مصر توسع مجالات التعاون العسكري والأمني مع شرق ليبيا

القاهرة – تتجه مصر والسلطات في بنغازي إلى توسيع وتعزيز التعاون العسكري والأمني في عدة مجالات ومكافحة الإرهاب والتهريب عبر الحدود وتنظيم برامج تدريب مشتركة تتعلق بتبادل الخبرات الأمنية والعسكرية بين القوات المسلحة الليبية ونظيرتها المصرية وذلك على اثر مباحثات أجراها أمس الاثنين في القاهرة رئيس أركان حرب القوات البرية التابع للقيادة العامة للجيش الليبي الفريق صدام خليفة حفتر مع نظيره المصري الفريق أحمد فتحي.
وحضر اللقاء كبار القادة العسكريين من الجانبين وسط مراسم استقبال رسمية عكست الاهتمام المصري بتعزيز التعاون مع الجانب الليبي حيث ترتبط مصر بحدود مترامية مع شرق ليبيا.
واستضافة مصر لصدام حفتر نجل خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي المتمركز في الشرق، تحمل دلالات متعددة وتداعيات محتملة على المشهد الليبي وعلاقات مصر الإقليمية. وتُعد هذه الاستضافة جزءا من سياسة مصر المستمرة لدعم الاستقرار في ليبيا والتي غالبا ما تنطوي على دعم القوى التي تراها قادرة على تحقيق هذا الاستقرار.
وتؤكد هذه الاستضافة على الدعم المصري المستمر للقيادة العسكرية في شرق ليبيا وعلى رأسها خليفة حفتر. وترى مصر في هذه القوات شريكًا في مكافحة الإرهاب وتأمين حدودها الغربية وكذلك في تحقيق الاستقرار في الجارة المضطربة.
وتمنح استضافة شخصية بحجم صدام حفتر من قبل دولة إقليمية كبرى مثل مصر شرعية ودعما سياسيا، فيما يُنظر إلى نجل خليفة حفتر على أنه شخصية صاعدة في المشهد الليبي، وربما يكون خليفة لوالده في قيادة القوات المسلحة. وهذه الاستضافة تعزز مكانته وتؤكد على دوره المستقبلي المحتمل.
وتُشير مراسم استقباله من قبل كبار قادة الجيش المصري إلى استمرار التنسيق الأمني والعسكري بين مصر وقوات حفتر. ويشمل هذا التنسيق قضايا مثل مكافحة الإرهاب، وتأمين الحدود وربما تبادل المعلومات الاستخباراتية اذ تُعد ليبيا، خاصة المناطق الشرقية منها، ذات أهمية استراتيجية للأمن القومي المصري.
وتبعث هذه الزيارة برسالة واضحة إلى الأطراف الأخرى في ليبيا، بما في ذلك حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، بأن مصر لا تزال ملتزمة بدعم القوى في الشرق. وقد تُفسر هذه الرسالة على أنها محاولة لتشكيل ميزان القوى في ليبيا أو التأثير على مسار أي مفاوضات مستقبلية.
ويمكن أن تؤثر هذه اللقاءات على المسار السياسي في ليبيا، خاصة في ما يتعلق بمساعي توحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات. وقد ينظر لهذه الاستضافة كدعم لطرف على حساب آخر، مما يزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى حل الأزمة الليبية سياسيًا.
وتُعد مصر وتركيا طرفين رئيسيين في الصراع الليبي وتدعم كل منهما فصائل مختلفة. واستضافة صدام حفتر قد تُفَسَر كخطوة تزيد من التوترات بين القاهرة وأنقرة بشأن النفوذ في ليبيا، على الرغم من بعض مؤشرات التقارب الأخيرة بين البلدين.
وإذا ما نُظر إلى استضافة صدام حفتر على أنها دعم مطلق لطرف واحد، فقد يُعيق ذلك جهود توحيد المؤسسات الليبية وإجراء الانتخابات، حيث قد ترفض الأطراف الأخرى الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع طرف يشعر بدعم خارجي قوي.
استمرار الانقسام في ليبيا وتدخل القوى الإقليمية يمكن أن يزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وأي خطوة تُعزز من استقطاب الأطراف قد تُعيق جهود تحقيق سلام دائم ومستقر في ليبيا، مما يؤثر على أمن واستقرار دول الجوار.
وتعكس استضافة مصر لصدام حفتر الأهمية الاستراتيجية لليبيا بالنسبة للقاهرة ورغبتها في ضمان أمن حدودها وتحقيق الاستقرار فيها من خلال دعم القوى التي ترى أنها تحقق هذه الأهداف. ومع ذلك، فإن لهذه الخطوات تداعيات على التوازن السياسي وعلى علاقات مصر الإقليمية.