت محاولات في تسكينه دون علاجه بطريقة حاسمة.

ومنحت الحكومة المصرية تسهيلات جديدة للحصول على تأشيرة سياحية لجنسيات مختلفة، من بينها الجنسية الإيرانية، بهدف تشجيع الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، كأول رسالة عملية أوحت بأن القاهرة مستعدة لتطبيع العلاقات مع طهران.

ولم يكن اختيار هذا الجانب صدفة؛ إذ شاع أن مصر لديها مخاوف من تدفق السياحة الإيرانية التي تصطحب معها شعاراتها الدينية الطائفية، والسماح بدخولها، ولو من بوابة مدينة شرم الشيخ على البحر الأحمر فقط في هذه المرحلة، علامة إيجابية على أن المياه الراكدة قد تتحرك سياسيا واقتصاديا.

ومؤخرا كشفت تقارير إعلامية عن قيام مصر وإيران بإجراء محادثات في بغداد خلال شهري مارس وأبريل الماضيين، ناقشت قضية الحد من التوتر في كل من اليمن ولبنان وسوريا، وهي الدول التي تتمتع فيها طهران بنفوذ كبير.

وهدفت المحادثات بين القاهرة وطهران في بغداد إلى تكرار الوساطة العراقية بين السعودية وإيران، فقد استضافت العاصمة بغداد ست جولات من الحوار التمهيدي بينهما، قبل إعلان نجاح الوساطة الصينية في مارس الماضي.

محمد محسن أبوالنور: عودة العلاقات تساعد على تخفيف التوترات السياسية في المنطقة
محمد محسن أبوالنور: عودة العلاقات تساعد على تخفيف التوترات السياسية في المنطقة

وأُعلن في يونيو من العام الماضي، في فترة حكومة مصطفى الكاظمي، عن تنظيم لقاءات منفصلة بين مسؤولين من إيران وآخرين من مصر والأردن في بغداد.

ولفت مالكي إلى أن إعادة فتح السفارات على جدول الأعمال لتسهيل التعاون الاقتصادي والاستثماري، وأن الدور العراقي في المباحثات “إيجابي ومؤثر ويساعد في تسريع الخطوات المقبلة لإعادة فتح السفارات”.

ولم تعلق القاهرة على التفاؤل الإيراني أو تحدد المستوى الذي أجريت فيه محادثات بغداد، غير أن البرلماني الإيراني قال في تصريحات إعلامية “كانت على المستوى البرلماني، لكن الجهاز الدبلوماسي الإيراني كان له الحضور الأقوى”.

ورجح مراقبون أن يكون الوفد المصري الذي شارك في المحادثات ذا طبيعة أمنية، حيث درجت القاهرة على التعامل مع هذا النوع من الملفات برؤية أمنية قبل انتقالها إلى مستوى سياسي، وهو ما حدث بشأن الحوار بين مصر وتركيا حتى جرى عقد ثلاثة لقاءات معلنة بين وزيري خارجية البلدين، أحدها في القاهرة، واثنان في أنقرة.

وأبدت إيران استعدادها لتوسيع العلاقات مع مصر، مؤكدة دوما أن وجود إرادة لدى القاهرة لإحداث انفراجة في العلاقات وزيادة التعاون يمكن أن يسهّل المضي قدما في هذا المسار.

وقال الخبير المصري في الشؤون الإيرانية محمد محسن أبوالنور “عمليا هناك عودة قريبة للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفرصة كبيرة لإمكانية افتتاح سفارتين للبلدين في كل من القاهرة وطهران بعد انقطاع تام للعلاقات منذ عام 1979”.

وأضاف لـ”العرب” أن العودة المحتملة “حتمية في ظل ملابسات إقليمية ودولية بالغة التعقيد مع اقتناع قوى كبرى في المنطقة بأن التسوية السياسية هي الحل الوحيد لحلحلة مشاكل الإقليم، وقد تجلى ذلك من خلال عودة العلاقات المصرية – التركية، وعودة العلاقات الإيرانية – السعودية”.

وأوضح أن عودة العلاقات تساعد على تخفيف التوترات السياسية في المنطقة، وتحقق مصالح الشعبين، أخذا في الاعتبار التشابك في عدد من الملفات، “والتي لن يتم التوصل إلى تسوية لها إلا بوجود علاقات كاملة بين البلدين”.

1