مصر تستعين بالعقارات لزيادة الصادرات

خطة حكومية لتسهيل بيع الوحدات السكنية للأجانب والمغتربين لتعزيز تدفق الدولارات.
الجمعة 2024/09/27
لا نهاية للطموحات

قررت مصر الاستعانة بالقطاع العقاري لزيادة الصادرات عبر وضع ضوابط من شأنها تيسير بيع الوحدات السكنية للأجانب، ما يفتح نافذة جديدة لتدفق العملات الصعبة ويسهم في تحقيق هدف الحكومة الرامي إلى تحقيق 145 مليار دولار.

القاهرة - تعول الحكومة المصرية على تصدير العقارات لتحقيق رواج في مختلف أنشطة الاقتصاد ضمن خطتها الجديدة لزيادة الصادرات، بهدف تعزيز جذب الدولار، لكن خبراء يعتبرون ذلك خطة مؤقتة وغير مستدامة.

وتتضمن فكرة تصدير العقارات تسويق المشاريع بالجنيه للزبائن المهتمين بالشراء والذين يعيشون في الخارج، ويتم الدفع بالدولار. وتأتي الخطوة بعد تأسيس عدد من المدن الجديدة التي تحوي وحدات سكنية وإدارية وتجارية تتطلب أفرادا لديهم السيولة المالية الكبيرة والقدرة على الشراء الجادة وفي مقدمتهم المغتربون أو الأجانب.

ويدرس البنك المركزي ووزارة الإسكان وضع ضوابط لبيع الأراضي والوحدات العقارية بالدولار، كأحد الآليات التي تسمح بتدفق عملة صعبة. وحسب تصريحات، مساعد وزير الإسكان عبدالخالق إبراهيم تسعى الحكومة للتوسع في مبيعات العقار للأجانب والمغتربين بالعملات الأجنبية.

وقال الخبير العقاري آدم زيان إن “التصدير من الأولويات المهمة التي ينبغي التركيز عليها، لكن يجب منحه أولوية أكثر، باعتباره يجر خلفه تصدير صناعات عديدة”.

وأضاف لـ”العرب” إن نجاح الخطوة “يعني زيادة تصدير منتجات أخرى وهي كل المواد التي يشملها العقار، مثل الحديد والإسمنت، فضلا عن الأجهزة الكهربائية وغيرها”.

وتكمن أهمية تصدير العقار في أنه يعزز من ضخ العملة الصعبة، ويستلزم أن يقوم الأجانب بتجهيز الوحدات السكنية التي يقومون بشرائها ما يدفعهم إلى تحويل الدولار إلى الجنيه وذلك بمثابة زيادة الطلب على الجنيه ومن ثم هي خطوة تدعم العملة المصرية.

ويرى محللون أن نجاح ذلك المحور يعزز نشاط المصانع وتشغيلها أيضا، إذ لا يقتصر الأمر على بناء وحدة سكنية أو عقار فقط، بل هي منظومة متكاملة تجر خلفها مختلف قطاعات الصناعة وزيادة فرص التوظيف ورواج الأسواق.

آدم زيان: تصدير العقارات يعني حتما تصدير كل منتجات البلاد
آدم زيان: تصدير العقارات يعني حتما تصدير كل منتجات البلاد

ولا يعد تصدير العقار خطوة يسيرة بل تستوجب الترويج الدقيق في دول مثل الولايات المتحدة وكندا والعديد من الدول الأوروبية، كونها تضم الكثير من الجاليات المصرية والعربية التي تفضل زيارة مصر.

وتعد هذه فرصة لترويج تصدير العقار المصري خاصة في المدن الجديدة، مثل العلمين والمنصورة الجديدة والعاصمة الإدارية بالقطاع التجاري والإداري، والمدن المتوقع تشييدها الفترة المقبلة. كما أن ذلك خطوة مهمة تنعش قطاع السياحة، وتعزز من مستهدفات تحقيق 30 مليار دولار العوائد مع مساعي تدشين وحدات فندقية جديدة.

ويأتي الحديث عن تصدير العقار بينما يثار الجدل بشأن تعرض السوق لفقاعة عقارية بعد قيام عدد كبير من المصريين بالاستثمار في القطاع الفترة الماضية لرؤيتهم أنه أكثر ربحية من مجالات أخرى، لإثباته أنه أفضل مخزن للقيمة، وربما يظل ذلك قائما.

