مصر تتعهد بطرح تصور لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها

الرئيس الأميركي يتراجع عن اقتراحه بقطع المساعدات للأردن ومصر، فيما يؤكد العاهل الأردني أن ترامب يتطلع لمعرفة خطة القاهرة.
الأربعاء 2025/02/12
خطة مصرية مرتقبة لضمان بقاء الفلسطينيين في أرضهم

القاهرة - تعهدت القاهرة الثلاثاء، بـ"طرح تصور متكامل" لإعادة إعمار غزة يضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم، في وقت يواصل فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغط من أجل تنفيذ خطته للسيطرة على قطاع غزة ونقل سكانه إلى مصر والأردن، رغم رفض الدول العربية والغربية.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إن القاهرة تؤكد "تطلعها للتعاون مع الإدارة الأميركية، بقيادة الرئيس ترامب من أجل تحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة، وذلك من خلال التوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية تراعي حقوق شعوب المنطقة".

وأضاف البيان، أن مصر "تجدد التزامها طرح تصور متكامل لإعادة إعمار القطاع، وبصورة واضحة وحاسمة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني في أرضه، وبما يتسق مع الحقوق الشرعية والقانونية لهذا الشعب".

وشددت القاهرة في بيانها على أن "أي رؤية لحل القضية الفلسطينية ينبغي أن تأخذ في الاعتبار تجنب تعريض السلام في المنطقة للأخطار، والسعي لاحتواء الأزمة والتعامل مع مسببات وجذور الصراع، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك بين شعوب المنطقة".

وأتى هذا البيان بعدما شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على ضرورة أن يعاد إعمار قطاع غزة من "دون تهجير سكانه الفلسطينيين".

وشدد السيسي خلال اتصال هاتفي مع رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن على "ضرورة بدء عمليات إعادة إعمار قطاع غزة، بهدف جعله قابلاً للحياة، وذلك من دون تهجير سكانه الفلسطينيين، وبما يضمن الحفاظ على حقوقهم ومقدراتهم في العيش على أرضهم"، وفق بيان صادر عن مكتبه.

وقال الرئيس المصري أيضاً، إن إقامة دولة فلسطينية هي "الضمانة الوحيدة لتحقيق السلام الدائم" في المنطقة.

من جانبها، ذكرت قناة "القاهرة الإخبارية" التابعة للدولة في مصر، الثلاثاء، نقلاً عن مصادر مصرية أن القاهرة تؤكد رفضها أي مقترح بتخصيص أراض لسكان غزة.

ونقلت القناة عن المصادر قولها "مصر تؤكد موقفها برفض أي مقترح لتخصيص أرض لسكان قطاع غزة، وتؤكد تمسكها بعدم إخراج الفلسطينيين من أراضيهم أو توطينهم في أي مكان آخر".

وقال ترامب في وقت سابق الثلاثاء، إنه يعتقد أنه ستكون هناك قطع أرض في الأردن ومصر وأماكن أخرى يمكن توطين الفلسطينيين فيها.

ومن جانبه، جدد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، التأكيد على "معارضته الشديدة لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية" وذلك بعد لقائه في البيت الأبيض الرئيس الأميركي الذي دافع مجددا عن مقترحه لتطوير القطاع بعد نقل سكانه إلى دول أخرى.

وقال العاهل الأردني "أعتقد أن أحد الأمور التي يمكننا القيام بها على الفور هي أخذ 2000 طفل من أطفال السرطان الذين هم في حالة سيئة للغاية، هذا ممكن".

ووصف ترامب هذه الخطوة بأنّها "لفتة جميلة" وقال إنّه لم يكن يعلم بها قبل وصول العاهل الأردني إلى البيت الأبيض.

وكتب العاهل الأردني عبر منصة اكس إثر محادثاته في البيت الابيض "شدّدت على أنّ التزامي الأول هو الأردن واستقراره ورفاه الأردنيين".

والملك عبدالله حليف كبير للولايات المتحدة لكنه رفض الأسبوع الماضي "أي محاولات" للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وتهجير أهلها بعدما صدم ترامب العالم باقتراحه بشأن غزة.

لكن أمام الكاميرات لم يشأ العاهل الأردني الخوض في الموضوع بشكل مباشر بوجود ترامب.

