مصر تفتح الباب على مصراعيه للمستثمرين السعوديين

طفرة مرتقبة في المشاريع بدعم اتفاقية حماية رؤوس الأموال وفرص واعدة للقطاع الخاص في البلدين.
الاثنين 2024/09/23
هذه مجرد مفتّحات!

وضعت مصر جزءا كبيرا من رهانها على دعم الاقتصاد بتجديد استقطاب استثمارات من السعودية، إذ تستعد لطرح مشاريع جديدة على البحر الأحمر، فضلاً عن رغبتها في تحريك برنامج الطروحات، باعتبار تلك الاستثمارات محركا مهما للتنمية وتوفير العملة الأجنبية.

القاهرة - قررت السلطات المصرية تهيئة الأجواء أمام الاستثمارات السعودية وتوفير مناخ موات لها، بما يسمح بإقامة مختلف المشاريع وتيسير دخولها بانسيابية بعيدًا عن البيروقراطية، عبر الشروع في إنهاء اتفاقية حماية الاستثمارات.

والاتفاقية متبادلة ومشتركة بين الجانبين وتعزز سهولة تدفق رؤوس الأموال السعودية مع الالتزام بمعاملة منصفة وعادلة للاستثمارات، وتقليص متطلبات إنشاء وتوسعة وصيانة الاستثمارات وضمانها في حالات الحرب أو النزاع أو الثورة أو حالات الطوارئ والاضطرابات.

كما تضمن حماية الاستثمارات السعودية من أي إجراء يمس ملكيتها أو تجريد مستثمريها كليًا أو جزئيًا من بعض حقوقهم مع منع تأميم أو نزع الملكية أو إخضاعها لأشخاص وجهات أخرى.

وكشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن الانتهاء من صياغة اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات السعودية، وأنها حاليا قيد اللمسات الأخيرة تمهيدًا لبدء الإجراءات التشريعية والقانونية لإصدارها رسميا. وتوقع أن تدخل حيز التنفيذ الفعلي خلال شهرين على أقصى تقدير.

وأوضح في لقائه الأخير بالعاصمة الرياض مع أعضاء مجلس اتحاد الغرف التجارية ومجلس الأعمال المصري – السعودي، أن الحكومة شكلت في الفترة الماضية وحدة خاصة لحل مشكلات المستثمرين السعوديين، والتي يرجع بعضها إلى سنوات طويلة ووصلت إلى نزاعات قضائية.

وبلغ عدد المشكلات التي واجهت هؤلاء نحو 95، نجحت السلطات في حل 81 منها بشكل نهائي، فيما وعد رئيس الوزراء المصري بحل الـ14 مشكلة المتبقية قبل نهاية العام الجاري.

أشرف غراب: نتوقع زيادة أكبر في حجم التبادل التجاري بين البلدين
أشرف غراب: نتوقع زيادة أكبر في حجم التبادل التجاري بين البلدين

واعتبر خبراء أن زيارة مدبولي إلى السعودية ناجحة ومهمة وفي توقيت مناسب لتعزيز الشراكة الاقتصادية والإستراتيجية بين البلدين وتحقيق التكامل الصناعي، خاصة أنهما يستهدفان تكامل التنمية وتعظيم الإمكانيات، ووجود توجهات سعودية بزيادة حجم استثماراتها في مصر.

ومن المرتقب أن تشهد الاستثمارات السعودية في مصر طفرة قياسية خلال الفترة المقبلة نتيجة هذا التقارب، بعد أن تكللت الزيارة الأخيرة للوفد المصري بالنجاح.

وأسفرت الزيارة مبدئيا عن توجيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادية) بضخ استثمارات في مصر بإجمالي 5 مليارات دولار كمرحلة أولى.

ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة ضخ المزيد من الاستثمارات السعودية في مصر في قطاعي الصناعة والعقارات، ويمكن أن يتم الكشف عن ذلك بعد الاجتماع الأول للمجلس التنسيقي بين البلدين وسوف يعقد خلال شهر أكتوبر المقبل.

وتأتي مساعي القاهرة لجذب المزيد من الاستثمارات في إطار خطتها الرامية إلى زيادة الصادرات من 35 إلى 145 مليار دولار بحلول 2030.

ولن يتحقق ذلك إلا بتحرير التجارة وجذب الاستثمارات الجديدة وخفض رسوم الدخول والخروج التي تتحقق عبر اتفاقية حماية الاستثمارات.

وصرح وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح بأنه تم الانتهاء تقريبا من وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات السعودية في مصر، وسيتم عرضها على الحكومة السعودية ومجلس الشورى قريبا.

