مصرف ليبيا المركزي يواجه أوقاتا صعبة مع قرب تقرير غسل الأموال

طرابلس - يستعد الفرع الإقليمي لمجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال فحص التقرير الذي قدمه مصرف ليبيا المركزي لتقييم مدى التزامه المالي، وعلى الرغم من بعض التقدم الذي تم إحرازه، إلا أنه لا تزال هناك مشاكل وفق ما أفاد موقع "أفريكا إنتليجنس" الفرنسي.
ويبدو التاريخ سيكون حاسما بالنسبة إلى ليبيا ومصرفها المركزي، فخلال خمسة أشهر، سيقوم الفرع الإقليمي لمجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا والفرع الإقليمي لمجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال، بفحص تقرير المركزي حول نظامه المالي.
ويستخدم فرع المجموعة لمكافحة غسل الأموال المعايير الدولية لفحص تطبيق الدول لقواعد الحكم، بهدف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والفساد.
وفي حالة ليبيا، سيتعين على الجمعية العمومية تقييم التقرير الذي أعدته وحدة المعلومات المالية التابعة للمركزي، بهدف تحديد ما إذا كانت ليبيا تفي بالمعايير الأساسية والمعايير المطلوبة.
وتشمل هذه المعايير بشكل رئيسي مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتنفيذ عقوبات مالية مستهدفة والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة.
ويعد رأي مجموعة العمل المعنية بالإجراءات المالية أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للمركزي الليبي، يعول المحافظ الصديق الكبير على أن يُسمح لليبيا بالانضمام إلى مجموعة العمل المالي، إلى جانب فلسطين وسوريا واليمن والسودان، وتستبعد ليبيا حاليا من تقييم مجموعة العمل المالي بسبب الوضع السياسي والأمني الراهن.
وكانت ليبيا تأمل ولسبع سنوات في تغيير هذا الوضع والانضمام إلى مجموعة التقييم المتبادل، حيث تقدمت خلال اجتماع الجمعية العمومية في عام 2017، بطلب الانضمام لكنه تم رفضه، بناء على رأي المجموعة بأن التقييمات كانت في ذلك الوقت لا تزال صعبة للغاية للتنفيذ.
ويواجه المركزي الليبي رهانات صعبة، حيث يُراقب تقييم مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال عن كثب من قبل الأسواق المالية ويساعد في تطمين المستثمرين الأجانب والبنوك على حد سواء.
وذكرت "أفريكا إنتليجنس" أن التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي، والذي يقرأ على نطاق واسع من قبل المستثمرين الدوليين، لاحظ أن هناك تقدما محدودًا فقط في شفافية وتطبيق قواعد السلوك الجيد من قبل المركزي الليبي، وبعض الإشارات الفعلية حول مدى تطبيقه لقواعد الامتثال.
وناقش صندوق النقد الدولي عندما زار فريقه بقيادة دميتري غيرشنسون تونس في 10 مايو الماضي، الإجراءات التي اتخذها المركزي، حيث يشير التقرير إلى أنه "من الضروري المزيد من العمل لضمان الامتثال للقواعد وتعزيز القطاع المصرفي".
وعلى الرغم من التدابير التي اتخذها المصرف المركزي لتقوية الإطار الرقابي، عبر إصدار توجيهات تسمح للبنوك بزيادة رؤوس أموالها وتعزيز عمل وحدة المعلومات المالية، ودعم الشمول المالي، إلا أن تقرير النقد الدولي أشار إلى أن مستوى الفساد في ليبيا لا يزال مثيرا للقلق، مع غموض سياسات إدارة الأموال.
كما وجد التقرير أن الجهود المبذولة لمكافحة غسل الأموال لا تزال غير كافية أو مرضية، في الوقت الذي لا تزال فيه البلاد مقسمة بين حكومتين متنافستين.
ففي عام 2022، أطلق المركزي، برعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، عملية لإعادة توحيد البنوك المركزية الغربية والشرقية، وتم الإعلان عن التوحيد في أغسطس 2023، لكن إدارة البنوك الشرقية لا تزال غير شفافة.
وتحدث تقرير "أفريكا إنتليجنس" عن أزمة أخرى وهي طباعة مليارات من العملات المزيفة يجرى توزيعها في شرق ليبيا، وهي المنطقة الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
وحذر تقرير سابق للجنة الخبراء المعنية بليبيا بالأمم المتحدة من أن "طباعة عملات مزيفة يرفع من خطر الاختلاس، مع صعوبة تحديد مصدر تلك العملات".
ووصلت تلك الأوراق النقدية إلى السوق الليبية، إضافة إلى تلك التي طلبها فرع المصرف المركزي في البيضاء، الذي وافق على طباعة 18 مليار دينار، ما يعادل 3.7 مليار دولار، حتى العام 2020.
وسلط تقرير "أفريكا انتلجنس" كذلك على الفساد المحيط بإصدار خطابات الاعتماد، ما يرفع مخاطر الاختلاس وغسل الأموال، وهي ممارسات تتنافى مع القواعد الدولية لسلامة النظام المالي.
وقال "يجرى استغلال خطابات الاعتماد التي يستخدمها رجال الأعمال للحصول على العملة الأجنبية لاستيراد البضائع من الخارج. كما أن تمويل بعض العمليات المالية لا يزال غامضا، فبعض خطابات الاعتماد يجرى تمويلها من قبل المصرف المركزي في البيضاء، من دون إمكان تعقبها، كما يستخدمها الصديق الكبير لتمويل رجال الأعمال في غرب ليبيا، أو لإبرام التحالفات".
وأضاف "على الرغم من تباطؤ وتيرة إصدار خطابات الاعتماد منذ بداية العام، أبرم نادي الأهلي الرياضي في طرابلس اتفاقا مع المصرف المركزي لنقل العملة الأجنبية إلى الخارج في الربع الأول، ما مكن النادي من صرف ما يزيد على مليوني دينار، ما يعادل 431 ألف دولار، لمدفوعات من الخارج".
ويدير النادي الأهلي أسامة عبدالمجيد محمد، المعروف باسم أسامة طليش، وهو الرئيس الحالي هيئة أمن المرافق والمنشاَت، ومقرب من عبدالغني الككلي، قائد جهاز دعم الاستقرار التابع لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
وقال الموقع الفرنسي إن "إصدار خطاب الاعتماد للنادي الأهلي يأتي في الوقت الذي يسعى فيه محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، للتقرب من الككلي، الذي يمثل دعمه أمرا أساسيا بالنسبة إلى الدبيبة."