مصر تستعجل بيع شركات حكومية بالبورصة لتخفيف الأزمة الاقتصادية

سرعت مصر خطوات بيع شركات حكومية وتابعة للجيش في البورصة بتعديل نظام التداول الذي يساعد على تجنب التقلبات الحادة والمفاجئة بأسعار الأوراق المالية المدرجة لتكون مؤشرا يعكس حقيقة العرض والطلب، ما يضمن تنشيط السوق ومواجهة شح السيولة.
القاهرة – زادت الحكومة المصرية من تحركاتها الاقتصادية لاستكمال برنامج الطروحات بهدف مساعدتها في عملية الخروج من أزمتها وجذب شريحة جديدة من المستثمرين المحليين والأجانب.
ويأمل المسؤولون في تدفق المزيد من العملات الصعبة إلى السوق المحلية ورسم صورة إيجابية عن سوق المال في أذهان المستثمرين بدلا من شكوك أخذت تساور بعضهم، ما يرفع قيمة أسهم الشركات عند تقييمها ونجاح خطة بيع الأصول.
وطبقت القاهرة تجربة جديدة لنظام التداول من شأنها أن تعدل سعر الإغلاق اللحظي واليومي في السوق الرئيسية والصغيرة والمتوسطة.
ويستخدم هذا الأسلوب لتقييم أداء الأوراق المالية والمقارنة بينها، ويمثلان معا نقطة مرجعية لتحديد الأسعار وهو الأساس لتحديد تحركات الأسعار وتقييم أداء الأسهم والأصول ومدى التغير في القيمة السوقية.
وتنص التعديلات الجديدة بنظام التداول على وضع حد أدنى لقيمة التنفيذات وهو 10 آلاف دولار للسوق الرئيسية في ما يتعلق بسعر الإغلاق اليومي، و5 آلاف دولار لسوق الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وفضلا عن ذلك تشمل التعديلات أنه في حال عدم الوفاء بهذا الشرط يكون السعر المرجعي للورقة المالية هو سعر الإقفال اللحظي.
ودخل برنامج الطروحات الحكومية مراحل متقدمة الأيام الماضية، وتقترب شركة سيد للأدوية من دخول مساهمين جدد في هيكل ملكيتها عبر زيادة رأس المال. كما تسعى الشركة القابضة الإماراتية أي.دي.كيو التابعة لصندوق أبوظبي السيادي للاستحواذ على حصة في شركة الأسمدة المصرية كيما المملوكة للدولة.
ويُعرف سعر الإقفال اللحظي بأنه سعر تداول إحدى الأوراق المالية في يوم واحد، ويعكس ذلك السعر قيمتها في وقت معين من جلسة التداول ويستعمل في تقييم أداء السوق وحركته طوال الجلسة، وتقوم البورصة بحساب سعر الإقفال اللحظي كل نصف ساعة منذ بدء التداول وحتى جرس الإغلاق.
وسعر الإغلاق هو السعر النهائي لتداول الأوراق المالية بنهاية جلسة التداول، ويعد من المؤشرات الرئيسية لقيمة الأوراق المالية وقياس أدائها ويحدد صافي الربح والخسارة وطبيعة توجهات السوق وحركته. ويتابع المستثمرون والمتداولون سعر الإغلاق باهتمام من أجل أن يتمكنوا من اتخاذ القرارات الاستثمارية وفهم حركة السوق بوجه عام.
ويكتسب برنامج الطروحات المزيد من الزخم وسط تأكيد تقارير على تقدم محتمل في بيع أصول الدولة، وتعتزم شركتا أكتيس البريطانية وإدرا باور الماليزية شراء إحدى محطات الكهرباء المصرية الثلاث التي بنتها سيمنز الألمانية، في صفقة قد تصل إلى ملياري دولار.
ووافق مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس على طرح 20 في المئة من أسهم شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع بالبورصة، في إطار تفعيل برنامج الطروحات واجتذاب الاستثمارات الأجنبية.
وأبدى كل من الصندوق السيادي القطري ومجموعة موانئ أبوظبي الإماراتية اهتماما بالاستحواذ على حصص في الشركة بجانب حصص في شركة دمياط لتداول الحاويات والبضائع.