وأكد أن الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية تطمح إلى الإسهام في تدفقات استثمارية غير مسبوقة لمصر بقيادة سعودية، وأضاف “سنكون شركاء مع مصر، وليس مجرد مستثمرين فقط”.

◙ 4.6 مليار دولار قيمة المبادلات في النصف الأول من 2024 بزيادة 30.4 في المئة بمقارنة سنوية

وسجلت قيمة التجارة بين البلدين ارتفاعا بنسبة 30.4 في المئة خلال النصف الأول من هذا العام، لتبلغ أكثر من 4.6 مليار دولار في مقابل أكثر من 3.5 مليار دولار قبل عام، وفق جهاز الإحصاء المصري.

كما استحوذت السعودية على 7.3 في المئة من إجمالي تجارة مصر الخارجية خلال الفترة بين يناير ويونيو الماضيين والتي تخطت 63.3 مليار دولار.

وقال الخبير الاقتصادي أشرف غراب لـ”العرب” إن “الاستثمارات السعودية ستشهد طفرة كبيرة في مصر، وزيادة التعاون بين القطاعيْن الخاصين في البلدين، بدعم اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات، والتي تمثل طمأنة للمستثمرين في البلدين”.

وتوقع في تصريحات أن يزيد حجم التبادل التجاري بنسبة كبيرة، وأن تحويل الودائع السعودية الموجودة في مصر والمقدرة بنحو 10.3 مليار دولار إلى استثمارات مباشرة بخلاف الاستثمارات الجديدة، يقلل من حجم الدين الخارجي على القاهرة ويدعم الجنيه.

وفي إطار التأثير الإيجابي على القطاع الخاص، تستعد شركتا تطوير مصر وماونتن فيو للانضمام إلى قائمة المطورين لدخول السوق السعودية.

كما تبدي شركات عقارية سعودية اهتماما بالتواجد في السوق المصرية، ومن بينها مجموعة دلة البركة التي حصلت على قطعة أرض في شرق القاهرة لإنشاء مشروعين سكنيين.

عماد قناوي: الاتفاقية خطوة في توقيت مهم لمنع حدوث أزمة عملة
عماد قناوي: الاتفاقية خطوة في توقيت مهم لمنع حدوث أزمة عملة

ومن المكاسب الاقتصادية العديدة التي ستتحقق خلال الفترة المقبلة الربط الكهربائي بين البلدين، وكذلك الشراكة والتكامل الصناعي في العديد من الصناعات مثل السيارات والأدوية والصناعات الغذائية والثروة التعدينية وغيرها.

وتبرهن الخطوة السعودية الرامية إلى ضخ استثمارات جديدة في مصر على أن القاهرة لديها سوق واعدة وكبيرة وتتمتع بموارد طبيعية مثل المواد الخام، فضلاً عن اليد العاملة وكافة الإمكانيات المتاحة للمستثمرين.

وأوضح عماد قناوي عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية في مصر أن العلاقات الاقتصادية القوية في خطواتها الجديدة تأتي وسط اضطرابات قوية تشهدها المنطقة ما يجعل التنسيق والتكامل بين البلدين مهمين، حتى لا تقع مصر في أزمة شح عملة مجددًا.

وأشار لـ"العرب" إلى "وجود توجه غير مسبوق بتوسع الاستثمارات السعودية في مصر، حيث تمثل السعودية أهمية اقتصادية بالنسبة إلى مصر، لكونها سوقا للكثير من الصادرات المصرية الزراعية والصناعية والخدمية، ومستوعبا لليد العاملة".

وتكمن أهمية السوق السعودية أيضا في أنها مصدر رئيسي للحركة السياحية، إذ تلعب استثمارات البلد الخليجي دورا مهما في تنويع ودعم الاقتصاد المصري.

كما تمثل السعودية أرضا خصبة للاستثمارات المصرية في الكثير من القطاعات، وعلى رأسها التطوير العقاري في ظل التوسع العمراني وتأسيس المدن الجديدة في الرياض.

وذكرت مصادر مصرية في تصريحات لـ”العرب” أن “وفدا استثماريا يضم أكثر من 20 مطورا عقاريا سيزور السعودية في نوفمبر المقبل من أجل استكشاف المزيد من الاستثمارات في البلاد".

ويأتي ذلك نتيجة للتعاون الكبير، وكذلك لنجاح مجموعة طلعت مصطفى القابضة في تنفيذ مشروع متعدد الاستخدامات في مدينة بنان بضاحية الفرسان شرقي الرياض، بالشراكة مع الشركة الوطنية للإسكان في السعودية.

10