مصر تسعى إلى زيادة طاقتها من الغاز بتوسيع إنتاج حقل ظهر

تتطلع مصر إلى تدارك عثرة إنتاج الغاز من حقل ظهر خلال الفترة الماضية عبر التركيز على ضخ استثمارات جديدة بالشراكة مع كيانات طاقة عملاقة لاستخراج كميات إضافية من آبار جديدة، بما يمهد لعودة التوازن إلى القطاع ويجعل الدولة تحقق مكاسب.
لندن- أصبحت مصر تعتمد بشكل كبير على إسرائيل في وارداتها من الغاز إثر حالة الغموض التي شهدتها خلال السنة الحالية. لكن يبدو أن الحكومة وجدت طريقها لإعادة صناعة النفط والغاز إلى المسار الصحيح.
ومن المتوقع أن تحقق التوسعة المخطط لها في حقل غاز ظهر ومشاريع التنقيب الجديدة عودة مصر إلى خارطة موارد الطاقة. ومن المتوقع أيضا أن يزيد الاستثمار في التقنيات المبتكرة معدلات الإنتاج.
وشهدت مصر خلال السنة الحالية انخفاضا حادا في صادراتها من النفط والغاز. وانخفض إنتاجها النفطي على مدى العقد الماضي من مستوى مرتفع بلغ 930 ألف برميل يوميا في 1996 إلى 580 ألف برميل يوميا في 2020.
وبلغ إجمالي إنتاج البلاد ما بين 6.5 و7 مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً في السنوات الماضية، قبل أن يتراجع حالياً إلى نحو 6.1 مليار قدم مكعبة.
وتظهر الأرقام أن إنتاج الغاز الطبيعي انخفض من 7.2 مليار قدم مكعبة يوميا في 2009 إلى 6.5 مليار قدم مكعبة يوميا في 2020.
وتقول فيليسيتي برادستوك الكاتبة في منصة “أويل برايس” الأميركية “إن ذلك يرجع أساسا إلى اعتماد المصريين على حقول النفط والغاز القديمة، وقلة الاستثمار في أنشطة الاستكشاف الجديدة خلال السنوات الأخيرة”.
وبدأ إنتاج الغاز في البلاد إيجابيا أكثر بعد اكتشاف شركة إيني الإيطالية لحقل ظهر الضخم في عام 2015. لكن لم تتبع ذلك اكتشافات كبرى كثيرة.
ومع ذلك ساهم اكتشاف الحقل في فتح شهية المستثمرين لقطاع الغاز البلاد، مما أدى إلى زيادة عدد الآبار المكتشفة وتوقف البلاد تماماً عن استيراد الغاز في نهاية سبتمبر 2019، ثم تصديره.
وفضلا عن إيني ضخ الشركاء في الحقل، وهم بي.بي البريطانية وروزنفت الروسية ومبادلة الإماراتية وإيجاس المصرية، نحو 12.7 مليار دولار استثمارات منذ تدشينه حتى النصف الأول من 2023.
واستمرت صادرات الغاز حتى يونيو الماضي قبل أن يتوقف البلد، الطامح للتحول إلى مركز إقليمي للغاز الطبيعي، عن التصدير في يوليو بعد أزمة كهرباء هي الأولى منذ عام 2014 بسبب ارتفاع درجات الحرارة ونقص كميات الوقود لتشغيل محطات الكهرباء.
وعدّلت وكالة التصنيف الائتماني فيتش في يوليو الماضي توقعاتها لإنتاج الغاز في مصر خلال العام الجاري، وتوقعت انخفاضا بنسبة 4 في المئة عن توقعاتها السابقة للنمو على أساس سنوي، والبالغة واحدا في المئة.
وترى برادستوك أن مردّ ذلك هو معدلات الاستنزاف المرتفعة لحقول النفط والغاز في البلاد، مثل تلك الموجودة في الصحراء الغربية وغرب الدلتا بالمياه العميقة في البحر المتوسط والحقول البرية في دلتا النيل.
