مصانع الصين تبتعد عن الخمول لكن طريق انتعاش النمو طويل

بكين - توسع نشاط التصنيع في الصين خلال مارس الماضي للمرة الأولى منذ شهر سبتمبر 2023، في إشارة إلى استقرار ثاني أكبر اقتصاد في العالم مما يريح صناع السياسات حتى مع استمرار الأزمة في قطاع العقارات في التأثير على الثقة.
وأظهر مسح لنشاط الصناعات التحويلية الأحد أن مؤشر مديري المشتريات ارتفع إلى 50.8 في مارس من 49.1 في فبراير، متجاوزا مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش ومتجاوزا متوسط التوقعات البالغة 49.9 في استطلاع أجرته رويترز.
وعلى الرغم من أن وتيرة النمو كانت متواضعة، إلا أنها كانت أيضا أعلى قراءة لمؤشر مديري المشتريات منذ مارس من العام الماضي، عندما بدأ الزخم الناتج عن رفع القيود الصارمة المرتبطة بكوفيد في التوقف.
وقال تشو ماو هوا، المحلل في بنك تشاينا إيفربرايت إنه “من خلال المؤشرات، تحسن العرض والطلب المحلي، في حين تتعافى ثقة أصحاب المنازل والشركات، بينما تتزايد الرغبة في الاستهلاك والاستثمار”.
وأظهرت بيانات المؤشر أن طلبيات التصدير الجديدة ارتفعت إلى المنطقة الإيجابية، لتنهي تراجعا دام 11 شهرا، لكن التوظيف استمر في الانكماش، وإن كان بمعدل أبطأ.
وتشير المؤشرات المتفائلة الأخيرة إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يعود ببطء إلى وضع أفضل، مما دفع المحللين إلى البدء في رفع توقعاتهم للنمو لهذا العام.
ويواجه صناع السياسات التباطؤ الاقتصادي المستمر منذ التخلي عن قيود الإغلاق في أواخر 2022، وسط أزمة الإسكان المتفاقمة وتصاعد ديون الحكومات المحلية وضعف الطلب العالمي.
وقالت شركة تشاينا بيغ بوك الاستشارية في مذكرة الأسبوع الماضي “تظهر بيانات شهر مارس أن الاقتصاد يستعد لنهاية قوية للربع الأول”.
وأضاف “سجل التوظيف أطول فترة تحسن منذ أواخر عام 2020، وانتعش التصنيع، وكذلك البيع بالتجزئة”.
ومع ذلك، فإن الركود العميق في قطاع العقارات في العملاق الآسيوي لا يزال يمثل عائقا كبيرا أمام النمو، ويختبر صحة الحكومات المحلية المثقلة بالديون والميزانيات العمومية للبنوك المملوكة للدولة.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات الرسمي غير التصنيعي، الذي يشمل الخدمات والبناء، إلى 53 نقطة من 51.4 نقطة في فبراير، مسجلا أعلى قراءة منذ سبتمبر.
وأعلن رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ عن هدف نمو اقتصادي طموح لعام 2024 يبلغ حوالي 5 في المئة في وقت سابق من هذا الشهر في الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب البرلمان الصيني.
لكن المحللين يقولون إن صناع السياسات سيحتاجون إلى طرح المزيد من التحفيز لتحقيق هذا الهدف لأنهم لن يتمكنوا من الاعتماد على القاعدة الإحصائية المنخفضة لعام 2022 التي أضعفت بيانات النمو لعام 2023.
ورفعت مجموعة سيتي الخميس الماضي توقعاتها للنمو الاقتصادي للصين لهذا العام إلى خمسة في المئة من 4.6 في المئة، مشيرة إلى “البيانات الإيجابية الأخيرة وتنفيذ السياسات”.
ووافق مجلس الوزراء الصيني مطلع مارس الماضي، على خطة تهدف إلى تعزيز تحديث المعدات على نطاق واسع ومبيعات السلع الاستهلاكية.
وقال جهاز التخطيط الحكومي إن “الخطة يمكن أن تولد طلبا في السوق يزيد عن 5 تريليون يوان (691.63 مليار دولار) سنويا”.
ويشعر العديد من المحللين بالقلق من أن الصين قد تبدأ في مغازلة الركود على غرار اليابان في وقت لاحق من هذا العقد، والذي قد يرخي بظلال قاتمة على الاقتصاد العالمي باعتبار البلد أكبر محرك للتجارة العالمية.
مسح لنشاط الصناعات التحويلية أظهر أن مؤشر مديري المشتريات ارتفع إلى 50.8 في مارس من 49.1 في فبراير ومتجاوزا متوسط التوقعات البالغة 49.9 في استطلاع أجرته رويترز
وربطوا تفادي ذلك باتخاذ صناع السياسات خطوات لإعادة توجيه الاقتصاد نحو استهلاك الأسر وتخصيص الموارد في السوق، وبعيدا عن الاعتماد الكبير على استثمارات البنية التحتية التي برزت في الماضي.
وأطلقت السلطات مزيدا من السيولة طويلة الأجل في النظام المصرفي هذا العام لتحفيز الإقراض، وأشار مسؤولو البنك المركزي إلى احتمال إجراء خفض إضافي في حجم الأموال النقدية التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها في احتياطاتهم النقدية.
وعلاوة على ذلك، سرّع المركزي إنفاق الحكومة المركزية لدعم الاستثمار في البنية التحتية، كما تعهد مسؤولو البنك بتوفير الأموال لتشجيع المستهلكين والشركات على استبدال السلع القديمة، بما في ذلك السيارات والأجهزة المنزلية.
واعترف الرئيس الصيني شي جينغ بينغ في اجتماع الأربعاء الماضي مع مجموعة من قادة الأعمال الأميركيين بالتحديات التي يواجهها اقتصاد بلاده، لكنه لا يزال يبدو واثقا في التغلب على هذه المطبات.
وكان الاجتماع مع المديرين التنفيذيين، والذي شمل ستيفن شوارزمان من شركة بلاكستون وكريستيانو آمون من شركة كوالكوم، جزءا من جهود المسؤولين الصينيين لاستعادة ثقة المستثمرين الأجانب في اقتصاد بلدهم بعد تباطؤ الاستثمار الداخلي.