مصر توسع استقطاب مستثمري تركيا لقطاع الملابس

خطط لإنشاء منطقة صناعية حرة في مدينة السادات ستستوعب أكثر من 20 شركة في صناعة النسيج.
الأربعاء 2024/12/18
أرونا همتكم

وسّعت مصر جهود استقطاب الاستثمار التركي إلى قطاع الملابس، إذ تعتزم تخصيص منطقة صناعية حرة لصناعة النسيج، في سبيلها إلى تشجيع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية الأخرى إلى السوق المحلية، بما يخدم تطلعات تحفيز النمو الاقتصادي.

القاهرة - تبذل السلطات المصرية جهودا لزيادة تدفق الاستثمارات التركية المتخصصة في المنسوجات، مع مساعي زيادة الصادرات وجذب الخبرات العالمية في قطاع توليه الحكومة اهتماما كبيرا في الآونة الأخيرة.

وتخطط وزارة الصناعة بالتعاون مع وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية لإنشاء منطقة حرة عامة جديدة مخصصة للصناعات النسيجية التركية، بهدف جذب المستثمرين إلى مدينة السادات الصناعية شرق القاهرة.

وتُعد الخطوة جزءا من إستراتيجية تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة، وتوفير فرص العمل. ومن المنتظر أن تكون المنطقة امتدادا للمنطقة الصينية المخصصة للنسيج في “السادات” أيضا والتي افتتحت عام 2018، وباتت من أبرز الوجهات الاستثمارية في القطاع.

والمنطقة الجديدة ستكون بوابة رئيسية لاستقطاب الاستثمارات التي تساهم في نمو وتطوير القطاع الصناعي المصري، بما يعزز من قدرة البلاد على منافسة الأسواق العالمية.

وحسب مصادر تحدثت إلى “العرب”، ستستقطب المنطقة أكثر من 20 شركة تركية في الملابس الجاهزة والمنسوجات، تهدف إلى التوسع في السوق المصرية لتلبية احتياجات التصدير إلى الولايات المتحدة من خلال اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز).

وتلزم الاتفاقية المفعلة منذ عام 2005، مصر بالتعاون التجاري مع إسرائيل بوصول نسبة مكونها إلى 10 في المئة في المنتجات المصنعة محليا.

محمد المرشدي: هناك رواج مرتقب لمهارات الأتراك في التسويق بمصر
محمد المرشدي: هناك رواج مرتقب لمهارات الأتراك في التسويق بمصر

وتمنح الاتفاقية الصادرات المحلية خاصة الملابس ميزة تفضيلية على منتجات عالمية، وتمنع فرض رسوم جمركية من الولايات المتحدة قدرها 38 في المئة.

وفي ضوء ذلك سيستفيد المستثمرون الأتراك من هذه الميزة كونهم يصنعون منتجات مدونا عليها "صنع في مصر"، والاستفادة من اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي وتشمل إعفاءات جمركية مغرية تصل إلى إعفاء كامل.

وطالب خبراء بتوفير حوافز استثمارية إضافية للشركات التركية لتمكينها من التوسع بالبلاد، ما يُعد فرصة كبيرة لجذب الأموال الأجنبية المباشرة التي تُسهم في دعم الاقتصاد.

وقال رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية محمد المرشدي إن “الخطوة إيجابية للغاية، لأنها تجذب الأتراك لضخ استثمارات مباشرة واستخدام آلات إنتاج حديثة مستوردة دون تحميل السلطات ضغوط على العملة.”

والأجور المرتفعة في تركيا أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع شركاتها إلى البحث عن بدائل لتقليص تكاليف الإنتاج، حيث تتراوح الأجور الشهرية للعمالة المدربة بين 1200 و1500 دولار، وهو ما يرفع الكلفة الإجمالية.

في المقابل لا تتجاوز الأجور في مصر 250 دولارا شهريا، ما يجعلها خيارا مغريا للشركات الراغبة في خفض النفقات، خاصة مع توفر يد عاملة مؤهلة.

وأوضح المرشدي لـ"العرب" أن جذب الأتراك يمنح العمالة المصرية خبرات كبيرة من خلال العمل في المصانع مع الخبراء الأتراك.

وأشار إلى أن لدى هؤلاء قدرات عالية في تسويق المنتجات، لذلك سيحدثون رواجا بسوق الملابس والمنتجات، بتشغيل المصانع بكامل طاقتها مع زيادة الصادرات التي تصب في صالح الاقتصاد المصري عبر زيادة التشغيل وتدفق العملة الصعبة.

