مصر تستعد لرفع أسعار الكهرباء والأدوية والمحروقات

القاهرة - سلّط رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الثلاثاء، الضوء على زيادة أخرى في أسعار الكهرباء والأدوية والطاقة خلال الفترة القادمة، تزامنا مع استبعاد صندوق النقد الدولي مصر من جدول اجتماعاته المقررة اليوم الأربعاء لمناقشة صرف الشريحة الثالثة من قرض بقيمة 820 مليون دولار.
وقال مدبولي في مؤتمر صحافي، عقده عقب أول اجتماع لمجلس الوزراء في تشكيلته الجديدة إنه "لا سبيل لدى الدولة سوى تعديل أسعار بعض الخدمات المقدمة للمواطنين، ضارباً المثل بالسولار (الديزل)، كونه لا يزال يباع في السوق المحلية بسعر 10 جنيهات للتر، بينما تصل تكلفة إنتاج اللتر على الدولة إلى 20 جنيهاً".
وأضاف "سوف نتحرك خلال سنة ونصف في الأسعار لسد الفجوة الموجودة"، مشيرا إلى أنه سيتم تحريك أسعار الكهرباء والمحروقات "بفروق بسيطة إلى كبيرة حتى تستطيع الحكومة الاستمرار في الاستدامة الاقتصادية".
وتعاني مصر، منذ الصيف الماضي، من أزمة في إنتاج الكهرباء، دفعت وزارة البترول إلى اتخاذ قرار بوقف صادرات الغاز الطبيعي المسال اعتبارا من مايو 2024.
وتقوم الحكومة المصرية بقطع الكهرباء بانتظام منذ عام، بسبب أزمة طاقة مصحوبة بشح في العملات الأجنبية، أدت إلى عدم توافر الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.
وعن أزمة الانقطاع اليومي للكهرباء، أفاد مدبولي بأنه كلف بعض المحافظين بإجراء تجارب على الأرض بشأن وقف خطة "تخفيف الأحمال"، من أجل قياس الاحتياجات الحقيقية والضرورية من الوقود اللازمة لتوليد الكهرباء، مستدركاً بأن "هذا ليس معناه وقف قرار مجلس الوزراء الخاص بتخفيف الأحمال، في إطار ترشيد الكميات المستهلكة من الغاز الطبيعي والمازوت".
وبخصوص أسعار الطاقة، لفت رئيس الوزراء المصري إلى أنها قد تشهد تحريكا للأسعار خلال الفترة القادمة، بعد ارتفاع آخر في مارس الماضي، ومن المقرر اجتماع لجنة تسعير الوقود خلال الشهر الجاري لتحديد أسعار المنتجات البترولية، خلال الثلاثة أشهر القادمة، بعد ما تم تشكيل تلك اللجنة منذ نحو 3 سنوات.
وتشهد مصر حالة من الترقب إزاء الإعلان عن أسعار الوقود الجديدة، ارتباطا بآلية تعديل أسعار بيع المنتجات البترولية كل ثلاثة أشهر، بعد أن أعلنت الحكومة عن تحرير دعم منتجات البنزين بصورة نهائية، وفق خطة متدرجة، حتى نهاية عام 2025.
ومن المرجح أن يرتفع سعر بيع السولار بقيمة جنيه للتر، من 10 جنيهات إلى 11 جنيهاً، وبنزين (80) من 11 جنيهاً إلى 12 جنيهاً للتر، وبنزين (92) من 12.50 جنيهاً إلى 14 جنيهاً للتر، وبنزين (95) من 13.50 جنيهاً إلى 15 جنيهاً للتر.
وتطرق رئيس الوزراء المصري أيضا إلى أزمة نقص الأدوية، وارتفاع أسعارها، بقوله إن "تحريك (زيادة) أسعار الأدوية في السوق المحلية سيكون بحسابات دقيقة، وعلى ضوء خطة لرفع الأسعار تدريجياً بداية من الشهر الجاري حتى نهاية العام الجاري، حتى يمكن القضاء على ظاهرة نقص الكثير من أصناف الدواء".
وقال مدبولي إن "الحكومة اتفقت مع شركات الأدوية على تحريك محسوب جداً، وبنسب مقبولة في أسعارها، خلال الفترة المقبلة"، مضيفاً أن "قطاع الدواء يحكمه استيراد المادة الخام اللازمة للتصنيع من دول بعينها، مع وجود أزمة سابقة في تدبير العملة الأجنبية بالسعر الرسمي، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراء تصحيحي بتوحيد سعر الدولار في السوقين الرسمية والموازية (إشارة إلى تعويم الجنيه)، الأمر الذي عرض الشركات إلى خسائر عند الإنتاج بالتكلفة الجديدة".
وفي الشهر الماضي، تم الإعلان بشكل رسمي عن رفع أسعار بعض الأدوية، مع شكوى من المواطنين جراء نقص بعض الأصناف الضرورية والهامة وخاصة للأمراض المزمنة كالضغط والسكري.
وأصدرت الحكومة في يونيو الماضي قرارا بزيادة سعر رغيف الخبز المدعم للمرة الأولى منذ عقود طويلة، من 5 قروش إلى 20 قرش للرغيف الواحد بزيادة 300 بالمئة، بعد أن تم تخفيض وزنه فقط خلال السنوات العشر الماضية، لكن تم الحفاظ على سعره إلى أن زاد في الشهر الفائت.
