مصر ترفع مستوى التأهب العسكري على الحدود مع قرب اجتياح رفح

غزة (الأراضي الفلسطينية) - رفعت مصر، الاثنين، مستوى الاستعداد العسكري في منطقة شمال سيناء المتاخمة لقطاع غزة، بعدما بدأت إسرائيل عملية عسكرية في مدينة رفح بجنوب القطاع الفلسطيني، بحسب ما أفادت رويترز نقلا عن مصدرين أمنيين، في وقت كثف الوفد الأمني المصري اتصالاته لاحتواء التصعيد الحالي بين حركة حماس والدولة العبرية.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، بأن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا مصر، مساء الأحد، ببدء عملية إجلاء السكان من رفح جنوبي قطاع غزة صباح الاثنين.
وكان مصدر مصري رفيع المستوى قد صرح في وقت سابق بأن معبر رفح يعمل بشكل طبيعي وحركة دخول المساعدات إلى قطاع غزة مستمرة.
وأمر الجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من سكان رفح الواقعة جنوبي قطاع غزة بالبدء في إخلاء المدينة، في إشارة إلى أن الهجوم البري الذي توعد به منذ فترة طويلة، ربما بات وشيكا.
وتؤكد إسرائيل منذ أسابيع أنها بصدد التحضير لهجوم برّي على المدينة القريبة من الحدود مع مصر، والتي تعدّ نقطة الدخول الأساسية للمساعدات الإنسانية الى القطاع المحاصر والملاذ لـ1.2 مليون فلسطيني غالبيتهم من النازحين جراء الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية.
ويثير هذا التهديد قلقاً دولياً واسعاً على مصير المدنيين، بما في ذلك من الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، والتي أكدت معارضتها لعملية في رفح ما لم تقترن بخطط لحماية المدنيين.
ودعا الجيش الإسرائيلي في بيان الإثنين "السكان المدنيين القابعين تحت سيطرة حماس الى الإجلاء المؤقت من الأحياء الشرقية لمنطقة رفح الى المنطقة الإنسانية الموسّعة"، مشيرا الى أن ذلك يأتي بعد "موافقة على المستوى السياسي".
وأكد أنه قام بتوسعة "المنطقة الإنسانية في المواصي" الواقعة الى شمال غرب مدينة رفح، "والتي تشمل مستشفيات ميدانية وخيماً وكميات كبيرة من الأغذية والمياه والأدوية وغيرها من الإمدادات".
ورداً على سؤال بشأن عدد من سيتمّ إخلاؤهم، قال متحدث عسكري إسرائيلي "التقديرات هي نحو 100 ألف".
وأكد أن الإخلاء "عملية محدودة النطاق"، موضحا خلال إيجاز لصحافيين عبر الانترنت "هذا الصباح... بدأنا عملية محدودة النطاق لإخلاء مدنيين بشكل موقت من الجزء الشرقي من رفح".
وقال قيادي كبير في حركة حماس لوكالة رويترز، إن أمر الإخلاء الإسرائيلي من رفح "تطور خطير وستكون له تداعياته"، لافتاً، إلى أن "الإدارة الأميركية تتحمل المسؤولية إلى جانب الاحتلال عن هذا الإرهاب".
وأكد وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت في بيان اليوم الاثنين، أن التحرك العسكري الإسرائيلي في رفح ضروري بسبب رفض "حماس" مقترحات قدمها الوسطاء بشأن هدنة في غزة، تطلق بموجبها الحركة سراح بعض الرهائن. وجاء في البيان أن غالانت نقل تلك الرسالة في اتصال خلال الليل بوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.
وفي أول موقف رسمي من التحرك الإسرائيلي لإخلاء سكان شرقي رفح، حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، من أن السلطات الإسرائيلية بدأت فعليا التمهيد "لارتكاب أكبر جريمة إبادة جماعية باجتياح رفح"، محملا الإدارة الأميركية مسؤولية هذه السياسات الإسرائيلية الخطيرة.
وقال أبوردينة إن "الإدارة الأميركية التي توفر الدعم المالي والعسكري لإسرائيل، وتقف بوجه المجتمع الدولي لتمنع تطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف العدوان، هي التي تشجع نتنياهو وقادته بالاستمرار في مجازرهم ضد الشعب الفلسطيني سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، كما يحدث في محافظة طولكرم ومخيماتها".
وأضاف أن "اجتياح رفح يعني أن مليونا ونصف مواطن فلسطيني سيتعرضون لمذبحة إبادة جماعية"، مطالبا الإدارة الأميركية بالتحرك فورا ومنع الإبادة الجماعية والتهجير، "ومحاسبة الاحتلال على الانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها بحق القانون الدولي قبل فوات الأوان".
