مصر تستقطب الدولار من بوابة المشاريع الصغيرة

خمسة بنوك محلية تسعى لاقتراض حوالي 560 مليون دولار من جهات دولية.
الاثنين 2023/10/23
ألو.. محتاج دعم، ألديكم سيولة!

تخطط بنوك مصرية، في سعيها إلى زيادة محفظتها الدولارية، للتوسع في الاقتراض الخارجي لتصبح نافذة جديدة لتدفق العملات الصعبة، باعتبارها أداة سهلة ومنخفضة الكلفة وسط عوامل أخرى مشروطة أدت إلى تفاقم التضخم، خاصة الاستدانة من صندوق النقد الدولي.

القاهرة - تسعى مصر إلى تنشيط التدفقات الدولارية بكل السبل لتكوين احتياطي يساعدها على توفير العملات الأجنبية حال قررت خفض سعر صرف الجنيه مرة أخرى في الأشهر المقبلة لمواصلة برنامجها الإصلاحي مع صندوق النقد الدولي.

وتقدمت بنوك الأهلي والقاهرة والتجاري الدولي والمصري لتنمية الصادرات بطلب إلى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار للحصول على قروض بنحو 325 مليون دولار لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة.

وبالتوازي مع ذلك يعتزم بنك مصر اقتراض 235 مليون دولار من مؤسسة التمويل الدولية لتمويل المشاريع نفسها.

وتتجه البنوك المحلية إلى الجهات الدولية المانحة الدولية للاستحواذ على حصة من القروض والتسهيلات الائتمانية لجذب العملات الأجنبية للسوق المحلية والاستفادة من السيولة التي ترصدها تلك المؤسسات لهذا القطاع بالبلدان النامية.

عمرو شيحة: تمويل الكيانات المستهدفة مضمون مع تحويله إلى الجنيه
عمرو شيحة: تمويل الكيانات المستهدفة مضمون مع تحويله إلى الجنيه

ومن المتوقع نجاح البنوك في الحصول على ذلك التمويل الدولاري بعدما غيرت نظرتها لها وتتوسع في إقراض الجهات المصرفية في مصر مع بدء تفعيل وثيقة سياسة ملكية الدولة والتخارج التدريجي للدولة من النشاط الاقتصادي.

وتؤكد الخطوة ذكاء الحكومة في طَرق الأبواب المختلفة التي من شأنها دخول الدولار إلى السوق المحلية دون اشتراطات صعبة وفائدة ميسرة ومدعومة.

وفي هذه الحالة لا تتعدى الفائدة 3.5 في المئة، بالمقارنة مع الاقتراض الحكومي من الخارج بفوائد تصل إلى نحو 12 في المئة مثل الطرح الأخير لسندات الباندا والذي اقتصر على مستثمرين من الصين.

وأوضح خبراء أنه رغم خفض التصنيف الائتماني للبنوك المصرية، فإن ذلك لن يعيق مساعيها للحصول على التمويلات، لأن هذا الوضع مؤقت وليس نابعا عن أزمة مصرفية، كما أن المؤسسات البنكية لم تتخلف عن سداد أيّ قروض تلقتها من الجهات العالمية.

وخفضت وكالة موديز تصنيف الودائع المصرفية طويلة الأجل لخمسة بنوك هي الأهلي ومصر والقاهرة والتجاري الدولي والإسكندرية، ووضعتها قيد المراجعة منذ مايو الماضي، وجاء القرار بعد خفض تقييم مصر هذا الشهر إلى المنطقة غير المرغوب فيها.

ويعكس التصنيف الحالي للبنوك أزمة العملات الأجنبية وتدهور الأوضاع المالية والبيئة الاقتصادية التي تعمل بها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وسبّب ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة ضغوطا كبيرة على أرباح البنوك وجودة أصولها ورأس المال الاحتياطي لديها، ومثل تحديا لقدرتها على الوفاء بالتزاماتها بالعملة الأجنبية.

7

سنوات مدة سد الفجوة بين الدولار والعملة المحلية كونها تتطلب تدفقات بنحو 100 مليار دولار، حسب تصريحات سابقة للسيسي

واستمرت سيولة العملات الأجنبية بالنظام المصرفي في التدهور هذا العام مع اتساع صافي الالتزامات الخارجية في البنوك العاملة بالسوق المحلية إلى أكثر من 16.5 مليار دولار في أغسطس الماضي.