وتزامنت تصريحات مدبولي مع استبعاد صندوق النقد الدولي مصر من جدول اجتماعاته المقررة اليوم الأربعاء مناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض لمصر، بحسب آخر تحديث لجدول اجتماعات مجلس إدارة الصندوق.
وقبل أيام، أدرج صندوق النقد الدولي مصر على جدول أعمال اجتماعاته الأربعاء للموافقة على صرف الشريحة الثالثة بقيمة 820 مليون دولار من قرض تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي البالغة قيمته 8 مليارات دولار.
وأظهر موقع الصندوق الإلكتروني أن مصر لن تكون ضمن جدول اجتماعاته حتى 19 يوليو المقبل، بحسب آخر تحديث لموقع الصندوق.
وأعلن صندوق النقد الدولي قبل أيام أن فريق الخبراء التابع للصندوق لدى الحكومة المصرية استكمل إجراءات المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، الذي يدعمه بقرض قيمته 8 مليارات دولار، بعد الإشادة بتنفيذ مصر لحزمة الإصلاحات.
وفي أبريل الماضي، صرف صندوق النقد الدولي لمصر الشريحتين الثانية والثالثة بقيمة 820 مليون دولار من قرض مصر بعد استكمال المراجعتين المؤجلتين من مارس وسبتمبر 2023.
وبعد إعلان البنك المركزي المصري في مارس الماضي العودة إلى تحرير سعر الصرف خلال الموجة الرابعة، التي شهدت أعلى ارتفاع للدولار بنحو 60 بالمئة مقارنة بكل زيادة في الموجات الثلاث السابقة، وافق صندوق النقد الدولي على رفع قيمة قرض مصر إلى 8 مليارات دولار من 3 مليارات دولار سابقا، وصرف الشريحتين الأولى والثانية على أن يتم صرفهما على دفعات اعتبارا من مارس وسبتمبر 2023.
ويحث صندوق النقد الدولي مصر باستمرار على الالتزام بسعر الصرف المرن، وهو أهم متطلباته لضمان استمرار استكمال صرف القروض، بحيث يتم تحديد قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى وفقا لآلية العرض والطلب دون تدخل من البنك المركزي بدعم العملة المحلية.
وخفضت مصر في السادس من مارس سعر الصرف إلى نحو 50 جنيها للدولار من مستوى 31 جنيها الذي استقر بالقرب منه لما يقرب من عام. وارتفع الجنيه منذ ذلك الوقت تدريجيا.
وخلال المؤتمر الصحافي، أعلن رئيس الوزراء المصري تمسكه بوزير التربية والتعليم الجديد، محمد عبداللطيف، رغم ادعاء الأخير حصوله على شهادة الدكتوراه على خلاف الحقيقة، قائلاً "نحن لا نختار الوزراء بناءً على الشهادات العلمية، وإنما بالاستناد إلى معيار الكفاءة، والقدرة على إدارة ووضع رؤية واضحة للملف الذي سيتولى الشخص مسؤوليته".
وتابع مدبولي أن "وزير التعليم الجديد أخبره بأنه قادر على حل مشكلة الكثافة في الفصول الدراسية، والقانون في مصر اشترط حصول الوزير في الحكومة على شهادة جامعية، أما أن تكون معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات من عدمه فهذا شأن آخر".
وقال رئيس الوزراء المصري إن "الحكومة بذلت جهداً كبيراً خلال السنوات الست الماضية في تحديث المناهج التعليمية، ووضع شكل جديد لها، بداية من تولي وزير التعليم السابق طارق شوقي المسؤولية"، مستطرداً بأن "تغيير الأشخاص ليس معناه تغيير مسار التطوير، وإنما تغير التكتيك الخاص بتنفيذه، وإسراع الخطى في تنفيذ المستهدفات في مواجهة أية عراقيل".
وعن معايير اختيار الوزراء الجدد في تشكيل الحكومة، قال مدبلولي إن "عملية الترشيح يشارك فيها كل المؤسسات المعنية بالدولة، إذ يرشح رئيس الوزراء عدداً من الشخصيات لتولي بعض الحقائب، لكن في ملفات أخرى تأتي جهات في الدولة بتقييمات لمرشحين من كل المجالات، مع الأخذ في الاعتبار سابق الخبرة لكل مرشح".
وأضاف أن "القانون المصري يشترط أن يكون المرشح للمنصب الوزاري خريجا جامعياً، وأي شهادات أخرى مثل الماجستير أو الدكتوراه نعتبرها إضافية، لأن المعيار في ظل التحديات القائمة هو قدرة الشخص على الإلمام بالملف الذي سيكون مسؤولاً عنه، وامتلاكه رؤية غير تقليدية في مواجهة التحديات، ومستهدفات واضحة في العمل".
وأكمل "نحن حكومة تحديات، والخبرة العملية شيء مهم جداً، وبالتالي نحتاج إلى وزراء يعرفون الملفات الموكلة إليهم جيداً. المهم أن نأتي بأشخاص لديهم خبرة واضحة، وفي حال شعورنا بأن أحد الوزراء غير قادر على الإنجاز حينها نستطيع التدخل، وتغيير ذلك".