مصر توسع برامج الحماية الاجتماعية عن طريق الاقتراض

القاهرة تفتح اعتمادا إضافيا لزيادة الدعم والرواتب والمساعدات الاقتصادية.
السبت 2023/04/08
رواتب هزيلة وغلاء لا يتوقف!

عززت مصر من برامج الحماية الاجتماعية بسبب تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية وتأثيراتها المعيشية القاسية على الناس، حيث وقع الرئيس عبدالفتاح السيسي أخيرا على قانون لفتح اعتماد إضافي بالموازنة الحالية بقيمة 5.5 مليار دولار لتوزيعها على الرواتب والدعم والمنح.

القاهرة - دفعت الأزمة الاقتصادية مصر إلى توسيع برامج الحماية الاجتماعية في خطوة لتخفيف آثار الارتفاع الجامح للأسعار بسبب انخفاض سعر الجنيه الناشئ عن تعويمه، لشح الدولار في البلاد وعدم القدرة على الوفاء باحتياجات الاستيراد كاملة حتى الوقت الراهن.

وتتمثل المصادر الرئيسية لتمويل الاعتماد الإضافي الجديد في اللجوء إلى الاقتراض من البنوك وإصدار الأوراق المالية والأسهم وغير ذلك من مصادر التمويل المحلية والخارجية.

وأعلن فخري الفقي، رئيس اللجنة المشتركة من الخطة والموازنة بمجلس النواب والشؤون الدستورية والتشريعية، أن بعد الأزمات غير المسبوقة التي يشهدها العالم فقد صدرت تكليفات رئاسية أخيرة بزيادة رواتب العاملين بالدولة بداية من أبريل 2023 بدلا من يونيو.

وتتوقع وزارة المالية ارتفاع عجز الموازنة إلى 6.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الحالي الذي ينتهي أواخر يونيو المقبل، ارتفاعا من 6.1 في المئة العام الماضي. وكانت الحكومة تستهدف في البداية عجزا بنسبة 6.1 في المئة.

عبدالحميد المطري: قرار الحكومة سيكون إيجابيا ومع ذلك يزيد من حجم الديون
عبدالحميد المطري: قرار الحكومة سيكون إيجابيا ومع ذلك يزيد من حجم الديون

وبلغ عجز الموازنة 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للنصف الأول من العام المالي الحالي، ويتماشى ذلك مع توقعات ستاندرد أند بورز المعدلة بشأن العام المالي الحالي، إذ ترجح أن يظل مرتفعا عند 7 في المئة من الناتج المحلي على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وتتوقع وزارة المالية مستوى من الديون يبلغ 93 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 469.1 مليار دولار بحلول يونيو المقبل، ارتفاعا من مستهدفها السابق البالغ 84 في المئة فقط.

ويأتي ذلك مع انخفاض إجمالي الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 87.2 في المئة بحلول يونيو 2022 من 90.6 في المئة في العام السابق، كما تستهدف الحكومة خفض نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي إلى 75 في المئة بحلول العام المالي 2025 - 2026.

وأكد عبدالحميد المطري، الخبير المتخصص في الشأن الاقتصادي، أن الخطوة التي اتخذتها الحكومة إيجابية من ناحية زيادة دعم برامج الحماية الاجتماعية.

لكنه رأى في تصريحات لـ"العرب" أن مع ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع أسعار السلع الأساسية واستمرار انخفاض قيمة الجنيه، ستتفاقم فاتورة الواردات في البلاد ويزيد ذلك من الضغوط على المالية العامة مع ارتفاع الديون.

وارتفع متوسط سعر الفائدة المتوقع على أذون الخزانة والسندات الحكومية خلال العام المالي الحالي إلى 18 في المئة من 14.5 في المئة المقدرة في الموازنة، فيما زادت أسعار القمح والنفط أكثر من السعر الذي حددته وزارة المالية في الموازنة العامة.

وتصل قيمة الدين المحلي الداخلي في مصر إلى نحو 4 تريليونات جنيه (130 مليار دولار بأسعار الصرف الحالي).

وطبقا لموازنة العام المالي الجاري، تفوق قيمة أعباء خدمة الدين الإيرادات العامة المقدرة بنحو 1.5 تريليون جنيه، ما يعني أن الحكومة عليها الاقتراض لتمويل برامج الإنفاق العام الأخرى.

