مشروع للمعارضة السورية: رحيل نظام الأسد مقابل اتفاقية سلام مع إسرائيل

"ترحيل النظام + اتفاق سلام" مشروع طرحه منذ أيام المعارض السوري الدكتور كمال اللبواني، وتسرّبت معلومات عن تنسيق مسبق بشأنه مع أطراف عربية وإقليمية عديدة ودور للكونغرس الأميركي في الإعداد والتحضير له.
في هذا الحوار، نحاول مناقشة المعارض السوري كمال اللبواني في الورقة التي تم تسريبها مؤخرا، وتتبع الطريق التي مرّ بها قبل أن يتم إعلانه بالطريقة التي عرض بها، وآفاق القبول الشعبي والعربي والدولي لأكثر الملفات حساسية في التاريخ العربي المعاصر (العلاقة مع إسرائيل).
يقرّ كمال اللبواني بأنه لن يقدّر لبشار الأسد الانتصار على الشعب السوري ولن يتمكن من بسط سيطرته على سوريا من جديد، وبالمقابل فإن العالم لن يسمح للإسلاميين بالانتصار في حربهم ضد الأسد.
ويضيف “لن يسمح النطاق العربي المحيط بسوريا، العراق والأردن ولبنان ودول الخليج ومصر وكذلك تركيا، باستبدال بشار الأسد بالمتطرفين، في ظل تشرذم الجيش الحر، بالإضافة إلى المجتمع الدولي الذي بات يعرف تماما أن من يقاتل الآن هم كتائب إسلامية، وجبهات إسلامية، ناهيك عن القاعدة المرتبطة بالنظام أصلا والمتمثلة في داعش.
|
ولا يمكن تصوّر انتصار جبهة النصرة في ظل الخارطة السياسية الحالية للعالم والعالم العربي والإسلامي، إذا هذا التوازن في الضعف الذي نحن فيه، سيكون على حساب دماء الشعب السوري، والحديث عن استمرار الأوضاع في سوريا إلى عشر سنوات تالية لم يأت من فراغ، ولكنه موقف أمريكي فعلي يتبعه الموقف الدولي”.
ولكن ماذا عن الحل السياسي ومسار جنيف وخطة كوفي عنان والقرارات الدولية؟ الذي أصرّت أميركا وروسيا على جذب كل من الطرفين النظام والمعارضة إلى خوضه؟ نسأل اللبواني، الذي يرى أن الحل السياسي “سخيف جدا وقائم على منطق غير عقلاني، فكيف نطلب من طرفين يتصارعان للوصول إلى السلطة في سوريا أن يتفقا على حل يقصي الطرفين معا عن هيئة الحكم القادمة، وبقبولهما وبإرادتهما ودون ممارسة أية ضغوط جدّية؟”.
دور إسرائيل في استمرار الأسد
لكن كمال اللبواني يرى أنه “طالما أننا، نحن السوريين، ما زلنا نفكّر في إبادة إسرائيل والإسرائيليين ومحوهم من الوجود، فمن الطبيعي أن تستمر إسرائيل في دعم الأسد الذي لم يحرّك ساكنا نحوها، سنقيم سلاما مع الإسرائيليين في النهاية، لماذا نهرب من هذا؟
الجولان أرض سورية، تم تسليمها لإسرائيل بلا معركة من أجل كرسي الحكم من قبل وزير الدفاع حافظ الأسد في العام 1967، وكانت بقية الأثمان حرب الأسد على الثورة الفلسطينية في المنطقة، وعلى القوى العربية المدنية المختلفة، وعلينا أن ندرك أن أي أحد سيتولى حكم سوريا اليوم وغدا أو بعد غد سيعقد اتفاق سلام مع الإسرائيليين، واتفاقيات السلام في العالم لم تعد غامضة، إسرائيل ربما تفكّر اليوم في أن سوريا في حالة حرب أهلية مزمنة.
هذا سيعفيها من توقيع اتفاق سلام تعيد فيه الأرض التي احتلتها وما يترتب عليها جراء ذلك، ولكننا قبل أن نصل إلى تلك المرحلة، لماذا لا نبيع قضية الجولان في التفاوض أفضل من أن نخسرها ونخسر معها سوريا على يد الأسد؟”.
بيع الجولان على طاولة المفاوضات
والديمقراطية كما تعلم لا يمكن بناؤها على أساس اقتصادي فقير ومشرذم، الآن ما هي الرافعة لهذا كلّه؟ سلام في المنطقة، وما ثمن هذا كلّه؟ قلنا للأميركيين لتكن الجولان هي منصة الحل في المنطقة لجميع المشاكل معا، نرضى أن تكون الجولان حديقة سلام دولية، والمناطق السياحية فيها تكون مفتوحة للعالم كلّه، ومن شاء من المستوطنين أن يبقى فليبقى، ومن شاء الذهاب إلى إسرائيل أو غيرها فليذهب، أما أهل الجولان الأصليون، فسيكون لهم الخيار بين إما أن يعودوا إلى أراضيهم أو أن يتم تعويضهم”.