ولاحقا على إكس، قال العاهل الأردني إنّه أبلغ ترامب بـ"معارضته الشديدة لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية" المحتلة، وأوضح "أنه موقف عربي مشترك"، واصفا اجتماعه مع ترامب بأنه "بنّاء".

وفي هذه الأثناء، تراجع ترامب عن اقتراحه بـ"قطع" المساعدات الأميركية للأردن ومصر إذا رفضا استقبال أكثر من مليوني فلسطيني من غزة، وقال، "أعتقد أننا سنفعل شيئاً. ليس من الضروري أن أهدد بذلك".

وأثار ترامب ذهولاً عندما أعلن طرحاً، الأسبوع الماضي، يقضي بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وإعادة بناء المناطق المدمرة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد ترحيل الفلسطينيين إلى مكان آخر من دون خطة لإعادتهم.

وسئل الملك عبدالله الثاني من قبل الصحافيين عما إذا كان يؤيد هذه الخطة، لكنه أجاب فقط أن مصر ستقدم رداً، وأشار إلى أن الدول العربية ستناقشه بعد ذلك في محادثات السعودية.

وأضاف أن ترامب، "يتطلع إلى مجيء مصر لتقديم هذه الخطة. كما قلت، سنكون في السعودية لمناقشة كيفية عملنا مع الرئيس ومع الولايات المتحدة"، مردفاً "فلننتظر حتى يأتي المصريون ويقدموا الخطة للرئيس"، وتابع، أن "النقطة (الأساسية) هي كيف نجعل ذلك (المقترح) يعمل بطريقة جيدة للجميع".

وجاء اللقاء بين العاهل الأردني والرئيس الأميركي على وقع تزايد هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مع توعد ترامب حركة حماس الفلسطينية بـ"الجحيم" ما لم تفرج بحلول السبت عن "جميع الرهائن" الإسرائيليين الذين ما زالت تحتجزهم في قطاع غزة.

والثلاثاء، توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستئناف "معارك عنيفة" في قطاع غزة "حتى إلحاق هزيمة نهائية بحماس" إذا لم تفرج عن "رهائننا" بحلول السبت.

ومن جانبه، أشار ترامب إلى أنّه لا يتوقع أن تحترم حماس مهلة السبت للإفراج عن الرهائن.

وقال "لا أعتقد شخصيا أنهم سيتمكّنون من الوفاء بالموعد النهائي. أعتقد أنهم يريدون أن يؤدّوا دور الرجل القوي، ولكن سنرى مدى قوتهم".

ومع ذلك، قلّل ترامب من خطر استمرار التهديد للجهود الرامية إلى إرساء سلام دائم بين إسرائيل وحماس.

وقال "لن يستغرق الأمر وقتا طويلا عندما تعرف المتنمّرين"، في إشارة إلى حماس.

وفي وقت لاحق الثلاثاء، التقى العاهل الأردني وولي العهد الأردني الأمير حسين مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ومنهم جون ثون زعيم أغلبية الجمهوريين.

ويفيد محللون بأن القضية تكتسي أهمية "وجودية" بالنسبة إلى الأردن خصوصا.

ويتحدّر نصف سكان الأردن البالغ عددهم نحو 11 مليونا، من أصول فلسطينية، إذ لجأ إلى الأردن عبر التاريخ ومنذ قيام دولة إسرائيل كثير من الفلسطينيين. ووفقا للأمم المتحدة، هناك 2,2 مليون لاجئ فلسطيني مسجّلين في الأردن.

وكانت مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية تحت الإدارة الأردنية قبل أن تحتلّها إسرائيل في العام 1967، ثم تضمّ إليها القدس الشرقية في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

وفي العام 1970، اندلعت اشتباكات بين الجيش الأردني وفصائل فلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في ما أصبح يعرف ب"أيلول الأسود".

وانتهت المواجهات بطرد تلك الفصائل.

لكنّ الأردن يدرك تماما تأثير الضغوط الاقتصادية التي قد يمارسها ترامب عليه. ففي كل عام، تتلقّى عمّان من واشنطن نحو 750 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية و350 مليون دولار أخرى من المساعدات العسكرية.