مشروع نيوم العملاق يطارد استثمارات الصين

المشروع العملاق الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2017 سيتضمّن منتجعا للتزلج ومبنى بطول عشرات الكيلومترات.
الاثنين 2024/04/22
مشروع واعد

هونغ كونغ - أجرى القيّمون على مدينة نيوم التي تشيّدها السعودية في صحرائها المطلّة على البحر الأحمر جولة في الصين مخصصة لجذب مستثمرين، عرضوا خلالها الخطوط العريضة للمشروع الباهظ الكلفة، بدون تقديم إجابات لتساؤلات كثيرة حول قابلية نجاحه.

وسيتضمّن المشروع العملاق الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2017 وتصل كلفته إلى نصف تريليون دولار، منتجعا للتزلّج ومبنى بطول عشرات الكيلومترات.

وبعد مرورهم في بكين وشنغهاي، أمضى القيّمون على المشروع المستقبليّ يومين في هونغ كونغ، وقدّموا عرضا مذهلا لخطط نيوم أمام مستثمرين محتملين.

وقال المدير التنفيذي للتخطيط العمراني لدى نيوم طارق القدومي لصحفيين خلال زيارة لمعرض مخصص للمشروع في متحف أم+ في هونغ كونغ، إن الشركة تهدف إلى تحقيق توازن بين “حماية الطبيعية وقابلية الإنسان على العيش والازدهار الاقتصادي”. وأضاف “نيوم رؤية واسعة للغاية… إنها على الأرجح المبادرة الأكثر إثارة والأكثر تطلعا للمستقبل في القرن الحادي والعشرين”.

ولم يتمّ الإعلان عن أي اتفاقية كبيرة خلال هذه الجولة. وقال رئيس جمعية تطوير التكنولوجيا المبتكرة في هونغ كونغ ليونارد تشان إن المعرض ساهم في جعل نيوم “أقل غموضا” وكانت ردود فعل الضيوف في حفل الاستقبال المخصص للمشروع “محايدة إلى حد ما”.

طارق القدومي: هدف تسعة ملايين نسمة سيتمّ تحقيقه على مرّ الزمن
طارق القدومي: هدف تسعة ملايين نسمة سيتمّ تحقيقه على مرّ الزمن

لكنّ الرجل المتحدّر من هونغ كونغ المعروفة بناطحات السحاب، أكد أنه غير مستعدّ للعيش في المبنى الأبرز في المشروع ذا لاين وهو تصميم ذو واجهتين مرآتين يُفترض أن يمتدّ على 170 كيلومتر في الصحراء بارتفاع 500 متر وعرض مئتي متر.

وقال لوكالة فرانس برس “سأزوره من أجل المتعة، لكن لن أعيش هناك. الأمر أشبه بالعيش في (لعبة) سيم سيتي” الإلكترونية لبناء المدن الافتراضية. وأضاف “إذا عشتُ هناك، قد لا أرغب في المغادرة، والأمر أشبه بالعزلة عن العالم ولا أستطيع تحمّل ذلك”.

وكذلك قال بلاتو ييب، رئيس منظمة أصدقاء الأرض البيئية في هونغ كونغ التي تناقش مع نيوم اتفاقيات حول الهيدروجين الأخضر، إن مشروع ذا لاين، “يجعلك تشعر أنك مسجون في داخله، رغم أنه قد يكون مريحا للغاية”.

وعندما كشف الأمير محمد عام 2022 النقاب عن ذا لاين الذي يسمّيه الموقع الرسمي لنيوم “المدينة العمودية”، قال إن “عدد سكانه سيتجاوز المليون عام 2030 قبل أن يرتفع إلى تسعة ملايين بحلول عام 2045”.

لكن وكالة بلومبرغ كشفت هذا الشهر أن بموجب التوقّعات المعدّلة للقيّمين على المشروع، فإن 300 ألف شخص فقط سيعيشون في هذا المبنى بحلول نهاية العقد الحالي، عندما سيكون قد أنجز 2.4 كيلومتر منه فقط.

ولم تردّ نيوم على طلبات وكالة فرانس برس استيضاح المعلومات الواردة في تقرير بلومبورغ. وأمام نموذج مصغّر للمشروع أظهر المبنى كشفرة لامعة تقطع اليابسة من البحر الأحمر وصولا إلى عمق الصحراء، اكتفى القدومي الجمعة الماضي، بالقول إن هدف تسعة مليون نسمة سيتمّ تحقيقه “على مرّ الزمن”.

ووصف ميزات المبنى العملاق بما في ذلك ممر يؤدي إلى خليج العقبة و”مرسى مخفيّ”. وأوضح القدومي أنه يتمّ تشييد أنفاق ستتيح المرور بجبال صحراوية بالإضافة إلى مطار يُتوقع أن يستقبل مئة مليون مسافر سنويًا.

ليونارد تشان: عرض هونغ كونغ ساهم في جعل نيوم أقل غموضا
ليونارد تشان: عرض هونغ كونغ ساهم في جعل نيوم أقل غموضا

وقال إن الركاب “سينزلون من الطائرة ويسيرون إلى المدينة. سنلغي كل المتاعب المرتبطة بالمطار، سواء كان ذلك يتعلق بإجراءات (جوازات السفر) أو الأمن أو حتى… استلام الأمتعة في المطار. سيتمّ إرسال الحقائب إلى العنوان مباشرة”. ويُتوقع أن يكتمل إنشاء منتجع بحريّ فاخر يمكنه استقبال أسطول من اليخوت في جزيرة سندالة “بحلول نهاية العام”، بحسب القدومي.

ويُفترض أن ينتهي بناء مشروع تروجينا، المنتجع الشتوي المستقبلي الذي يتضمّن بحيرة اصطناعية ومنحدرات للتزلّج تمتدّ على 36 كلم، قبل عام 2029 استعدادا لاستضافة الألعاب الأولمبية الشتوية.

وأشار القدومي إلى أن عناصر أخرى من نيوم بما في ذلك مشاريع سكنية على الواجهة البحرية في منطقة أوكساجون، ستُشيّد “بعد 2030”.

وجال القيّمون على مشروع نيوم الذي يشد توازيا مع مشاريع ضخمة أخرى في إطار رؤية 2030 وتهدف إلى تنويع اقتصاد البلد الخليجي المرتهن بالنفط، استعدادا لمرحلة ما بعد الوقود الأحفوري، أيضا في أوروبا والولايات المتحدة بحثا عن مستثمرين.

والعام الماضي، اختيرت السعودية لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2034 بعدما كانت المرشحة الوحيدة، وأمامها عشر سنوات لبناء الملاعب والبنى التحتية المناسبة للحدث العالمي.

وقال وزير المالية محمد الجدعان في ديسمبر 2023 إن “مواعيد إنجاز بعض المشاريع الكبيرة ستُؤجّل إلى ما بعد 2030 دون تحديد عن أي مشاريع يتحدث”. ورجّح كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربية بواشنطن روبرت موغيلنيكي أن تمنح الأولوية للمشاريع المرتبطة بأحداث معيّنة.

وقال إن “السعوديين لن يتمكنوا من التحرك بسرعة مئة ميل في الساعة في كافة الاتجاهات في مجال التنمية إلى أجل غير مسمّى”. وأوضح أنهم يحتاجون إلى نمو ثابت ومستدام للاستثمار الأجنبي من مختلف القطاعات. واعتبر أنه “ليس سرا أنهم لم ينجحوا في ذلك بعد”.

انفاق خيالي

10