مصرف ليبيا المركزي يطرح عملات نقدية جديدة لمعالجة أزمة السيولة

طرابلس - يطرح مصرف ليبيا المركزي عملات نقدية جديدة فئة خمسة دنانير و10 دنانير و20 دينارا اعتبارا من الأسبوع القادم تحمل توقيع المحافظ الجديد للمصرف ناجي محمد عيسى، في خطوة يُنظر إليها كإجراء جديد لمعالجة أزمة السيولة المتفاقمة في البلاد.
وتولى عيسى منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي في أكتوبر خلفا للصديق الكبير الذي تمت إقالته بقرار من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في أغسطس الماضي.
وأوضح المصرف المركزي، في بيان صادر الاثنين، أن هذه الخطوة تأتي استنادا إلى اختصاصاته الواردة بقانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته، مؤكدا التزامه التام بالأعمال المناطة به وفق صحيح القانون.
وذكر البيان أنه "سوف يتم لاحقاً نشر فيديو توضيحي للخصائص والمواصفات التأمينية الواضحة للفئات الجديدة"، والتي تهدف إلى تعزيز الثقة وتقليل احتمالية التزوير.
وعلى الرغم من الإعلان عن طرح العملات الجديدة، أشار بيان المصرف إلى وجود فئات أخرى قيد الطباعة سيتم الإعلان عنها لاحقًا.
وتحمل الأوراق الجديدة جميعها صورة المناضل الليبي عمر المختار إلى جانب بعض المعالم التاريخية في البلاد.
ويأتي هذا الإجراء في سياق اجتماع عقده المحافظ مع الرئيس التنفيذي لشركة "دي لا رو" البريطانية، المتخصصة في طباعة العملات، في ديسمبر الماضي، لبحث تنفيذ ملاحق العقود السابقة وجدول مواعيد تسليم الشحنات. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي العقود يبلغ 30 مليار دينار ليبي (6.25 مليار دولار).
ورغم الثروة النفطية الهائلة التي تمتلكها ليبيا، لا تزال أزمة السيولة تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني، فمنذ عام 2011، يعاني المواطنون من صعوبة الحصول على رواتبهم ونقودهم، ما اضطرهم إلى الوقوف في طوابير طويلة أمام البنوك.
وتفاقمت الأزمة نتيجة الانقسامات السياسية بين إدارتين متحاربتين في الغرب والشرق، حيث تسيطر الفصائل المتنافسة على المؤسسات الاقتصادية الرئيسية، الأمر الذي أعاق قدرة المصرف المركزي على توحيد السياسات المالية.
والخطوة الحالية لإصدار العملات الجديدة قد تكون جزءا من محاولة لإعادة هيكلة النظام النقدي وتحفيز حركة الاقتصاد، لكنها لا تزال تواجه العديد من التحديات. من أبرزها ضعف الثقة الشعبية في المؤسسات المالية، والتحديات المرتبطة بتهريب العملة واستخدام السوق السوداء، والتي تتسبب في إضعاف القيمة الحقيقية للدينار الليبي.
ومع تولي ناجي محمد عيسى منصب المحافظ، ظهرت توقعات بحدوث تغييرات إيجابية في سياسات المصرف المركزي. ويمثل هذا الإصدار الجديد للعملة أول اختبار عملي لعيسى أمام الرأي العام، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية الكبرى التي تواجه البلاد.
وبلغت الإيرادات المالية للمصرف نحو 17 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يمكن أن يوفر دعما للإجراءات الاقتصادية الجديدة، ومع ذلك، فإن نجاح الخطوة يعتمد بشكل كبير على الاستقرار السياسي وتفعيل منظومة الإصلاح الاقتصادي بشكل شامل.
وتطرح هذه الإجراءات النقدية تساؤلات ما إذا كانت قادرة على التخفيف من وطأة أزمة السيولة وتحسين حياة المواطن الليبي أم أنها ستُضاف إلى سلسلة من المحاولات التي فشلت في مواجهة التحديات المتفاقمة.
ورغم هذه الخطوة تعد بمثابة بداية جديدة، إلا أنها في نظر بعض المحللين والمراقبين غير كافية لحل الأزمة العميقة التي تعاني منها ليبيا، إذ يعتقدون أن التعاون بين المؤسسات المالية والحكومة، مدعوما باستقرار سياسي وأمني، يمكن أن يمهد الطريق أمام تحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي ومستدام.