مصر تسرع خطواتها نحو خصخصة المطارات

الحكومة تسند إدارة 11 مطارا لشركات أجنبية لتحسين البنية التحتية والربط وتطوير خدمات المسافرين.
الخميس 2025/04/03
المزيد والمزيد من الزوار

تكثف الحكومة المصرية تحركاتها نحو تسريع خططها المتعلقة بتطوير وخصخصة المطارات التي تضررت بسبب البيروقراطية وسوء الخدمات المقدمة للمسافرين عبر حركة النقل الجوي، في خطوة مهمة ترمي إلى تحسين القطاع وجذب الاستثمارات.

القاهرة - تعكف القاهرة على القيام بأكبر عملية لإعادة تطوير خدمات السفر عبر الاستعانة بمؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، في خطة يتطلب تنفيذها النظر بعناية للتحديات المحتملة، لكنها تشكل فرصة لتحسين جودة الخدمات وزيادة الكفاءة.

وكشفت مؤسسة التمويل الدولية عن تعاونها مع الحكومة لتقديم استشارات متخصصة، بهدف دعم شراكات القطاعين العام والخاص في مجال المطارات، لتحسين البنية التحتية والربط وتطوير خدمات المسافرين.

وفي إطار الشراكة ستقدم المؤسسة الاستشارات لإعداد إستراتيجية تستهدف تطوير الشراكات مع القطاع الخاص في 11 مطارا، ما يمثل جزءا كبيرا من حركة السفر الجوية المحلية والدولية بالبلاد.

وتشمل المطارات كلا من الغردقة، سفنكس، شرم الشيخ، برج العرب، الأقصر، أسوان، سوهاج، أسيوط، أبوسمبل، العلمين، ومرسى مطروح.

وفي ضوء التجارب العالمية، قد يكون من الأفضل البدء بتجربة فردية لأحد المطارات وتقييم النتائج قبل التوسع، ويتطلب ذلك تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق نتائج مستدامة.

وتتبنى السلطات خطة طموحة لتطوير قطاع الطيران المدني، ضمن رؤية شاملة تستهدف الارتقاء بالخدمات الجوية وتعزيز كفاءة البنية التحتية للمطارات.

وتركز الخطة على رفع الطاقة الاستيعابية لـ24 مطارا، من 66.2 مليون مسافر سنويا إلى 72.2 مليونا بحلول العام المالي 2026 – 2027، مع هدف طويل الأجل للوصول إلى 109.2 مليون سنويا بحلول 2030، وفقا لوزارة الطيران المدني.

خالد الشافعي: الخطوة مهمة لنمو السياحة وتتطلب استثمارات ضخمة
خالد الشافعي: الخطوة مهمة لنمو السياحة وتتطلب استثمارات ضخمة

وتراهن الدولة على إشراك القطاع الخاص، المحلي والدولي، في عمليات الإدارة والتشغيل، مع التمسك الكامل بملكية الدولة للمطارات.

كما تسعى إلى الاستفادة من خبرات الشركات الأجنبية المتخصصة، لما تمتلكه من أدوات تقنية وأنظمة تشغيل متقدمة، تسهم في إحداث نقلة نوعية على مستوى الأداء والجودة.

وأكد مصدر حكومي لـ”العرب” أن مصر لا تعتزم بيع مطاراتها أو التنازل عن سيادتها عليها، وإنما تعتمد نموذج الشراكة في الإدارة، وهو نهج معمول به في العديد من الدول، حيث تستعين المطارات الكبرى بشركات دولية لتحسين الكفاءة التشغيلية، دون التفريط في الملكية.

وأوضح أن التوجه نحو هذه الشراكات يأتي استجابة لملاحظات متكررة من المسافرين تتعلق بتدني جودة الخدمات في بعض المطارات، ما استدعى تدخلا مباشرا من الدولة لإحداث تطوير شامل.

وقال المصدر إن “الحكومة تهدف من خلال الخطوة إلى رفع مستوى رضا المسافرين، وزيادة تنافسية المطارات المصرية على المستويين الإقليمي والدولي.”

وأوضح خبراء أن وزارة الطيران بدأت بالفعل في تنفيذ هذه الرؤية عبر التعاقد مع شركات دولية لإدارة عدد من المطارات، إلى جانب تدريب فرق من الكوادر المحلية للعمل معها، لنقل المعرفة وتكوين خبرات مؤهلة لإدارة وتشغيل المطارات مستقبلا، ما يضمن استدامة التطوير بلا حاجة إلى تدخل خارجي مستمر.

وأكد مسؤول حكومي لـ”العرب” أن الخطة لا تشمل مطار القاهرة الدولي، الذي يخضع حاليا لأعمال تطوير واسعة في بنيته التحتية، لذلك لم يُدرج ضمن المرحلة الأولى، مشددا على أن باب الاستثمار في تطويره لا يزال مفتوحا أمام جميع الجهات المؤهلة.