◙ 3

مليارات دولار الاستثمار التركي في مصر بنهاية 2023 عبر 200 شركة في عدة مجالات

وتواجه الشركات التركية منافسة قوية من دول آسيوية، مثل الصين وهي من أبرز اللاعبين في الأسواق العالمية، ما يُجبرها على تحسين جودة منتجاتها وتقليل الأسعار، ولذلك تريد إقامة مشاريع جديدة في مصر للاستفادة من المزايا التنافسية.

وتظهر البيانات أن حجم الاستثمار التركي في مصر بلغ نحو 3 مليارات دولار العام الماضي، موزعة على 200 شركة في مجالات صناعية متنوعة.

وحسب تصريحات السفير التركي في مصر صالح موطلو شن، فإن هذه الاستثمارات تُسهم بشكل كبير في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وتسعى القاهرة إلى زيادة حصتها من صادرات الملابس التي تعتمد بشكل رئيسي على صناعة الغزل والنسيج، إذ تُعد هذه الصناعات من الركائز الأساسية التي تدعم النمو.

ويؤكد عضو جمعية مستثمري السادس من أكتوبر سرور الصباحي أن الاستثمارات التركية بقطاع الملابس في مصر من أبرز المجالات التي شهدت نموا ملحوظا في السنوات الأخيرة. وقال لـ"العرب" إنها "تمثل فرصة كبيرة للعديد من الشركات التركية التي تتطلع إلى توسيع نشاطاتها في الأسواق الإقليمية."

وتشهد مصر حركة اقتصادية متنامية في قطاع الصناعات النسيجية والملابس، مما يعكس تزايد الاهتمام التركي بهذا القطاع الحيوي. وأوضح الصباحي أن مصر تمثل سوقا واعدة للاستثمارات التركية، بفضل موقعها الجغرافي الإستراتيجي كمركز تجاري بين أفريقيا وآسيا وأوروبا.

سرور الصباحي يرى أن مصر سوق واعدة للاستثمار التركي وزيادة الصادرات
◙ سرور الصباحي يرى أن مصر سوق واعدة للاستثمار التركي وزيادة الصادرات

وأضاف "الملابس من الصناعات التي تستفيد بشكل كبير من هذا الموقع، إذ يمكن تصدير المنتجات المصنعة بواسطة الأتراك في مصر إلى أسواق الشرق الأوسط وأوروبا بشكل ملموس."

وتتطلع شركات الملابس التركية إلى إقامة شراكات مع نظيراتها المصرية أو إنشاء مصانع في المناطق الصناعية، مما يدعم القدرة الإنتاجية وزيادة الصادرات.

ويقول خبراء إن أنقرة تقدم من خلال هذه الاستثمارات تقنيات حديثة وتطبيقات مبتكرة في مجال التصميم والإنتاج، وهو ما يعزز من جودة المنتجات المصرية ويضعها في المقدمة.

ويرون أن الاستثمارات التركية تسهم أيضا في تطوير البنية التحتية للمصانع المصرية بتقديم تكنولوجيا متطورة في آلات، مما يساعد في تحسين الكفاءة الإنتاجية وخفض التكاليف. وهذا التحسين يتماشى مع توجهات القاهرة نحو تحديث صناعتها المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية.

ورغم الفرص الكبيرة التي يوفرها التعاون بين البلدين في القطاع، إلا أن هناك تحديات قد تواجهه، مثل ارتفاع تكلفة الطاقة والمواد الخام، فضلا عن متطلبات الأسواق العالمية التي قد تشكل تحديا في ما يتعلق بالجودة حال التركيز على زيادة الإنتاج على حساب الجودة.

ومع ذلك فإن القطاع سيزدهر في ظل وجود حوافز حكومية ودعم متزايد من الدولة للقطاع الصناعي بشكل عام، كما يتيح تكامل الشركات التركية مع نظيراتها المصرية فرصا للتوسع في أسواق جديدة، خاصة في الدول الأفريقية التي تعد سوقا واعدة.

ويتوقع أن تشهد مصر تدفقا أكبر من الاستثمارات التركية في قطاع الملابس خلال السنوات المقبلة، مما يساهم في تحقيق المزيد من النمو للاقتصاد وتعزيز سوق العمل.

وتُظهر الاستثمارات التركية في قطاع الملابس في مصر آفاقا واسعة للنمو والتطور المستدام، مدفوعة بالتعاون المثمر بين القطاعين الخاص والعام في البلدين.

11