مصر تستعين بأسواق اليوم الواحد لمواجهة التضخم

قررت مصر الاستعانة بـ"أسواق اليوم الواحد" لتقليص الزيادة الحالية في أسعار الكثير من السلع الغذائية، بعد رفع أسعار الوقود في يوليو الماضي، والتي تسببت في زيادة تكاليف الإنتاج الزراعي والأسمدة والنقل، في تأكيد على مدى الضغط الذي خلفه التضخم الجامح.
القاهرة- خطت الحكومة المصرية خطوة عملية نحو مواجهة التضخم في الأسواق، خاصة بأسعار الغذاء بعد اتفاق الاتحاد العام للغرف التجارية مع مجلس الوزراء على توفير أماكن ثابتة في المحافظات والأقاليم المختلفة لتفعيل أسواق اليوم الواحد.
وتتم العملية عبر شراء كميات كبيرة من الخضروات والفواكه من المزارعين وطرحها بالأسواق في اليوم نفسه، في إطار من التنسيق بين الاتحاد والحكومة، كما تشمل التوسع في أن تشمل أغذية أخرى متعددة، مثل منتجات الألبان.
وتأتي الخطوة بدعم من بعض الجهات الأوروبية التي تقدم مساعدات، مثل هيئة المعونة الإيطالية التي حصلت عليها مصر لهذا الغرض، ما يدعم خفض الأسعار.
وبدأ مشروع أم.أي.أم.آي أسواق المزارعين في مصر بتمويل من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالية بالتعاون مع تحالف سوق المزارعين العالمي، خطة تدريبية في مصر الأيام القليلة الماضية لتوعية المزارعين بأهمية هذه السوق.
وتسعى القاهرة إلى استنساخ تجارب الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا وبنغلاديش والتشيك في هذا الصدد، حيث منعت تعطيش السوق من السلع، وشهدت نجاحات ملحوظة مع تطبيق الاشتراطات الصحية.
وتأسست سوق اليوم الواحد في بنغلاديش مثلا منذ عامين، وتوسعت لتضم 15 فرعا لمزارعين يعملون على مدار الأسبوع بشكل منتظم.
ويشترط لنجاح منظومة أسواق اليوم الواحد التكامل بين المزارعين والمستهلكين، وبناء علاقات قوية، وهو ما يتحقق من خلال الاستمرار وتحديد سعر عادل للمنتجات.
ورهن خبراء نجاح الخطوة بضرورة استمرار المعونة الإيطالية كي تتوفر السيولة لدى السلطات باستمرار لشراء السلع من المزارعين، فضلا عن أهمية الترويج الملائم لهذه الأسواق لجذب المستهلكين، خاصة أنها فكرة جديدة في مصر، وسوف تشهد منافسة مع كبار التجار.
وقال الأمين العام للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية علاء عز إن “فكرة سوق اليوم الواحد تهدف إلى توفير السلع بأسعار مخفضة في الأسواق عبر اتفاق مع الحكومة”.
وأضاف لـ”العرب” إنه “في سببل مواجهة التضخم تم التوصل لاتفاق مع الحكومة أيضا على إقامة معارض دائمة للسلع تختلف باختلاف المواسم، بحيث تكون المنافذ دائمة والسلع هي المتغيرة، وستكون تحت إدارة الغرف التجارية”.
ويقوم الاتحاد بتوفير مختلف المعارض للسلع سواء الغذائية أو الأدوات المدرسية منذ عشرة أعوام بالتعاون مع وزارات التموين والتجارة الداخلية والاستثمار والتنمية المحلية، بهدف توفير السلع بأسعار مخفضة، لكن ثمة حاجة ملحة لها حاليا مع ارتفاع الأسعار.
وتدفع المعارض وأسواق اليوم الواحد المحلات المجاورة لها للبيع بأسعار مخفضة لتتمكن من بيع وتسويق بضاعتها، ما يقود بقية المحلات للبيع بأسعار أرخص، وبالتالي تحدث سلسلة من الهبوط السعري بالأسواق.
وما يميز المعارض الحكومية أن السلع تأتي من المنتج أو المصنع وتوجه بشكل مباشر إلى منافذ البيع بالمعارض، حيث تتحمل الغرف التجارية تكاليف إنشاء وإدارة المنافذ، كما توفر السلطات الأماكن والإنارة والحراسة وأعمال النظافة.