وانخفضت قيمة صادرات مصر من البنزين خلال الفترة من يناير إلى فبراير 2023، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
كما تراجعت صادرات النفط الخام بنسبة 58.8 في المئة إلى 243 مليون دولار في تلك الفترة، مقارنة بنحو 590 مليون دولار قبل عام، كما انخفضت قيمة الغاز الطبيعي والمسال بنسبة 12.2 في المئة.
ووافقت إسرائيل في أغسطس الماضي على زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى مصر من حقل تمار البحري، وفقا لوزير الطاقة والبنية التحتية يسرائيل كاتس. وقال كاتس إنه من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى “زيادة إيرادات الدولة وتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ومصر”.
ويتزايد الطلب على الغاز في مصر، في حين انخفض إنتاجها المحلي من هذه المادة. وانخفض الإنتاج بنسبة 9 في المئة على أساس سنوي بين يناير ومايو الماضيين. وسبّب ذلك نقص الطاقة خلال موجات الحر، مما أدى إلى ارتفاع الطلب.
ووافق كاتس على تصدير أي فائض من الغاز بمجرد تلبية طلب إسرائيل نفسها. وفي حين تمتلك إسرائيل احتياطيات كبيرة من الغاز البحري، إلا أن الحكومة حددت سقفا للكمية التي يمكن تصديرها، من أجل ضمان تلبية الاحتياجات المحلية. وتوجه 325.25 مليار قدم مكعبة فقط من إنتاج إسرائيل من الغاز البالغ 751.9 مليار قدم مكعبة في 2022 إلى مصر والأردن.
ورغم صعوبات تلبية احتياجات مصر من الطاقة، وضعت البلاد خططا كبيرة لصناعة النفط والغاز في السنوات المقبلة. ووافقت في يوليو على ثلاث صفقات ملزمة للنفط والغاز لحفر آبار استكشافية متعددة بقيمة معلنة تبلغ 319 مليار دولار. ويشمل ذلك مشروعين للبحث عن النفط والغاز في البحر المتوسط، ومشروعا غرب خليج السويس.
وتخطط البلاد لحفر 35 بئرا استكشافية خلال السنتين المقبلتين بكلفة متوقعة تبلغ 1.8 مليار دولار من خلال التعاون مع شركات إيني وشيفرون وإكسون موبيل وشل وبريتيش بتروليوم. وأعلنت الحكومة خلال الشهر الحالي عن خطط لتوسيع حقل غاز ظهر، بما سيشمل حفر آبار جديدة متعددة في 2024 و2025.
وكان ذلك ضمن إستراتيجية الحكومة لتعزيز قطاع الطاقة، حيث تأمل أن يساعد هذا التوسع في تلبية احتياجاتها المحلية المتزايدة من الطاقة، وهي ملتزمة بأنشطة البحث والاستكشاف الجديدة.
وأكد وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا أهمية الشراكة بين بترول بلاعيم (بتروبل) التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول، وشركة الطاقة الإيطالية إيني، في صناعة النفط والغاز في مصر.
وشدد على ضرورة تكثيف أنشطة الحفر وتطوير التقنيات ونشر تلك المبتكرة لتحسين معدلات الإنتاج. ولا تزال مصر تعتمد بشكل كبير على واردات الغاز لتلبية طلبها المحلي المتزايد على الطاقة، لكنها تتوقع تطوير مواردها المحلية خلال العقود المقبلة.
ومن المتوقع أن تستثمر الهيئة المصرية العامة للبترول والعديد من شركات النفط العالمية بكثافة في أنشطة التنقيب للمساعدة على تعزيز إنتاج النفط والغاز وتحسين أمن الطاقة في البلاد، وذلك بفضل تمويل التقنيات المبتكرة التي من المتوقع أن تزيد الإنتاج.
وأعلن رئيس مجلس إدارة شركة بتروبل خالد موافي الأسبوع الماضي أن إجمالي إنتاج الشركة من الغاز والنفط والمكثفات والبيوتان بلغ 93 مليون برميل مكافئ نفط خلال العام الماضي. وذكر أن الاستثمارات في مجال استكشاف حقول الغاز والنفط وتطويرها وتشغيلها على سبيل الذكر بلغت نحو 737 مليون دولار.