مصر تزيد حصتها من صادرات الغذاء إلى الأسواق العربية

تعمل شركات الصناعات الغذائية المصرية بكامل طاقتها الإنتاجية هذه الفترة لتلبية طلبات الأسواق العربية وخاصة السلع التي ينتعش الطلب عليها قبل حلول شهر رمضان، وهو ما أحدث قفزة كبيرة في نمو الصادرات بشكل ملحوظ.
القاهرة – عوّضت بعض الأسواق العربية شطب روسيا من خارطة تصدير الصناعات الغذائية المصرية، حيث تظهر البيانات ارتفاع معدل الشراءات بشكل قياسي من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مؤخرا.
ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع طوال مدة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا لتكون مصر سوقا بديلة لعدد من دول المنطقة العربية مع تراجع سلاسل الإمداد العالمية بما يعضد من ازدهار الغذاء المصري.
وكشف مصدر مسؤول بالمجلس التصديري للصناعات الغذائية المصري لـ”العرب” عن حدوث قفزة في صادرات الأغذية المصنعة خلال الشهرين الماضيين للبلدان العربية ارتفعت بقوة مع اقتراب شهر رمضان بنسبة زيادة تقترب من النصف.
وأوضح المصدر أن الشركات المصرية تسير بخطى ثابتة في تحقيق أرقام تصدير قياسية، كما أن هناك أسواقا عربية لا زالت في صدارة الأماكن المستقبلة للسلع المصرية، لافتا إلى أن ارتفاع السيولة الناشئة عن التصدير له إيجابيات عديدة.
إبراهيم الحدودي: لاحظنا زيادة بـ50 في المئة في الطلب والأسعار مستقرة
ومن تلك الإيجابيات المساعدة على زيادة احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي، وتعزيز توسعات المصانع وتدشين خطوط إنتاج جديدة، ومن ثم توفير فرص عمل تُخفض معدلات البطالة بين الشباب والخريجين.
ونمت صادرات الصناعات الغذائية بنحو 644 مليون دولار بنسبة 19 في المئة لتسجل نحو 4.1 مليار دولار العام الماضي، مقارنة بنحو 3.45 مليار دولار في العام السابق عليه.
وتصدرت الدول العربية قائمة أهم المجموعات الدولية المستوردة للأغذية المصنعة المصرية في العام الماضي بنحو 2.2 مليار دولار لتستحوذ على 54 في المئة من إجمالي الصادرات الغذائية بمعدل نمو قدره 19 في المئة لتسجل 360 مليون دولار.
وأصبحت روسيا من أهم الدول التي شهدت زيادة في الاستيراد من مصر، واحتلت المرتبة التاسعة بإجمالي 64 مليون دولار بقيمة زيادة بلغت نحو 24 مليون دولار.
وقال محمد شكري نائب رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية لـ”العرب” إن “السوق المصرية تشهد زيادة في السلع الغذائية الأساسية والفرعية، وينذر استمرار أزمة أوكرانيا بموجة تضخم عالمية تؤثر في المنطقة العربية”.
وأوضح أن بلده يستورد القمح من روسيا وأوكرانيا ويعتمد عليه في إنتاج الخبز، كما يستورد اللبن المجفف من أوكرانيا وبيلاروسيا، ما يعني شحّه كثيرا حال استمرار الحرب وتداعياتها الاقتصادية.
وأكدت وزارة التموين أن السلع الغذائية الأساسية متوفرة بشكل طبيعي، مع انتظام ضخ كميات وفيرة من السلع يوميا بكافة الأسواق وجميع فروع المجمعات الاستهلاكية مع انتظام صرف المقررات التموينية.
ويتوفر مخزون استراتيجي لمقررات التموين الذي يصرف عددا من السلع الأساسية لشريحة كبيرة من المواطنين يكفي لعدة أشهر مقبلة.
وتسعى الحكومة إلى تدشين مشروع إنشاء مستودعات استراتيجية بتقنيات حديثة لإدارة عمليات تخزين السلع الأساسية ما عزز زيادة المخزون لمدة تصل إلى تسعة أشهر، مع شن حملات تفتيشية على الأسواق لمنع التلاعب في الأسعار ووقف الممارسات الاحتكارية.