واعتبر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، سلامة معروف، الاثنين، أن مطالبة الجيش الإسرائيلي إخلاء مناطق في شرقي رفح جنوبي القطاع "استمرار لنهج الجرائم والإبادة الصهيونية" ضد الشعب الفلسطيني.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، إنه يتعين على إسرائيل عدم المضي قدماً في الاجتياح البري لمدينة رفح جنوب قطاع غزة الفلسطيني، معتبراً أنه بإمكان الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، ويتعين عليهما منع مثل هذا السيناريو، واصفاً الأمر الإسرائيلي بإجلاء المدنيين بأنه غير مقبول.
وقال بوريل عبر منصة "إكس" "إن الأوامر التي أصدرتها إسرائيل بإجلاء المدنيين في رفح تنذر بالأسوأ: المزيد من الحرب والمجاعة".
وشنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية على مناطق عدة في رفح، بعد ساعات من مطالبته المدنيين بإخلاء مناطق من شرق المدينة والتوجه إلى خان يونس.
وأعلن الدفاع المدني والهلال الأحمر في قطاع غزة الإثنين أن طائرات إسرائيلية قصفت منطقتين في رفح سبق أن طلب الجيش صباحا من السكان إخلائهما.
وقال مسؤول الإعلام في الدفاع المدني أحمد رضوان لوكالة الصحافة الفرنسية إن المناطق المستهدفة "بالقرب من محيط مطار غزة الدولي ومنطقة الشوكة وأبوحلاوة ومنطقة شارع صلاح الدين وحي السلام"، وأكد أسامة الكحلوت من غرفة طوارئ الهلال الأحمر الفلسطيني أن "القصف حاليا في المناطق الشرقية لمحافظة رفح".
وبقيت مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع في منأى عن العمليات البرية الإسرائيلية التي بدأت في 27 أكتوبر في قطاع غزة. لكنها تتعرّض بشكل منتظم لغارات جوية وقصف مدفعي.
وتلوّح إسرائيل منذ أسابيع بشنّ هجوم برّي على رفح، مع تكرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن ذلك ضروري لتحقيق أحد الأهداف المعلنة لإسرائيل من الحرب في غزة، وهو "القضاء" على حركة حماس.
وتأتي الدعوة الى الإخلاء في رفح غداة انتهاء اجتماع في القاهرة بشأن مقترح للهدنة، من دون تحقيق تقدّم ملموس مع تشبّث كلّ من إسرائيل وحماس بمواقفهما.
وشهدت مفاوضات غزة لوقف إطلاق النار تعقيدات في الساعات الأخيرة، مع استهداف كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، معبر كرم أبوسالم الحدودي، ما أدى إلى مقتل 4 جنود إسرائيليين، فضلاً عن إصرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على اجتياح رفح والقضاء على حركة حماس.
ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية الاثنين عن مسؤول كبير لم تسمّه، قوله إن قصف حماس لمنطقة كرم أبوسالم تسبب في تعثر مفاوضات الهدنة، مؤكداً أن الوفد الأمني المصري يكثف اتصالاته لاحتواء التصعيد الحالي بين إسرائيل وحماس.
وأكدت حركة حماس، الاثنين، استمرارها في المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة، على الرغم من دعوة إسرائيل لسكان المناطق الشرقية من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، إلى إخلائها، ما يزيد المخاوف من حصول هجوم برّي، هدد به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، منذ فترة.
وقال المتحدث باسم الحركة، عبداللطيف القانوع، لوكالة الصحافة الفرنسية إن "قيادة الحركة في حالة تشاور داخلي وفصائلي بعد جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة".
وأضاف "مستمرون بإيجابية في المفاوضات وبقلب منفتح للوصول إلى اتفاق كامل غير مجتزأ يقضي بوقف دائم لإطلاق النار وتحقيق مطالب شعبنا".
وكان مسؤولون في الحركة قالوا إن قياداتها يعتزمون عقد اجتماع، الاثنين، في العاصمة القطرية الدوحة، لبحث نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات التي أجريت في القاهرة، بوساطة مصرية قطرية، قبل أن تسلم ردها الرسمي إلى الوسطاء.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية "كان"، الاثنين، إن مدير الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، سيزور إسرائيل في وقت لاحق، الاثنين، في أعقاب القاهرة والدوحة، لـ"منع نسف" المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأضافت الهيئة، أن بيرنز سيلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
كان مسؤول مطلع على محادثات الوساطة في مفاوضات غزة، قال، الأحد، إن بيرنز، توجه إلى العاصمة القطرية الدوحة، لعقد اجتماع طارئ مع رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن الذي يرأس جهود قطر في الوساطة بالمفاوضات.
وأضاف المسؤول "بيرنز في طريقه إلى الدوحة لعقد اجتماع طارئ مع رئيس الوزراء القطري بهدف ممارسة أقصى قدر من الضغط على إسرائيل وحماس لمواصلة المفاوضات".