مصحات تونسية ترفض قبول مرضى ليبيين لعدم سداد الديون

مراقبون يرجحون أن يكون تخلف رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة عن سداد الديون التونسية كمحاولة لمقايضة تونس مع تلك الأموال المجمدة.
الجمعة 2023/01/06
الدبيبة من ضمن الشخصيات المجمدة أمواله في تونس

تونس - أعلنت مصحات تونسية عدم قبول أي مريض ليبي جديد في مصحاتها الصحية ومستشفياتها، بينما تهدد بإخراج المرضى الليبيين الموجودين في المصحات قبل نهاية الأسبوع القادم.

ويأتي هذا الإجراء بعدما تعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية الولاية خلال زيارته الأخيرة إلى تونس، بسداد الديون المتراكمة على ليبيا للمصحات التونسية، والتي تخطت عتبة 100 مليون دينار تونسي (أكثر من 32 مليون دولار) خلال الفترة من سنة 2021 إلى 2022.

وقال الدبيبة خلال اجتماع في تونس العاصمة مع رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول وأعضاء الاتحاد في ديسمبر الماضي إن "الحكومة الليبية ستسدد 250 مليون دولار ديونا مستحقة لتونس قبل نهاية العام الجاري وهي متعلقة بديون علاجية لمرضى ليبيين ومستحقات الكهرباء".

وأبلغ شهود عيان من المرضى الليبيين في اتصالات هاتفية بوكالة الأنباء الليبية "وال" أن إدارات هذه المصحات قامت منذ أربعة أيام بإخراجهم من المصحات، وتعاملت معهم بأسلوب مستفز دون أية مراعاة لظروفهم الصحية الصعبة.

وأشار المرضي أن هذا الاجراء المفاجئ من قبل المصحات التونسية أضطرهم رغم ظروفهم الصحية والمالية الصعبة إلى الالتجاء إلى تأجير شقق ومساكن متواضعة تفتقر معظمها لأبسط الإمكانيات الحياتية ومنها وسائل التدفئة خاصة في هذه الأجواء الشتوية والباردة على أمل حل هذا المشكل والعودة لاستكمال علاجهم.

وناشد المرضى الليبيون السلطات الليبية وفي مقدمتها وزارة الصحة التدخل السريع لحل هذه الإشكالية والنظر في معاناتهم خاصة وأن من بينهم مرضى الأورام والقلب والجلطات التي تتطلب رعاية طبية فائقة.

واستقبلت مستشفيات تونسية الجرحى الليبيين أثناء الحروب التي عاشتها ليبيا خلال السنوات الماضية كما ربطت البلاد شبكتها الكهربائية في مناطقها الغربية مع تونس لتعويض نقص الإنتاج بسبب تضرر أبراج نقل التيار.

وطالبت جهات تونسية مرارا بتسديد الديون الليبية وهو ما مثل أحد أهم النقاط الخلافية مع الحكومات الليبية السابقة لكن يبدو أن الدبيبة الذي تعهد بتسوية هذه الملفات العالقة بدفع من الجانب الجزائري، نكث وعده مما دفع أصحاب المصحات الخاصة إلى الامتناع عن استقبال مرضى ليبيين.

وكان وزير الخارجية التونسي السابق خميس الجهيناوي أكد في 2018 إنه تم الاتفاق مع الجانب الليبي على تسديد 50 مليون دينار (18 مليون دولار) كدفعة أولى من ديون الليبيين المتخلدة لدى المصحات التونسية الخاصة فيما لم يتم التأكيد من تنفيذ الجانب الليبي لذلك التعهد.

ويرجح مراقبون أن يكون تخلف حكومة الدبيبة عن سداد الديون التونسية محاولة منه لدفع السلطات التونسية إلى رفع القيود عن أموال وممتلكات الليبيين المصادرة، لا سيما وأنه مشمول بهذا الملف، حيث له أموالا مجمّدة في تونس بصفته رجل أعمال قبل أن يتولى رئاسة الحكومة. 

وملف الأموال الليبية المجمّدة في تونس يعدّ من أعقد الملفات، والذي سبق أن طرحه الدبيبة علناً وبشكل رسمي خلال زيارة رئيس الحكومة المقالة هشام المشيشي إلى ليبيا في ماي 2021، حيث يتعلق بعضها بقرارات أممية ودولية منذ سنة 2011، والبعض الآخر بعمليات تجميد قام بها البنك المركزي التونسي بناءً على أذونات قضائية محليّة.

وكان الدبيبة قد طالب تونس بتسليم ملايين الدولارات من الأموال المجمدة التي تعود بعضها إلى ملكيّته للدولة الليبية في عهد نظام القذافي، والبعض الآخر منها يتعلّق برجال أعمال وشركات ليبية وتحويلات مالية مشبوهة قد تكون لها علاقة بعمليات تهريب وتبييض أموال، فضلاً عن شبهات تمويل أنشطة إرهابية.

وأكدت السلطات التونسية في أكثر من مناسبة أن ملف الأموال المجمّدة هو شأن قضائي لا يمكن التدخل فيه سياسياً.