ومن شأن طول مدة الأزمة في شرق أوروبا أن تؤدي إلى ضعف الإمدادات من روسيا وأوكرانيا إلى بعض الدول العربية، لكنه لم يحدث حتى الآن بشكل كبير ولا زالت السلاسل الغذائية العالمية تمدّ فروعها بصورة طبيعية.
ومن المتوقع أن تكون مصر البديل المتاح لعدد من الدول العربية في بعض السلع مثل الصناعات الغذائية والسلع الزراعية، بينما السلع الأساسية مثل القمح والزيوت ستظل مشكلة، وبدأت الآثار السلبية للأزمة تظهر مع رفع أسعار المواد الغذائية ومنها مصر.
وأكد إبراهيم الحدودي مدير التصدير بشركة الصباح للصناعات الغذائية، وهي من أكبر شركات تصدير المواد الغذائية المصرية، أن اقتراب شهر رمضان رفع الطلب على المواد الغذائية المحلية المصنعة، مثل العصائر والألبان والفول بمعدلات تتراوح بين 25 إلى 50 في المئة.
وأشار لـ”العرب” إلى أن شركات الأغذية الكبرى تقوم بتأمين مدخلات الإنتاج قبل شهر رمضان، لتفادي أي ظروف غير ملائمة أو طارئة تعطل التصدير خلال تلك الفترة.
محمد شكري: السلع متوفرة وأزمة أوكرانيا تنذر بموجة تضخم كبيرة
وقال إن “السوق المصرية بها فائض من السلع الغذائية، حيث يحرص كبار التجار والمستوردين على تخزين البضائع قبل وقت كاف من حلول رمضان”.
وتستعد الحكومة بجدية لضمان توفير احتياجات المواطنين من كافة السلع خلال شهر رمضان، حيث تم توفير كميات كبيرة من الدواجن المجمدة واللحوم الحمراء الطازجة والمجمدة بأسعار تقل عن السوق الحر بنحو 20 في المئة.
كما ستتم إتاحة كافة السلع بأسعار مخفضة في 1350 مجمعا استهلاكيا، بالإضافة إلى منافذ مشروع “جمعيتي” وفروع معارض “أهلا رمضان” بنفس التخفيضات.
وذكر الحدودي أن الصادرات الغذائية سيرتفع الطلب عليها من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة التي تنتشر فيها جاليات إسلامية، ما يدفع إلى فتح أسواق تصديرية جديدة، مؤكدا أن أسعار التصدير لا زالت ثابتة حتى الآن.
وأكد إبراهيم بشاري رئيس مجلس إدارة شركة البشاري للصناعات الغذائية، وهي من أكبر مصدري شرائح المانغو بالبلاد لـ”العرب” أن الطلب من الأسواق العربية تضاعف على الفواكه المجمدة بسبب قرب شهر رمضان لاستخدامها في العصائر.
وأشار إلى أن صادرات الشركة من الفراولة والمانغو والجوافة المجمدة والرمان ارتفعت بشكل ملحوظ مؤخرا.
وتسعى الحكومة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ممثلة في اتحاد الصناعات والمجالس التصديرية في دفع عجلة صادرات الصناعات الغذائية عبر عدد متنوع من الأنشطة التسويقية والترويجية والمعارض العالمية للصناعات الغذائية وآخرها “جلفود دبي” الشهر الماضي.
وتعد الفعاليات الدولية السبيل الأمثل للشركات المحلية لضمان استمرار زيادة صادراتها لأنها توفر فرص التقاء مع الزبائن إلى جانب الدعم الحكومي المتمثل في مواصلة نشاط البعثات التجارية إلى الدول الأفريقية والعربية والدول سريعة النمو التي تهتم بشراء المنتج المصري.
واعتبر بشاري أن زيادة الصادرات إلى الدول العربية حاليا يعوض غياب السوق الروسية التي توقف التصدير إليها بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث تعمل المصانع بكامل طاقتها الإنتاجية.
وقال إن “استمرار الأزمة سيسهم في زيادة الصادرات المصرية إلى المنطقة العربية خلال الفترة القادمة”.