وأشار عز إلى وجود خطة للسيطرة على التضخم بالاتفاق مع السلطات، لذلك “نُسرع في تنفيذ أسواق اليوم الواحد والتي سيظهر تأثيرها على الأسواق مع التفعيل القريب لها”.
وأدت قرارات زيادة أسعار الوقود الفترة الماضية إلى وضع عبء كبير على المزارعين بزيادة تكاليف النقل والحرث وحصاد المحاصيل والري، حيث يعتبر السولار هو مصدر الطاقة الرئيسي للقطاع.
ومن أبرز الخضروات والفواكه التي تشهد ارتفاعا في السوق المحلية، الطماطم والخيار والفلفل والكوسة والعنب والبامية، ما يرجعه مسؤولون لتأثر تلك الأصناف بالارتفاع الشديد في درجات الحرارة، وتراجع الإنتاجية، ومن ثم تناقص المعروض بالأسواق.
وأكد عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية أشرف خضر أن الخطوة تأتي ضمن إطار شامل لكبح التضخم ومنع الزيادة المستمرة لأسعار السلع الغذائية.
وأوضح لـ”العرب” أن مجلس إدارة الغرفة وافق بالإجماع على المخصصات المالية لإقامة معرض “أهلاً مدارس” بسلع مخفضة مع قرب بدء الموسم الدراسي لدعم المواطنين.
ولفت إلى أنه جرى عقد اجتماع بين وزير التموين شريف فاروق والاتحاد العام للغرف التجارية لتوثيق التعاون وتقديم السلع بأسعار مناسبة.
وقال خضر “لكي تُؤتي المعارض المرجو منها يجب أن تشمل كل ما تحتاجه الأسرة من سلع ومنتجات ومستلزمات الطلبة والمُعلمين، مع خصومات ملموسة”.
ويهدف المشروع الممول من الحكومة الإيطالية في مصر إلى تقديم الدعم الفني لتطوير أسواق المزارعين الجدد كأدوات فعالة لتنشيط المجتمعات الريفية وتحسين سبل العيش للأسر ودور القطاع متعدد الوظائف في توليد فوائد اقتصادية واجتماعية.
ويلتزم أم.أي.أم.آي بتعزيز ازدهار المجتمعات والاقتصادات في حوض المتوسط والمناطق الأفريقية، مثل مصر ولبنان وكينيا وتونس، والهدف الرئيسي هو توفير نظام غذائي مستدام من خلال دعم أسواق المزارعين المدارة بكفاءة.
وتأتي الخطوة الراهنة بشكل عملي، بجانب جهود السلطات النقدية التي رفعت الفائدة بشكل كبير الفترة الماضية، وتحديدا في مارس، حيث لا زالت تُبقيها عند 27.25 في المئة للإيداع و28.25 في المئة للإقراض و27.75 في المئة للائتمان والخصم.
24.9
في المئة نسبة التضخم المتوقعة لشهر أغسطس الماضي، نزولا من 25.7 في المئة خلال يوليو
وتشير التوقعات إلى إمكانية أن يتباطأ معدل التضخم في المدن المصرية إلى 24.9 في المئة على أساس سنوي لشهر أغسطس الماضي بدعم تأثير سنة الأساس من 25.7 في المئة خلال يوليو.
ومع ذلك، فمن المتوقع أن يرتفع التضخم بنسبة واحد في المئة على أساس شهري، نتيجة ارتفاع تكاليف الطاقة ووسائل النقل والتي حدثت في أواخر يوليو الماضي.
ويظل البنك المركزي ينتهج سياسة التشديد النقدي لفترة كي يتأكد من أن التضخم مستمر في التراجع، لا سيما مع الارتفاعات التي شهدتها أسعار الكهرباء والطاقة والتغيرات في أسعار كثير من الأدوية.
ورجح أعضاء في الغرف التجارية أن تتحول أسعار السلع في البلاد نحو التراجع قريبا، خاصة مع هدوء الأسعار العالمية، لا سيما وأن الغرف ترصد تحركاتها، وهناك تقارير تشير إلى أنها في طريقها للتراجع بشكل مستمر.