مصر تستعين بسويسرا لجذب الاستثمارات الأجنبية

يُجمع خبراء اقتصاد على أن الاتفاق الذي أبرمته مصر مع سويسرا في مجال الترويج وجذب الاستثمارات الأجنبية من أهم سبل التعاون بين البلدين، وهي خطوة ترمي إلى تحقيق الكثير من الأهداف للسلطات عبر بوابة تدفق رؤوس الأموال الخارجية المباشرة.
القاهرة - قررت الحكومة المصرية الاستعانة بخبرات سويسرا لتسريع تطوير قطاع المشاريع المتوسطة والصغيرة، ودعم خطتها للتغلب على أزمة شح العملة الأجنبية، لكن لا توجد خارطة واضحة في المجال المستهدف تعزز استقطاب الأجانب.
وتكمن أهمية الاستعانة بسويسرا في أنها توفر المستثمر الأجنبي لدخول السوق المصرية، وسيحدد المجال، الذي يتخصص فيه مع إمكانية مشاركة مستثمرين محليين. ويتطلب ذلك إحصائيات كافية عن أي مجال يقع عليه اختيار الأجنبي.
واتفق الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار حسام هيبة مع وزيرة الشؤون الاقتصادية في سويسرا هيلين بودليجر مؤخرا على تفعيل مذكرة تفاهم للترويج للاستثمارات المصرية في الخارج مع التركيز على المشاريع المتوسطة والصغيرة.
وتستهدف القاهرة جذب حوالي 25 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال خمس سنوات، بحسب هيبة، ولذلك تطرق أبوابا عديدة لتحقيق مبتغاها.
ويراهن المسؤولون على جذب استثمارات جديدة من سويسرا لكون مصر سوقا استهلاكية كبيرة ولانخفاض أسعار الطاقة وحزم الحوافز التي توفرها للمشاريع الإستراتيجية، وتوفير الرخصة الذهبية، والنفاذ إلى أسواق أفريقيا في إطار اتفاقية التجارة الحرة القارية.
ويصل حجم الاستثمارات السويسرية في مصر إلى 2.1 مليار دولار في 433 مشروعا، وفق بيانات وزارة التجارة والصناعة، وهو رقم صغير ترى القاهرة أنه يجب أن يتضاعف بالنظر إلى قوة اقتصاد سويسرا والكيانات العاملة هناك وتمتعها بنظام مالي متين.
وتعد سويسرا في مقدمة دول العالم التي تشجع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ما نتج عنه وصول نسبة هذه المشاريع إلى أكثر من 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتستحوذ هذه النوعية من المشاريع في مصر على ما يقرب من 65 في المئة من هيكل الاقتصاد المحلي، وفق الاتحاد العام للغرف التجارية.
وقال رئيس لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة بجمعية رجال الأعمال المصريين حسن الشافعي إن “تجربة سويسرا في الترويج للاستثمار من أنجح التجارب عالميا”.
وأضاف لـ”العرب” إنه “حال نجحت مصر في نقل تجربة سويسرا تكون قطعت شوطا كبيرا في دعم القطاع الصناعي في البلاد، خاصة أن تجربة سويسرا ملهمة، حيث تستحوذ المشاريع المتوسطة والصغيرة على 96 في المئة من صادرات سويسرا".
ويرى خبراء أن سويسرا من الدول التي حيرت العالم، فمع مساحتها الصغيرة وعدد سكانها القليل فاقت دولا متقدمة في صادراتها ومد العالم بالخامات اللازمة للتصنيع.
وتسعى مصر إلى الاستفادة من الخبرات السويسرية في البلاد، وحددت وزارة الصناعة نحو 152 فرصة استثمارية أمام مجتمع الأعمال السويسري الأيام الماضية من أجل بدء التصنيع في البلاد وتوفير احتياجات القطاع الصناعي من مدخلات الإنتاج.
