مصر تستعين بالبنك الدولي لبث الثقة في برنامج الطروحات

الاتفاق يؤكد نجاح القاهرة في إقناع المؤسسات العالمية بالقيمة الحالية للجنيه
الجمعة 2023/06/23
قائمة الشركات لم تكتمل بعد

دخلت مصر في شراكة مع البنك الدولي في مجال الخدمات الاستشارية والدعم الفني لبرنامج الطروحات الحكومية لمساعدتها في تسريع عمليات البيع وبث الثقة في البرنامج الاقتصادي الطموح، والذي تراهن عليه لجذب المزيد من الاستثمارات وحل أزمة شح العملة.

القاهرة - قررت الحكومة المصرية الاستعانة بخبرات مؤسسة التمويل الدولية (آي.أف.سي)، وهي أحد الأذرع الاقتصادية المهمة للبنك الدولي، في إدارة ودعم برنامج إدراج كيانات مملوكة للدولة في البورصة.

وأعلنت القاهرة أخيرا عن توقيع اتفاق ستقدم بموجبه مؤسسة التمويل المشورة لها فيما يخص البرنامج الاقتصادي لتطوير إستراتيجية فعالة لبيع الأصول الحكومية وبعض الكيانات التابعة للقوات المسلحة، بعد تعثرها الفترة الماضية لأسباب مختلفة.

ومن المتوقع، وفقًا للاتفاقية الجديدة، أن تضع المؤسسة إستراتيجية لبرنامج الطروحات الحكومية، وتقديم المساعدة للقاهرة في عملية هيكلة وإعداد الشركات المستهدف طرحها للقطاع الخاص وتحسين حوكمة الكيانات، فضلاً عن توفير الدعم اللازم لأجل تنفيذ الصفقات المتفق عليها.

وتتابع مؤسسة التمويل الدولية عن كثب التقدم في تنفيذ الاتفاقية مع مكتب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط، في خطوة تؤكد إيمانها بإمكانية تحويل اقتصاد مصر إلى النجاح وتطويره بأفضل شكل ممكن.

وتهدف الخطة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر عبر المؤسسة التابعة للبنك الدولي، إذ تسعى آي.أف.سي بالتعاون والتنسيق مع الحكومة لجذب ملياري دولار من الاستثمارات الخاصة.

وتوقعت مؤسسة آي.أف.سي أن تستقبل مصر استثمارات كبيرة من الخارج، بما في ذلك من المؤسسة نفسها، إذ تدرس مضاعفة تعهداتها العام المقبل في سبيل دعم إستراتيجية الحكومة المصرية في القطاع الاقتصادي.

إبراهيم الحدودي: تعزيز جذب المستثمرين الأجانب أحد إيجابيات هذه الشراكة
إبراهيم الحدودي: تعزيز جذب المستثمرين الأجانب أحد إيجابيات هذه الشراكة

ورغم إيجابية الخطوة وما تبثه من أمل وثقة وإمكانية تجاوز الأزمة الراهنة، لكن يرى البعض من الخبراء أن الاتفاق يعد دليلا على فشل الحكومة الحالية في إدارة برنامج الطروحات.

وتبرر الأوساط الاقتصادية ذلك لعدم قدرة السلطات على عقد صفقات كبيرة أو مأمولة تسهم في انتشال الاقتصاد من أزمته الخانقة أو توفير الدولارات، مع أنها أعلنت أكثر من مرة تعيين مستشارين من كبار بنوك الاستثمار المحلية والأجنبية.

كما تؤكد الخطوة عدم نجاح الجولات الترويجية للصندوق السيادي ووزيرة التخطيط هالة السعيد خلال فبراير الماضي في الأسواق الخليجية وشملت الإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان.

وكانت السلطات قد راهنت على تلك الجولة لتسريع برنامج الطروحات الحكومية، وهو ما لم يتحقق عمليًا وتبعته أزمات متتالية من ارتفاع في نسبة التضخم وتوغل أكبر للسوق السوداء لتجارة العملة.

ويلعب التاريخ الطويل لمؤسسة التمويل الدولية التي تأسست في 1956 من مساعدة الحكومات دورًا كبيرًا في جذب الاستثمارات من القطاع الخاص لمبيعات الأصول المملوكة للدولة المصرية.

وساعدت المؤسسة دولا مثل كينيا والبرازيل والكاميرون في بيع الأصول الحكومية، وربما يطلق قيام المؤسسة بدور المستشار الإستراتيجي للقاهرة لدعم بيع الأصول العنان لإمكانات القطاع الخاص لبناء اقتصاد مستدام ومرن وشامل في البلاد.