وقال المطري "رغم ما أعلنت عنه السلطات من زيادة لبرامج الحماية الاجتماعية، لكن هذا ليس كافيا في ظل معدلات تضخم هي الأعلى في تاريخ البلاد".

وطالب بأن تكون الأولوية دائما للمتضررين من تداعيات الحرب في أوكرانيا وما شهدته البلاد من نقص للعملة الأجنبية وتعطل أنشطة عديدة.

مبالغ لا تكفي لسد احتياجات كبيرة
حزمة لا تكفي.. الاحتياجات كبيرة 

وقفز معدل التضخم الأساسي في مصر خلال شهر فبراير الماضي بما يفوق التوقعات، إلى 40.26 في المئة، على أساس سنوي، بحسب البيانات الصادرة عن البنك المركزي.

كما دفعت الظروف الحالية التي يمر بها الاقتصاد، الحكومة إلى الحرص على تحقيق الانضباط المالي الكامل في الإنفاق والتقشف مع ترتيب الأولويات، وسبق ذلك أيضا إرجاء عدد من المشروعات التي تعتمد في تنفيذها على استخدام مدخلات إنتاج مستوردة من الخارج.

وقال فاروق بركات، خبير الاقتصاد والاستثمار، إن "الاعتماد الإضافي للموازنة له أثر إيجابي وآخر سلبي، لكن الأول هو الأهم في الفترة الحالية مراعاة لظروف المواطنين للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار المستمر".

وأوضح في تصريح لـ"العرب" أن الأثر السلبي يرفع عجز الموازنة العامة للدولة، والذي تسعى السلطات إلى تخفيضه مع تشديد صندوق النقد الدولي لتقليل ذلك العجز.

فاروق بركات: خطوة تخفف من حدة الأسعار لكن يزداد معها عجز الموازنة
فاروق بركات: خطوة تخفف من حدة الأسعار لكن يزداد معها عجز الموازنة

ومن المؤكد أن تؤثر الخطوة التي اتخذتها السلطات على موازنة العام المالي المقبل 2023 – 2024 من ناحية النمو الاقتصاد أو ضرورة زيادة مخصصات برامج الحماية الاجتماعية في العام الجديد.

وتستهدف وزارة المالية معدل نمو اقتصادي قدره 4.1 في المئة في السنة المقبلة، بعد أن قدرته في السابق عند 5 في المئة.

كما تخطط الحكومة لزيادة الإنفاق على دعم الغذاء والوقود في العام المالي المقبل لأجل التخفيف من تأثير التضخم المتصاعد على الأسر ذات الدخل المنخفض.

وارتكازا على ذلك، يتضمن مشروع الموازنة الجديدة رفع مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بنسبة 28 في المئة، ودعم السلع التموينية بنسبة 20 في المئة، ودعم المواد البترولية بنسبة 24 في المئة.

وأشار بركات إلى أن التوسع في الحماية الاجتماعية لن يسبب أزمات لمصر مع صندوق النقد الدولي، خاصة أن ذلك يتم بالاتفاق مع إدارة المؤسسة المانحة، فضلا عن أن أسعار السلع غير مسيطر عليها، في الوقت الذي تراهن فيه الحكومة على خفض التضخم بالموازنة الجديدة.

ومن المتوقع أن يتراجع معدل التضخم إلى نحو 16 في المئة في مشروع الموازنة الجديدة، أي نصف ما هو عليه في الوقت الراهن، في حال المقارنة مع بيانات الجهاز المركزي للإحصاء.

وقدر الجهاز في فبراير الماضي التضخم السنوي بنحو 31.9 في المئة على أساس سنوي، بينما يتعدى ذلك حسب البنك المركزي الذي يستثني السلع متقلبة الأسعار مثل الخضراوات والفواكه.

وفي إطار مواصلة السياسة التقشفية، فإن الاستثمارات الحكومية لن تشهد نموا كبيرا خلال الفترة المقبلة، وفق ما تشير إليه المعطيات.

وقلصت وزارة التخطيط مستهدف الاستثمارات العامة إلى 15.2 في المئة للعام المالي الجاري من زيادة قدرها 16.2 في المئة كما كان متوقعا في وقت سابق، وأرجعت ذلك إلى الظروف العالمية غير المستقرة.

11