مصر تستبق التطبيع الكامل مع تركيا بطمأنة اليونان

زيارة وزير الخارجية المصري إلى أثينا قبل التوجه إلى تركيا كانت ضرورية لتبديد مخاوف الحكومة اليونانية.
الخميس 2023/04/13
تقارب الضرورة

القاهرة - استبقت مصر زيارة وزير خارجيتها سامح شكري إلى أنقرة الخميس، والتي من المنتظر أن تشهد الإعلان عن عودة سفيري البلدين، بزيارة قام بها إلى أثينا قبلها بيومين لطمأنة حكومتها من أن عودة العلاقات الدبلوماسية مع تركيا لن تنعكس سلبا على اليونان، وأن القاهرة حريصة على استمرار الشراكة الإستراتيجية مع أثينا في شرق البحر المتوسط وغيرها من القضايا الإقليمية.

وقالت مصادر مصرية لـ"لعرب" إن زيارة شكري إلى أثينا كانت ضرورية لتبديد مخاوف الحكومة اليونانية، حيث تخشى أن يؤثر تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة على مصالحهما المشتركة، في ظل التوتر الحاصل في علاقات أثينا مع أنقرة التي لها طموحات كبيرة في شرق المتوسط، فقد كشفت بعض المؤشرات عن عدم تقيدها بقوانين البحار الدولية، والتلويح باستخدام ما يسمى بـ"دبلوماسية البوارج الحربية".

وأضافت المصادر ذاتها أن أحد أسباب البطء في تسريع وتيرة العلاقات بين مصر وتركيا يكمن في حرص القاهرة على إيجاد صيغة خلّاقة تضمن بها عدم تأثيرها على علاقاتها مع اليونان وقبرص، لأن أنقرة قبلت بمصالحة مع القاهرة وهي تأمل مساعدتها على تحسين موقفها في ملف غاز شرق المتوسط والانخراط في منتداه.

◙ القاهرة تجد في الاهتمام الأوروبي بغاز شرق المتوسط ضمانة لكبح جموح تركيا التي تسعى لتكون رقما رئيسيا في معادلته

وحملت زيارة وزير الخارجية المصري إلى أثينا قبل أنقرة مباشرة دليلا على وجود صلة بين توجهات القاهرة على المسارين اليوناني والتركي، مع مراعاة ألا يكون أحدهما على حساب الآخر، في محاولة ترمي إلى تبديد قلق أثينا وتوصيل رسالة مباشرة إلى أنقرة بألا تطمع في إحداث خلل في التوازنات الراهنة في شرق المتوسط من خلال تطوير علاقتها مع مصر، وأن منتداه الإقليمي سيحافظ على قواعده المؤسسية.

وتمثل الخلافات المزمنة بين تركيا واليونان منغصا لبعض مشاريع الغاز وخطوطه الجديدة، في وقت يزداد فيه التعويل أوروبيا عليه لسد جزء معتبر من العجز الحاصل بعد تراجع تصدير الغاز الروسي إلى دول عديدة عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وتجد القاهرة في الاهتمام الأوروبي بغاز شرق المتوسط ضمانة في كبح جموح تركيا التي تسعى لتكون رقما رئيسيا في معادلته، وممارسة ضغوط عليها لتلتزم بالقوانين الدولية التي تتمسك بها مصر واليونان وقبرص والدول الأعضاء في منتدى المتوسط.

ويقول متابعون إن السياسة التركية المراوغة لا أحد يعرف مداها، فقد ترى أن المصالح العاجلة تفرض تحسين العلاقات مع قوى إقليمية والتهدئة مع أخرى، وهي تبطن في الوقت نفسه أهدافا أخرى تسعى لتحقيقها، الأمر الذي جعل غالبية الدول التي أقدمت على تحسين العلاقات مع أنقرة تبدو متمهلة للتأكد من حسن نواياها.

ويشير هؤلاء المتابعون إلى أن مصر تخطت عقبة إيواء عناصر جماعة الإخوان “مؤقتا”، وقطعت شوطا جيدا في سبيل تهدئة الأزمة الليبية والتفاهم على خطوط عريضة فيها مع تركيا، ولا تريد تطويرا مع أنقرة يؤدي إلى خسارة أو فتور مع أثينا.

وتدرك القاهرة أن القيادة التركية غير مأمونة تماما، وهو ما يجعلها تتريث كثيرا في التطبيع الكامل للعلاقات، وربطه بما يتحقق من تقدم على صعيد حل الخلافات في القضايا الشائكة، وعندما تتأكد من الوصول إلى هذه المرحلة ستعلن عودة سفيرها.

واستغرقت الحكومة المصرية وقتا في التجاوب مع الإشارات التركية، خشية أن تهتز المعادلة التي أقامتها مع اليونان وقبرص، وأبدت حرصا للحفاظ عليها، حيث تعلم أنها إحدى أوراق قوتها مع تركيا، في حالتي التصعيد والهدوء أيضا، وهو ما يعزز من مكانة أثينا في أجندة القاهرة التي ترى أن استمرار التحالف معها عملية حيوية.

وأجرى وزير الخارجية المصري مباحثات معمقة مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس في أثينا، وتناولا عددا من الملفات الإقليمية والدولية، وسبل دفع العلاقات الثنائية.

ونقل شكري رسالة شفهية من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس أكدت على “قوة ومتانة علاقة الشراكة الإستراتيجية التي تجمع البلدين”، في إشارة واضحة إلى أن التطور المنتظر في العلاقات مع تركيا لن يكون على حساب اليونان.

وتأتي زيارة شكري إلى أنقرة بناء على دعوة وجهت إليه من نظيره التركي مولود جاويش أوغلو لاستكمال ما بدأه الوزيران من حوارات مؤخرا.

◙ السياسة التركية المراوغة لا أحد يعرف مداها، فقد ترى أن المصالح العاجلة تفرض تحسين العلاقات مع قوى إقليمية والتهدئة مع أخرى

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد الأربعاء إن الزيارة تستهدف مواصلة المناقشات المرتبطة بمسار تطبيع العلاقات بين البلدين بما يكفل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، استكمالاً للمباحثات التي أجريت بين الجانبين خلال زيارة وزير خارجية تركيا إلى القاهرة فى مارس الماضي.

وكان شكري زار تركيا في فبراير الماضي لتقديم الدعم الإنساني لها بعد أن ضربها زلزال مدمر، والتقى في حينه جاويش أوغلو وأجريا محادثات إيجابية، وبعدها بدأت تتسارع التحركات بما يشي بأن تطبيع العلاقات السياسية بات قريبا بين البلدين.

وقال وزير خارجية مصر في أثينا “لمسنا رغبة لدى تركيا في تطبيع العلاقات وسأزورها خلال يومين لبحث المسألة”، وذلك بعد تصريحات سابقة أدلى بها نظيره التركي كشف فيها عن إمكانية إعلان تعيين سفراء بين تركيا ومصر خلال زيارة شكري لأنقرة، مؤكدًا أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات ملموسة.

وأشارت تقارير إعلامية إلى عقد قمة بين الرئيس السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في الفترة المقبلة، لكنها لم تحدد توقيتها ومكان انعقادها في القاهرة أم أنقرة، وما إذا كانت قبل إجراء الانتخابات التركية في مايو أم بعدها.

2