ورغم ارتفاع مساهمة المشاريع المتوسطة والصغيرة في مصر، لكنه غير فاعل، إذ تستحوذ تجارة الجملة والتجزئة على النسبة الأكبر منها بنحو 59 في المئة يليها نشاط الصناعات التحويلية بمعدل 14 في المئة وأنشطة أخرى 8 في المئة، وفق الاتحاد العام للغرف التجارية.
◙ 2.1 مليار دولار حجم الاستثمارات السويسرية في 433 مشروعا بالسوق المصرية
وأشار الشافعي إلى أن الاقتصاد السويسري نجح في أن يعتمد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن نقل تجربتها مرهون بتهيئة مناخ الاستثمار لمواكبة التطور في هذا القطاع.
وأكد أن مصانع مصرية كبيرة مثل السويدي للكابلات ومجموعة العربي أبلغت جمعية رجال الأعمال بضرورة التوسع في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، لأنهم يواجهون أزمات عديدة بسبب نقص مدخلات الإنتاج التي هي دور ذلك القطاع.
وتشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة إحدى ركائز التنمية الاقتصادية في الدول المتقدمة أو النامية، وحسب الإحصائيات تشكل 95 في المئة من إجمالي المشاريع في العالم.
ويرى مجدي شرارة، عضو لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجمعية مستثمري العاشر من رمضان، أن الاستعانة بسويسرا للترويج للاستثمار في مصر من الخطوات الناجحة لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن نقل تجربة سويسرا في نمو الاستثمارات أو تطوير المشاريع المصرية يصطدم بالبيروقراطية العتيقة التي تعطل هذه النوعية من المشاريع في السوق المحلية.
ونقل التجربة السويسرية يتطلب وجود جيل من الشباب لديه الرغبة في أن يكون من رجل الأعمال بمعنى أن يفتتح مشروعا ويسعى ليكون ناجحا ولديه رغبة في أن يصبح مشروعه كبيرا.
ويتطلب الوصول إلى ذلك نوعا من التربية والتدريب للأجيال الحالية وهو غير متوفر في البلاد، لكن يمكن مواجهة ذلك عبر تدشين حضانات أعمال من أجل اكتساب الخبرة في إدارة الأعمال.
ولفت شرارة إلى أن الدولة ترغب في خفض الاستيراد وزيادة الإنتاج المحلي، ولذلك تلجأ إلى سويسرا للترويج كخطوة لتوطين الصناعة.
وينبغي على السلطات توفير خارطة أو إحصائيات رسمية بمدى حاجة البلاد إلى الصناعات الصغيرة أو المتوسطة اللازمة التي توفر الخامات للمصانع الكبيرة كما هو الحال في البلدان المتقدمة.
ويجب توفير دراسات جدوى للمستثمرين الراغبين في تأسيس مشروعات جديدة في مصر، حال تم استقطابهم عبر الترويج الجديد مع تسهيل التمويلات المصرفية حال رغبوا، لكن الحكومة تراهن على أن لديهم السيولة اللازمة لتشغيل المشاريع.
ويمكن الاستعانة بتجربة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للمستثمرين المتعاملين معه، حيث يُعين مستشارين يعدون دراسات الجدوى بأسرها وأساليب التمويل مقابل تحمل 75 في المئة من التكاليف، فيما يتحمل صاحب المشروع 25 في المئة من التكلفة.
وفشلت معظم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر السنوات الماضية، وتعطل بعضها لغياب التسويق، ومن أبرز الدلائل منطقة الألف مصنع بالقاهرة الجديدة.
وتكمن أهمية التجربة السويسرية في أنها قامت بتدشين شركات تسويق عملاقة تقوم بشراء المنتجات من المصانع بالبلاد ثم تبيعها، ونفس الخطة قامت بها الحكومة اليابانية.
وتلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دورا حاسما في مواجهة البطالة لقدرتها على استيعاب العمالة نصف الماهرة وغير الماهرة، لأنها تتكفل بالتدريب اللازم لرفع مهارات العاملين فيها.
ومن أهم الثمار الناشئة عن وجود قطاع قوي لها هو تعزيز معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ونمو حجم الصادرات وتحسين التنافسية وزيادة النشاط وتحقيق طفرة غير مسبوقة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.