مشروع مغربي طموح لربط الساحل الأفريقي بالأطلسي

الرباط تسعى إلى تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية وإعطاء دفعة أقوى للتنمية في الإقليم المتنازع عليه.
الاثنين 2025/06/30
المغرب يعدل بوصلة دول غرب أفريقيا

العركوب (المغرب) - يطرح المغرب مشروعا ضخما لتمكين بلدان منطقة الساحل الأفريقي المعزولة من الحصول على منفذ بحري على المحيط الأطلسي عبر طرق تمتد على الآلاف من الكيلومترات، لكن تنفيذه يواجه تحديات في منطقة تشهد تقلبات جيوسياسية وجماعات مسلحة.

وأعلن المشروع في خطاب للعاهل المغربي الملك محمد السادس عام 2023 جاء فيه “نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي”، الذي يمتد على سواحل الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر.

وتهدف الرباط بذلك إلى تعزيز نفوذها في القارة الأفريقية وفي نفس الوقت إعطاء دفعة أقوى للتنمية في الإقليم المتنازع عليه، الأقرب جغرافيا لبلدان الساحل، بينما تمر علاقات الجزائر مع تلك البلدان بفترة توتر.

مراقبون يؤكدون أن الجماعات المسلحة والاضطرابات الإقليمية لن تعيق تنفيذ المشروع المغربي الضخم

وطرح المشروع في سياق تحولات في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وهي بلدان غنية بالموارد الطبيعية تشكل تحالفا في ما بينها وتحكمها أنظمة عسكرية وصلت إلى السلطة إثر انقلابات بين عامي 2020 و2023 وتقاربت مع روسيا بعد تخليها عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

وعلى إثر تلك التحولات اتخذ الاتحاد الأفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) قرارات زادت من عزلة البلدان الثلاثة.

وفي التاسع والعشرين من يناير الماضي غادرت الدول الثلاث التي شكلت تحالف دول الساحل رسميا المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، واتهمت إيكواس بفرض عقوبات “غير إنسانية وغير قانونية وغير شرعية” عليها بعد الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وبأنها لم تساعدها بما يكفي لمكافحة الجماعات المسلحة المتطرفة، وبالتبعية لفرنسا.

وقال وزير خارجية النيجر باكاري ياوو سانغاري عقب استقباله رفقة وزيري خارجية بوركينا فاسو ومالي من قبل الملك محمد السادس في الرباط نهاية أبريل الماضي، إن المغرب كان “من أول البلدان التي وجدنا لديها تفهما في وقت كان تجمع إكواس وبلدان أخرى على وشك شن حرب علينا.”

وأعرب الوزراء الثلاثة يومها عن التزام بلدانهم “بتسريع” تنفيذ المشروع. وشكلت هذه الدول الثلاث في سبتمبر 2023 تحالف دول الساحل.

وتعتمد البلدان الثلاثة حاليا على موانئ في عدة بلدان من إكواس (بنين وتوغو والسنغال وساحل العاج وغانا)، لكن توتر علاقاتها مع هذه المجموعة يمكن أن يهدد وصولها إلى تلك المرافئ.

وبينما قد تثير التحديات الأمنية واللوجستية تساؤلات حول جدوى المشروع وتمويله، يؤكد مراقبون أن الجماعات المسلحة والاضطرابات الإقليمية لن تعيق تنفيذ المشروع المغربي الضخم لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي. وذلك نظرا لأهميته الإستراتيجية، والدعم المتوقع من الدول الفاعلة، والخبرة المغربية في إدارة المشاريع الكبرى.

وتضيف الباحثة في الجامعة الدولية للرباط بياتريس ميزا أيضا “فشل” العمليات الأوروبية خلال الأعوام الأخيرة في المنطقة على غرار عملية برخان.

المغرب يطرح مشروعا ضخما لتمكين بلدان منطقة الساحل الأفريقي المعزولة من الحصول على منفذ بحري على المحيط الأطلسي عبر طرق تمتد على الآلاف من الكيلومترات

وترى أن المغرب، الذي يشكل ما يشبه “مثلثا” مع أفريقيا والغرب، بصدد “الاستفادة من تلك الإخفاقات من خلال تقديم نفسه كشريك موثوق لأوروبا” وأفريقيا على حد سواء.

لكن وبعد إعلان هذا المشروع يبقى السؤال عن مدى الجدوى والتمويل.

يحتمل بأن تساهم الولايات المتحدة وفرنسا ودول خليجية في تمويل المشروع، وفق تقرير لمجلة “أفريك أون موفمون” المغربية المتخصصة، وهي دول أعلنت رسميا تأييدها للفكرة.

وسيكون عبارة عن شبكة طرق تربط كلا من تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا بالمغرب. وسيكلف شقها نحو مليار دولار، بحسب رئيس المعهد المغربي للذكاء الإستراتيجي عبدالمالك العلوي.

ويضيف العلوي أن الأمن في الساحل يبقى عنصرا أساسيا لنجاح مشروع الطرق، مشيرا إلى أن أي مناوشات قد توقف الأعمال في منطقة تعاني من هجمات جهادية مستمرة. ومع ذلك، فإن تصميم المشروع يأخذ في الاعتبار هذه التحديات، مع التركيز على المرونة والتكيف.

وتم إطلاق هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 1.2 مليار يورو في نهاية العام 2021، ويقع في العركوب في قلب المنطقة، واكتمل بنسبة 38 في المئة، ومن المتوقع أن يدخل حيز التشغيل في عام 2028، مما يؤكد الإرادة المغربية القوية في تحقيق هذا المشروع الحيوي، وتحويله إلى حقيقة ملموسة تخدم التنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها.

4