وتأمل مؤسسة آي.أف.سي أن تكون الاتفاقية الموقعة مع مصر بمثابة نموذج يمكن تكراره في أسواق ناشئة أخرى.

وتعد الاتفاقية هي الأولى التي جرى توقيعها ضمن اتفاقية الشراكة القُطرية بين مصر والبنك الدولي 2023 – 2027، وتهدف إلى دعم برنامج الإصلاح الحكومي فيما يخص الكيانات المملوكة للدولة، وحشد رأس المال الخاص.

وتأتي استعانة الحكومة بمؤسسة التمويل الدولية كوسيلة جديدة لتسريع برنامج بيع وطرح الشركات الحكومية بالبورصة المصرية، ومنح الثقة لهذا البرنامج الذي تأخر كثيرًا وتسبب في احتداد أزمة شح العملة الأجنبية في البلاد.

ويؤكد نجاح السلطات المصرية في اختيار البنك الدولي من خلال إحدى مؤسساته المعروفة أن البرنامج تتم مراجعته من قبل كيان عالمي كبير ومن ثم سهولة جذب الاستثمارات الأجنبية ولفت الصناديق السيادية.

وقال خبير الاستثمار المصري إبراهيم الحدودي إن “الحكومة تبذل جهودا حثيثة لتعزيز برنامج الطروحات كونها تراهن عليه لإقالتها من عثرتها من أجل إظهار أنها قادرة على توفير العملة الصعبة وسد فجوة التمويل أمام المجتمع الدولي للظهور بصورة اقتصادية أفضل”.

ولتشجيع البرنامج أيضا أنشأت الحكومة وحدة للطروحات برئاسة مجلس الوزراء مؤخرا، وتسعى للانتهاء من تشكيلها.

وتظهر المؤشرات أن التشكيل يضم المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان، ونائب وزير المالية أحمد كجوك، ورئيس مركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء أسامة الجوهري، ومساعد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية محمد عبدالعزيز.

وتختص الوحدة برفع تقرير شهري بمتابعة الطروحات بالتنسيق مع آي.أف.سي إلى جانب مستشار رئيس الوزراء ليعرضها على المجلس.

عمرو شيحة: التعاون يؤكد المعايير السليمة لإجراءات طرح كيانات الدولة
عمرو شيحة: التعاون يؤكد المعايير السليمة لإجراءات طرح كيانات الدولة

كما ستقوم بوضع جدول زمني للشركات المزمع التخارج منها تنفيذًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة، على أن يتضمن لكل شركة من البرنامج آلية التخارج بين طرح عام بالبورصة المصرية أو بيع لمستثمر إستراتيجي، والنسبة المحددة للتخارج.

وأوضح الحدودي، مدير التصدير والتسويق الدولي بشركة الصباح للصناعات الغذائية،  في تصريح لـ”العرب” أن الخطوة الجديدة من شأنها طمأنة المستثمرين الأجانب وجذبهم للاكتتاب في الشركات المزمع بيعها.

وأكد أن مؤسسة التمويل الدولية ستكون بمثابة استشاري يقيم البرنامج بشكل مجمل مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية وآليات السياستين النقدية والمالية.

ولا يوجد تعارض بين تعاون الحكومة مع مؤسسة التمويل الدولية وتعيين مستشارين للبرنامج من شركات الترويج المختلفة، خاصة أن الثانية دورها البحث عن مشترين ومنفذين للصفقات، ومن ثم فدور كل منهما مكمل للآخر.

واعتبر عمرو شيحة عضو جمعية مستثمري بورسعيد أن دخول البنك الدولي في الاتفاق يعني أن برنامج الطروحات الحكومية في مصر تم بناؤه وفق أسس ومعايير سليمة، كما أن البلاد لا تواجه مشكلة في تحديد القيمة العادلة للجنيه.

وقال لـ”العرب” إن “الدور الاستشاري لمؤسسة التمويل الدولية ينصبّ على القيمة العادلة للشركات، وهي مقومة بالعملة المصرية بوضعها الحالي، ولن تمول برنامج الطروحات الحكومية بل تدعمه وتساعد في تسويقه بشكل أكبر”.

وتتعدد مجالات التعاون بين مؤسسة آي.أف.سي ومصر، حيث تشمل البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، والرعاية الصحية.

وينسجم ذلك مع حرص القاهرة على الاستمرار في تعزيز الإصلاحات الهيكلية، فالاتفاق مع مؤسسة التمويل الدولية يساعد على تعزيز دور القطاع الخاص، وتوفير مناخ إيجابي لكافة المستثمرين وأسواق المال العالمية واستقطابها للأسواق المحلية.

11