وقال علي حمزة رئيس جمعية المشروعات الصغيرة بأسيوط لـ”العرب” إن “التمويلات الدولارية التي تحصل عليها البنوك لإقراض المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر متاحة بشكل دائم لدى المؤسسات الدولية، لكن لم يكثر الطلب عليها في الماضي مثل الفترات الحالية”.

وأضاف حمزة، وهو عضو مجلس إدارة اتحاد المستثمرين، لـ”العرب” إن “الجهات الدولية المانحة ترى أنه من مصلحتها إقراض البنوك المصرية من أجل التوسع في تمويل القطاع الخاص كي تنجح خطة تمكينه وقدرته على الاستمرار في الأسواق”.

ومع أن البنوك هي التي ستحصل على القروض الأجنبية، لكنها لن تدخل في خزائنها، وسيتم توجيهها إلى البنك المركزي لدعم الاحتياطي من النقد الأجنبي أو للمساهمة في سد نسبة من الفجوة الدولارية.

ولدى مصر فجوة دولارية تتراوح بين 20 و30 مليار دولار، وسدها يتطلب مدة تمتد بين 5 و7 سنوات كونها تتطلب تدفقات بنحو 100 مليار دولار، حسب تصريحات سابقة للرئيس عبدالفتاح السيسي.

ويسعى المركزي لتوفير الدعم اللازم للبنوك الراغبة في الحصول على قروض بالدولار، خاصة أنه توجد إجراءات وخطوات تتطلب موافقته واعتباره ضامنا وطرفا أساسيا في هذه العملية، كما يعتبرها سيولة تتدفق لخزينته بالعملة الصعبة من دون عناء.

علي حمزة: البنوك تتسابق لتلقي الدولارات مع مرونة المؤسسات
علي حمزة: البنوك تتسابق لتلقي الدولارات مع مرونة المؤسسات

وعندما يحين سداد فوائد القروض يكون المركزي ملتزما بمنحها للبنوك لسدادها حال عدم وفرة الدولار لديها، وقد يتم الاتفاق بينهما على التزام البنك المركزي بتوفير الاستحقاقات الدولارية عندما يحين الدفع حتى لو أتيحت العملة الخضراء بالبنوك المقترضة.

ويشير عمرو شيحة عضو جمعية شباب الأعمال في بورسعيد إلى أن الخطوة التي تقوم بها البنوك إيجابية لاستقطاب الدولار عبر توجيهها للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إذ ستقوم بتحويل الدولارات إلى الجنيه ثم تمنح الكيانات الراغبة قروضا بالعملة المحلية.

وذكر لـ”العرب” أن توجيه قيمة القرض للغرض المستهدف منه مضمون، كما ينبغي أن يظهر أثر التمويلات على المشاريع من خلال الدعم المالي أو التكنولوجي.

وقال إن “هذه المشاريع تلعب دورا أساسيا في مد الشركات الكبرى بالخامات، وهما مكملان لبعضهما ولا يمكن إهمال أيّ منهما”.

وتواجه البنوك المحلية أزمة عملة حقيقية ولا تستطيع توفير احتياجات عملائها من الدولار، لذلك يتخذ المركزي تدابير من شأنها تحجيم استخدام العملة الصعبة.

وكان آخرها توجيه البنوك العاملة بالبلاد بفرض قيود على استخدام بطاقات الائتمان في المعاملات بالعملات الأجنبية في الداخل والخارج، بعد أيام قليلة من فرض قيود على بطاقات الخصم أيضًا.

وتسبب عدم حدوث تقدم ملموس في برنامج الإصلاح الاقتصادي، وخاصة بشأن سعر صرف الجنيه وشح العملات الأجنبية، إلى إرجاء صندوق النقد بطلب من السلطات أول مراجعتين لبرنامج قرض قيمته 3 مليارات دولار.

وشددت المديرة العامة لصندوق كريستالينا جورجييفا في تصريحات لها مؤخرا على أن القاهرة في حاجة إلى المضي في خفض آخر لقيمة العملة وإلا فإنها تخاطر باستنزاف احتياطياتها.

ويتوقع بنك أتش.أس.بي.سي أن ينخفض الجنيه بنسبة 25 في المئة أمام الدولار ليصل إلى 37.5 جنيه للدولار مع نهاية الربع الأول من العام المقبل و40 جنيها للدولار بنهاية الربع الثاني.

11