20
في المئة من أسهم شركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع بالبورصة، سيتم طرحها في إطار تفعيل برنامج الطروحات واجتذاب الاستثمارات الأجنبية
وتلعب التعديلات الجديدة دورا حاسما في التغلب على التلاعبات في أسعار الإقفال والفتح في جلسات البورصة، بالتالي تنظيم جلسة مزاد الأسعار التي تبدأ قبل التداولات اليومية في سوق المال وعلى أساسها تتضح حركة البورصة صعودا أو هبوطا.
وتساعد الآلية الجديدة في تنشيط سوق المال وترسم صورة إيجابية عن البورصة، كونها تعزز من سرعة حركة التداول ومعدل دوران الأوراق المالية مع تغيير أسعار الإقفال بشكل يومي حال توافقت مع شروط حجم التداول.
وتأخرت مصر في تفعيل هذه الآلية، مقارنة بالأسواق المجاورة والعالمية، ونادى بعض الخبراء بتطبيقها لزيادة حركة تداول البورصة ومنع شح السيولة بسوق المال.
وقال المحلل المصري في أسواق المال نادي عزام إن “الآلية الحالية تسرع من خطى طرح الشركات كونها أداة تنشط تداولات سوق المال، والسلطات في حاجة ماسة إلى التخلص من أجزاء من شركاتها تسريعا لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي”.
ومن شأن الأداة الجديدة أن تعجل ببيع الشركات التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية المملوك للجيش، في مقدمتها شركتا صافي ووطنية بالبورصة، وأن يتم ذلك بالتوازي مع البحث عن مستثمرين إستراتيجيين من دول الخليج العربي لشراء الحصص المزمع بيعها.
وأوضح عزام في تصريح لـ”العرب” أن الخطوة تعزز كذلك من جذب شريحة من المستثمرين الأجانب، باعتبارها كانت مطلبا من جانب المستثمرين الأفراد، وتعجل بيع الشركات الهادفة إلى مشاركة المصريين فيها خلال الفترة المقبلة.
وتسعى القاهرة لتلبية مطالب صندوق النقد الدولي وعلى الحكومة المضي قدما في القضايا المتعلقة بتقليص حجم ودور الدولة في الاقتصاد، وضمان تحقيق الحياد التنافسي بين الاستثمار الخاص والشركات المملوكة للدولة، كما يتطلب البرنامج بيع عدد من أصول الدولة.
وأكد محلل أسواق المال المصري محمد سعيد أن نظام التداول القائم على بدء التداول على الأسهم وفق سعر الإغلاق، أي آخر سعر للسهم دون شروط، يسمح بوجود بعض التلاعبات ومن ثم فقدان الثقة في السوق لأنه يسمح للمضاربين بالتحكم في الأسعار وعمل تكتلات.
وتعتزم الحكومة قيد الشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي (إيلاب) في البورصة المصرية في يونيو الحالي، كما تسعى لبيع ما يزيد عن 40 في المئة من أسهم الشركة عبر الطرح في البورصة والبيع لمستثمرين إستراتيجيين.
وقال سعيد لـ”العرب” إن “الخطوة تأتي في توقيت مهم مع مساعي السلطات الحثيثة التي تشهدها المرحلة الحالية لبيع عدد من شركاتها من خلال البورصة، لذلك هي خطوة تهيئة للسوق وجذب البعض من المستثمرين وتشجيعهم على الاستثمار في سوق المال المصرية”. وافقت البورصة المحلية أخيرا على قيد أسهم شركة طاقة عربية المملوكة لمجموعة القلعة التي يرأسها رجل الأعمال أحمد هيكل.
وستكون أمام الشركة مهلة ستة أشهر للوفاء بمتطلبات الإدراج والحصول على الموافقات الإجرائية والتنظيمية، وسط اهتمام كبير من صناديق استثمار محلية وعربية لشراء حصص فيها.
كما تُجري وزارة المالية وبنك الاستثمار القومي حصرا لمساهمتها في الشركات المملوكة لهما بهدف تحديد الشركات التي يمكن التخارج منها بسرعة. ويبلغ عدد الشركات المزمع التخارج منها 32 شركة، بغرض تحقيق مستهدف الحكومة لجمع ملياري دولار من بيع الأصول خلال الشهر الجاري.