وعززت التسهيلات التي أتاحتها الشركات فيما يتعلق بالسداد خلال الفترة الماضية، من تشجيع شريحة من الأفراد على شراء الوحدات السكنية، كما انعكس تأسيس المدن الجديدة على تشجيع الاستثمار بالقطاع لتوفيرها خدمات أعلى بمستوى المعيشة والبنية التحتية.

ويستبعد خبراء حدوث انخفاض في أسعار العقارات المصرية، لأنه لا توجد مسارات بديلة أو أفضل لضخ الأموال من القطاع، وهي خطوة تشجع على الترويج وزيادة التصدير.

وقال عبدالمجيد حسن عضو جمعية مستثمري الإسكندرية إن “الاهتمام بتصدير العقار يمكن أن يدر عملة صعبة تتجاوز ما تحققه الصادرات الصناعية، لكن هذا لا يعني إغفال القطاع الصناعي، بل السير في الاتجاهين".

وأضاف لـ"العرب" إن "تصدير العقار وانتعاشه يستوجبان تأسيس مناطق ووحدات تلائم الأجانب بإتاحة نمط الحياة الذي يفضلونه، لأجل تشجيعهم على الشراء".

وأشار إلى أنه ستتواصل عمليات ضخ الأموال في القطاع العقاري حتى وجود قنوات استثمارية أخرى تثبت فعاليتها وهذا لا يتحقق إلا بوجودها وإثبات جدواها على المدى الطويل.

وتسهم المشاريع العقارية بنسبة 20 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، لترتفع مساهمة القطاع من 1.1 مليار دولار عام 2018 إلى نحو 2.5 مليار دولار بنهاية العام الماضي.

ويظل القطاع فرصة استثمارية واعدة في مصر ومخزنا للقيمة، كما أنه لا توجد فرصة لحدوث فقاعة عقارية حتى لو تراجع سعر الفائدة.

ويقول الخبراء إن الحالة المصرية لا تعتمد بشكل كبير على التمويل العقاري للمشتري أو المطور العقاري، إذ لا يعتمد المستثمرون بشكل رئيس على التمويلات والقروض.

عبدالمجيد حسن: الخطوة الجديدة مكملة مع الاهتمام بالقطاع الصناعي
عبدالمجيد حسن: الخطوة الجديدة مكملة مع الاهتمام بالقطاع الصناعي

ووفق بيانات غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، يفوق حجم صادرات العقارات عالميا 250 مليار دولار سنويا، وتستحوذ مصر على حصة محدودة تبلغ 25 في المئة، لعدم إجادة تسويق العقارات المصرية المتميزة والمتنوعة بالشكل الأمثل.

ويعارض خبراء فكرة أن ينصب التركيز على تصدير العقار لتعظيم صادرات البلاد، خاصة حال نفاد العقارات والأراضي، فضلا عن عدم تحقيق عوائد ومنافع اقتصادية ملموسة منه خلال السنوات الماضية.

ويطالب المحللون بالتركيز على الصناعة والاستثمارات الأجنبية بصورة أكبر، كون ذلك أكثر استدامة لتحقيق صادرات أكبر وتوفير حالة من الرواج والانسيابية في الأسواق، وكذا القدرة على جلب أكبر قدر من العملة الأجنبية.

ووضع هؤلاء خطة مهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة تضاف إلى الجهود التي تسعى إليها وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، لأجل جذب استثمارات أجنبية قادرة على الوصول بالصادرات إلى 145 مليار دولار.

وتشمل الخطة الناجزة لزيادة الصادرات محاور أبرزها، زيادة تشغيل الطاقات الإنتاجية للمصانع كمحور أول بالتنسيق مع مجتمع ومنظمات الأعمال مثل اتحاد الصناعات واتحاد المستثمرين بالتغلب على أية عراقيل تعوق تشغيل المصانع.

ويلعب تحفيز المصانع على التوسع وضخ الاستثمارات الجديدة عبر حل مشكلاتها وتوفير التمويل الميسر دورا حاسما في تعزيز ورفع طاقاتها الإنتاجية.

ومن المحاور المهمة لنمو الصادرات واستدامتها السعي الدائم لجذب الاستثمارات الأجنبية الجديدة في أنشطة تكنولوجية حديثة لتحقيق مستهدف التصدير المطلوبة.

وتبذل الحكومة جهودا حثيثة لجذب مختلف الاستثمارات الخليجية والأوروبية والآسيوية وهو ما يتضح من التدفقات الصينية واليابانية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما تمت ترجمة ذلك مؤخرا عبر ضخ صندوق الثروة السعودي استثمارات بنحو 5 مليارات دولار.

10