ندعو المجتمع الدولي لينقذ ما تبقى من سوريا في مسار سلام واضح سيمضي في سياق اقتصادي وتنموي كبير
ما هي الاستراتيجية المطروحة لتطبيق مشروع تغيير النظام والسلام، وكيف يمكن النظر بواقعية إلى ما يجري التحضير له؟ وهل يمكن إقناع الشعب السوري بتلك الاستراتيجية؟ هذه الأسئلة يجيب عنها اللبواني بالقول: “طرحنا وسيطا بين السوريين والإسرائيليين، لا يمكن لأي عربي أن يتنكر له، إنهم عرب 48 العرب الفلسطينيون خلف الخط الأخضر، إضافة إلى الدروز في إسرائيل ذاتها وفي لبنان وسوريا والجولان، هذا الأمر سيقوي من دور ووجود هؤلاء الذين يمكن أن يكون لهم دورٌ تاريخي في مد يد العون لإخوتهم من العرب السوريين، وبالمقابل سيقوي وجودهم داخل إسرائيل ويمنع ذوبانهم فيها”.
ويرى اللبواني أن “إسرائيل دولة توسعية، كما يقال، وهذا صحيح ولكن ما هي القدرات التوسعية لإسرائيل؟ عدة قرى حول القدس؟ أجزاء من وادي عربة؟ ولكن أنظر إلى القدرات التوسعية الإيرانية، التي تصل إلى اليمن والسعودية وسوريا ولبنان والعراق والبحرين وبقية الخليج، من هي الدولة التوسعية؟ إيران أم إسرائيل؟ هذا هو السؤال؟”. ويضيف : “القضية الفلسطينية، أو قضية العرب المركزية، التي حمل الشعب السوري مسؤوليتها طيلة السنوات الطويلة الماضية، تخلى عنها الجميع بمعناها النظري. فكان السادات أول من تمرّد على تلك الثوابت ووقع اتفاقية كامب ديفيد، ثم ياسر عرفات ذاته، والأردن، وكثير من الدول العربية والإسلامية، لماذا تريد أن يتحمّل المواطن السوري المسكين الفقير الذي فقد أسرته تحت قصف براميل الأسد، وتم تدمير بيته ومدينته، وصار مشردا في الأرض، لماذا تريده أن يتحمّل عبئا فوق كل أعبائه، بعد أن احترقت حمص وحلب ودير الزور وإدلب، على الشعب السوري أن يتحمّل وزر العروبة والقومية؟ ويؤلمني أن أسأل.. لماذا حين قام بشار الأسد بقصفنا بالسلاح الكيميائي لم تخرج عاصمة عربية واحدة بمظاهرات تندد بتلك الجريمة البشعة؟ بالنسبة إلي، الحق في الحياة هو الحق الأول، أمّي في عمّان تقول لي لا أريد منك شيئا سوى أن أموت في بلدي، يعني الحق في الدفن!”.
استراتيجية إسرائيل مع الشعوب
|
مصالح المنطقة
التصنيف الأمني للمقاتلين
يكرّر اللبواني تشكيكه بالحل السياسي “التقيت مع جون كيري وزير الخارجية الأميركي في عمّان قبل جنيف2، وسألته كم هي نسبة نجاح المؤتمر فقال 5 بالمئة، فقلت له أنا طبيب ولا أستطيع أن أجري علمية جراحية لمريض بنسبة نجاح 5 بالمئة، فما هو البديل إن فشل جنيف2؟ فقال لا يوجد بديل، فقلت البديل الحل العسكري، قال ولكننا لن نسمح للمتطرفين بالانتصار، هذا ما لدى الأميركيين عن الحل السياسي، بعد فشل جنيف مؤخرا، تم عقد اجتماع أمني في أميركا، وقسّم القوى المقاتلة في سوريا إلى ثلاثة أقسام: المجموعة الخضراء وهم المسموح لهم بالسلاح من نوع صواريخ كونكورس لا أكثر، والمجموعة الثانية الصفراء هي التي يمنع عليها السلاح، أما المجموعة الحمراء فهي التي علينا أن نحاربها بأنفسنا، ويتم اليوم تجهيز طائرات بلا طيار لضرب المتطرفين، الواقع أن النظام يستفيد من هذا كلّه بمنع تقدّم الثورة ولكنه لا يحقق انتصارات رغم كل الدعم الذي يقدّم له”.
أميركا بعد فشل جنيف
اعترف لي كمال اللبواني بعد الحوار، بأنه يشعر بالاشمئزاز من مجرد التفكير في اجتياز هذا الحاجز النفسي، وطلب المساعدة من الإسرائيليين بعد تاريخ طويل من الظلم الذي تعرّضت له شعوب المنطقة العربية بسببهم هم وحلفائهم من الأنظمة الدكتاتورية، ولكنه يشعر بالاشمئزاز ذاته بعد جرائم بشار الأسد ونظامه وإيران وحزب الله والميليشيات العراقية في سوريا.
حزب الله يخطط لإقامة منصة إطلاق حول الجولان كتلك التي أقامها حافظ الأسد في جنوب لبنان
وسياسيا يفصل اللبواني عواطفه عن ضرورات العمل السياسي الذي عليه، كما يقول، أن ينقذ الشعب السوري من “المذبحة”، ولا يتردد في القول أخيرا: “الأكراد لديهم علاقات مع الإسرائيليين منذ أيام الملا مصطفى البارزاني، ومصر لديها علاقات كاملة والأردن وتركيا ودول عربية كثيرة، والولايات المتحدة التي نطلب مساعدتها، وفرنسا والاتحاد الأوروبي، وحتى الفلسطينيين أنفسهم، وحتى إيران التي اشترت السلاح من إٍسرائيل والولايات المتحدة في حربها مع العراق، وأنا لا أطرح شيئا تحت الطاولات، بل في العلن وفي النور وأعلن مشروعا مشتركا سوريا دوليا توافقنا حوله مع عدد كبير من القوى ومنهم ضباط كبار وقادة في الجيش الحر، وهو مشروع أمام الرأي العام وليس مؤامرة”.