وقال مدير مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية خالد الشافعي إن “الخطوة جزء من جهود الحكومة لتوسيع نطاق القطاع الخاص في الاقتصاد، وتعزيز قدرة المطارات على جذب الاستثمارات وتحقيق الاستدامة المالية من خلال تحسين الكفاءة التشغيلية.”

وذكر لـ”العرب” أن مصر تشهد توجها قويا نحو تطوير قطاع الطيران المدني في ظل النمو الملحوظ في حركة السياحة والركاب، وأدركت الحكومة أن تحديث البنية التحتية وتحسين الخدمات المقدمة يتطلبان استثمارات ضخمة لا يمكن تحملها من القطاع العام وحده.

109.2

مليون مسافر تستهدف الحكومة استقبالهم عبر 24 مطارا منتشرة بالبلاد بحلول العام 2030

وأشار إلى أن نتيجة لذلك، جاءت فكرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص باعتبارها الحل الأمثل لتلبية احتياجات القطاع دون تحميل الدولة أعباءً مالية إضافية.

وتكمن أبرز فوائد خصخصة المطارات في إدخال التكنولوجيات الحديثة، وأيضا تطوير أنظمة الأمن، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمسافرين.

ومن خلال الشراكة مع المستثمرين، تتمكن الحكومة من تحسين عمليات التشغيل وتقليل الفاقد في الإيرادات الناتج عن ضعف الأداء في بعض المطارات، مثل تلك التي تفتقر إلى البنية التحتية الحديثة.

وأكد الخبير الاقتصادي أشرف غراب أن خطة خصخصة المطارات خطوة هامة لتطوير قطاع الطيران، ويتوقف نجاحها على مجموعة من العوامل التي يجب أن تتعامل معها الحكومة بعناية.

وأشار لـ”العرب” إلى أن من بين هذه العوامل الشفافية في التعاقدات، وأن تتم الشراكة بين القطاعين العام والخاص بوضوح لضمان عدم تعرض الدولة لخسائر، وتحقيق أعلى استفادة للمواطنين والمستثمرين.

وطالب بضرورة أن تتمتع مصر ببيئة جذابة تضمن تدفق الاستثمارات من القطاع الخاص، ويشمل ذلك تحسين التشريعات وتسهيل الإجراءات القانونية والإدارية.

ويرى أن تطوير المطارات يتطلب إدخال التكنولوجيا الحديثة في أنظمة السلامة وخدمات المسافرين لتلبية معايير الجودة العالمية، ويتعين على الشركات الخاصة التي ستتولى إدارة هذه المطارات أن تكون قادرة على تقديم خدمات تعزز تجربة المسافرين.

وعلى الرغم من خطوة خصخصة المطارات، لكن يجب أن تظل الحكومة قادرة على مراقبة الأداء وتطبيق المعايير التنظيمية لضمان حماية مصالح المواطنين وأمنهم.

ومع أن الحكومة اختارت تنفيذ خطة الخصخصة على نطاق واسع، إلا أن البعض يعتقد أن الأفضل البدء بمطار واحد أو اثنين كتجربة أولية، لتقييم مدى نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص قبل التعميم.

أشرف غراب: نجاح الخطة رهين بالشفافية والتعاون مع كيانات مبتكرة
أشرف غراب: نجاح الخطة رهين بالشفافية والتعاون مع كيانات مبتكرة

وتعتمد هذه الفكرة على الفوائد التالية، منها التقييم التدريجي إذ يمكن للحكومة قياس مستوى النجاح والتحديات التي قد تواجهها، وهذا يتيح لها تعديل الإستراتيجيات وتطوير حلول فعّالة قبل توسيع التجربة إلى باقي المطارات.

كما أن تجربة الخصخصة على نطاق محدود تسهم في تقليل المخاطر المالية والتنظيمية التي قد تنشأ عند تعميم الفكرة، وإذا كانت هناك أي مشاكل مع مطار معين فإن تأثيرها سيكون أقل.

وينبغي إدراك أن كل مطار من المطارات المدرجة في الخطة له خصائص واحتياجات مختلفة، وقد يتطلب بعض المطارات استثمارات أكبر من غيرها أو تحسينات خاصة، ومن هنا البدء بمطار فردي يتيح تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة.

ويؤكد محللون أنه عندما تكون التجربة محدودة، تزداد المنافسة بين الشركات الخاصة الراغبة في الاستثمار في المطار، مما يسهم في تحسين الخدمة والكفاءة التشغيلية.

وربما تكون ثمة تحديات قد تواجهها الحكومة في تنفيذ هذه الخطط، منها أن يواجه المشروع مقاومة من بعض العاملين في المطارات الذين يخشون فقدان وظائفهم أو تحسين ظروف عملهم بعد الخصخصة، لكن هذا لن يعرقل الخطة على الإطلاق.

ومن المهم، بحسب الأوساط الاقتصادية المحلية، أن يتم التعامل مع هذه المخاوف بحذر من خلال برامج تدريبية وتأهيلية.

10