مشروع قانون لإنشاء المحكمة الدستورية يثير جدلا في البرلمان الليبي

نواب يعتبرون أن القانون ترف تشريعي وتدخل سافر في عمل السلطة القضائية، فيما أكد آخرون ضرورته لحسم الطعون، خاصة أن الدائرة الدستورية أصبحت مسيسة.
الخميس 2022/10/20
طرح إنشاء محكمة دستورية لضمان حياد القضاء

بنغازي (ليبيا) – أثارت مناقشة مجلس النواب الليبي مشروع قانون لإنشاء المحكمة الدستورية جدلا واسعا بين النواب، حيث وجه البعض انتقادات حادة للقانون، فيما أكد آخرون ضرورته.

وكان مجلس النواب قد عقد جلسة رسمية في مدينة بنغازي الأربعاء برئاسة رئيس المجلس عقيلة صالح، لمناقشة مشروع قانون لإنشاء محكمة دستورية في البلاد، بحسب مقترح سابق تقدم به صالح.

ووفقا لبيان للمتحدث الرسمي باسم المجلس عبدالله بليحق، صوّت النواب بالاجماع على الإحالة إلى القضاء الأعلى، وذلك لإبداء الرأي الفني والملاحظات بخصوص مواد القانون التي عرضها صالح على النواب وتناولوها بالنقاش، دون الإشارة إلى نصاب الحضور من النواب.

وحول مشروع القانون، قال عقيلة صالح إنّ "المحكمة الدستورية هي جهات قضائية مستقلة وحارسة للدستور تصون قواعده وتحمي مبادئه"، مشيرا إلى أنّها "الجهة الوحيدة المنوط بها منفردة الرقابة على دستورية القوانين، وإلزام كل سلطة بالحدود والقيود الضابطة لنشاطها".

واعتبر صالح أن إنشاء المحكمة الدستورية "عمل وطني يصون الدستور ويحمي الحريات ويمنع الاستبداد"، موضحا أن مجلس النواب "يحرص على استقلال القضاء وحيادته ونزاهته وابتعاده عن التجاذبات السياسية".

جاءت هذه الخطوة بعد أن أقدم مجلس النواب الليبي خلال الشهر الماضي على اتخاذ عدة إجراءات، قال مراقبون إنّها جاءت على خلفية "إحساسه بالخطر جراء محاولة الإسلاميين في ليبيا، وفي مقدمتهم الإخوان، إقحام القضاء في الأزمة بدعم من محمد الحافي رئيس المحكمة العليا"، إلا أنّ البرلمان "أجهض" هذه المحاولات بتكليف المستشار عبدالله أبورزيزة رئيسا للمحكمة بديلا عنه.

وكان الإسلاميون يسعون لإقحام القضاء في الأزمة السياسية بالضغط على الحافي قبل إقالته لفتح الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، والتي من المتوقع أن تصدر أحكاما "سياسية" لصالح الإخوان، كما فعلت قبيل إغلاقها في العام 2014، حينما قضت ببطلان انتخاب مجلس النواب الليبي عقب خسارة التنظيم للانتخابات التي أجريت آنذاك.

ورغم أهمية الإجراء لإقصاء الإسلاميين، إلا أنّ أوساطا سياسية وقانونية ليبية حذّرت من خطورة تشكيل سلطة قضائية موازية في ليبيا، ممّا يعزز الانقسام بين الأقاليم ويفاقم الأزمات.

وواجه مشروع القانون انتقادات حادة في البرلمان، حيث قال النائب في البرلمان صالح أفحيمة في تصريحات لتلفزيون "بانوراما" المحلي إن "القانون ترف تشريعي وتدخل سافر في عمل السلطة القضائية".

وأضاف أفحيمة أن "هذا القانون يعد كارثة بكل المقاييس إذا لم يتم إجراء تعديلات جذرية على نصوص مواده، ومعيب وفيه تداخل كبير بين السلطتين التشريعية والقضائية، لاسيما أن غالبية أعضاء هذه المحكمة يتم تعيينهم من مجلسي النواب والأعلى للدولة".

وأشار إلى أن "المادة 21 بالقانون تنص على عدم جواز قبول المحكمة الدستورية الطعن بعدم دستورية أي نص قانوني موضوعي أو إجرائي، إلا من قبل رئيس مجلس النواب أو 10 نواب على الأقل أو رئيس الحكومة أو 10 وزراء، وهو ما يشكل سابقة خطيرة ويجب التصدي له".

واعتبر النائب في البرلمان الليبي محمد الحنيش في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن "مشروع القانون لم يلق قبولا من معظم النواب وتم الاتفاق على إحالته إلى المحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاء والإدارة العامة للقانون للدراسة أو إبداء الرأي".

لكن أيّد نواب آخرون هذا المشروع، خاصة أن هناك طعونا قضائية تتعلق بالانتخابات سيتم حسمها على الأرجح في المحكمة الدستورية.

وقال النائب في البرلمان الليبي عبدالمنعم العرفي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن "مشروع القانون قوبل بالرفض قبل حتى أن يعرض وأن تتم مناقشته".

وأشار إلى أنه "كان يفترض تلاوته وأخذ الرأي والشورى فيه، ويبقى مشروع قانون تقدموا به لمناقشته، والقبول به أو رفضه يبقى بيد مجلس النواب، وهو قدم من طرف قضاة ونواب ومحامين وتم وضعه على جدول الأعمال".

وتابع أن "الفيصل هو التصويت، إما برفضه أو بإقراره، هذا القانون يبتعد أولا عن العاصمة المختطفة من الميليشيات، وبالتالي هناك 7 طعون دستورية ضد أشخاص تنتظر فتح الدائرة الدستورية للحسم فيها، وللابتعاد عن تصفية كل طرف لحساب ضد الآخر".

وأوضح أن "هذه الطعون قد تدخل البلاد في مأزق آخر، لذلك لابد من تكريس المحكمة الدستورية من أجل حسم هذه الطعون وعدم الدخول في دوامة يصعب الخروج منها، خاصة أن الدائرة الدستورية أصبحت مسيسة ولا تملك استقلالية في ظل وجود الميليشيات".

واعتبر العرفي أن "المستفيدين من عرقلة المحكمة الدستورية هم المتأدلجون والإخوان المسلمون الذين يدعون أنهم هم صناع التغيير في ليبيا، لديهم أجندة واضحة".