#مش_بالسيف.. جدل متجدد في تونس بشأن الإفطار العلني

الجدل بشأن حملة #مش_بالسيف الإلكترونية يتطور إلى جدل سياسي ومجتمعي بين متمسك باحترام مشاعر المسلمين، وبين مطالبين باحترام الحريات الفردية.
الثلاثاء 2018/05/22
بماذا أزعجك

تونس - تجدد نشاط حملة #مش_بالسيف (ليس بالإكراه) من جديد على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس مع بداية شهر رمضان.

وكانت الحملة انطلقت السنة الماضية على إثر صدور أحكام بالسجن ضد أربعة أشخاص تعلقت بهم تهمة “التجاهر بالفحش”، بعد أن قامت قوات الأمن بإيقافهم وهم يتناولون الطعام ويدخنون في إحدى الحدائق العامة.

ويقول ناشطون في الحملة إنهم يقاتلون على جبهتين: الأولى على جبهة رجال دين الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لـ”التشهير” بالمفطرين في رمضان.

أما الجبهة الثانية، فتعمل على تعزيز التوعية الاجتماعية لحقوق المواطن التونسي التي ينص عليها الدستور، إضافة إلى تكريس الحقوق الفردية وتشكيل آلية ضغط عبر الفضاء الإلكتروني لتطبيق القانون.

ويعتبر عادل العلمي أشهر رجل دين في تونس يقوم بالتشهير بالمفطرين، وينشر على صفحته على فيسبوك مقاطع فيديو يظهر فيها متنقلا بين المقاهي والمطاعم المفتوحة في شهر رمضان، مصورا المفطرين من “أجل فضح ممارساتهم”، قائلا إن ما يقومون به “مخالفة شرعية وقانونية”.

وطالب العلمي السلطات الأمنية بإغلاق المقاهي السياحية وعدم الاقتصار على إغلاق المقاهي العادية خلال شهر رمضان، لأن عمل المقاهي السياحية خلال شهر رمضان يمنع السائح الأجنبي من تذوق نكهة رمضان في البلاد المسلمة، وفق تعبيره.

ويذكر أن العلمي خفت صوته في اليومين الماضيين بعد تورطه في فضيحة كاميرا خفية، إذ رحّب بالتعامل مع الموساد الإسرائيلي ووافق على قبض مبلغ مالي من إسرائيل لمساعدته على الترشح للرئاسة.

وكان وزير الداخلية لطفي براهم تمسك بتطبيق منشور غلق المقاهي والمطاعم “جزئيا” خلال شهر رمضان، ما أثار حفيظة مستخدمي الشبكات الاجتماعية، إضافة إلى برلمانيين معارضين وحقوقيين اعتبروا أن خطوة الوزير تعدّ على حرية الضمير والمعتقد وفق دستور 2014 و”مغازلة هابطة” لحركة النهضة.

وأعلن وزير الداخلية أمام البرلمان أن الوزارة تطبق الدستور والقوانين في نطاق صلاحيات حماية الأمن العام وحفظ النظام، مشيرا إلى أن السماح بفتح المقاهي والمطاعم خلال شهر رمضان من شأنه أن يستفز مشاعر “غالبية الشعب المسلم” وفق تعبيره. ولفت الوزير إلى أن الدستور ينص على أن تونس دولة دينها الإسلام، وعلى الدولة حماية المعتقدات والمقدسات، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية قامت بتأمين اليهود عند أدائهم مناسكهم وكذلك المسيحيين.

وأكد أن التجاهر بالإفطار من شأنه أن يفجر العنف ويشجع على القيام بعمليات إرهابية. وتحول الوزير إلى مادة للسخرية على عدة صفحات فيسبوكية.

وسخرت النائبة في مجلس الشعب صابرين قوبنطيني على فيسبوك ممن “يعتبر نفسه وصيا على معتقدات المواطنين وعلى صومهم”، واعتبرت أن “المشكلة ليست في حزب النهضة الإسلامي بل في من نتخيلهم حداثيين وهم محافظون أكثر من النهضة”.

وكتبت معلقة “طبعا يولّد الإرهاب. السيّد ‘المواطن’ الذي يعود إلى منزله قفّته فارغة وحيه يعرفه بمصبّ زبالة، خائف من قطع الماء والكهرباء لأنه لم يسدد فواتيره! هذا السيد يمكن أن يفجّر نفسه”.

وانتقدت النائبة هاجر بالشيخ أحمد قرار وزير الداخلية، واعتبرته قرارا لا يحترم مدنية الدولة، وينبئ عن فهم خاطئ لمعاني الدستور الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة، مشيرة إلى وجود تونسيين لا يعتنقون الإسلام وهم جزء من الشعب، وعلى الدولة أن تحترمهم وتراعيهم في كنف المساواة.

واعتبر نقيب الصحافيين ناجي البغوري أن وزير الداخلية يغازل حركة النهضة بقراره، مشيرا في تدوينة على صفحته على فيسبوك إلى أن الوزير انطلق عبر المنشور بحملة انتخابية رئاسية مبكرة لعام 2019.

ويعتزم ناشطون الخروج في مسيرة يوم 27 مايو في العاصمة تونس، للمطالبة بفتح كل المقاهي والمطاعم، على اعتبار أن “الأكل والشرب في الطريق العام حرية شخصية، والعقيدة والإيمان حرية شخصية وتونس للجميع بغض النظر عن الأديان”، وتشير الحملة إلى أن “تونس دولة مدنية وليست إسلامية والعلمانية هي الحل للتعايش مع الجميع”، معتبرة أن إغلاق المقاهي والمطاعم تعدّ على الحرية الشخصية للناس. ودعت جمعيات حقوقية تونسية السلطات إلى حماية “حرية الضمير والمعتقد”، بالإضافة إلى حرية المجاهرة بالإفطار في رمضان، ودعا الائتلاف المدني من أجل الحُريات الفردية في بيان، السلطات بالامتناع عن انتهاك الحقوق الفردية تحت أي مبررات، كما طالبها بالتصدي إلى كل التجاوزات التي تطال الحريات وذلك بتتبع ومعاقبة مُقترفيها سواء كانوا أفرادا أو مجموعات.

وفي هذا الشأن كتبت الناشطة رحمة الصيد على فيسبوك “الدولة راعية للدين في دور العبادة ليس في الشارع”.

وكتبت الناشطة اليسارية أسرار بن جويرة على فيسبوك أيضا مساندة لحملة “مفطري رمضان” “قهوتي الصباح، قهوتك العشية.. رمضانكم حرية”.

ومن جانبه، كتب الصحافي التونسي زياد الهاني “أساند تمسك وزير الداخلية بتطبيق منشور الغلق الجزئي للمقاهي”. وأضاف “تجاهر بالإفطار وضرب مقدسات الشعب ومعتقداته باسم حرية الضمير أو التصدي لحركة النهضة، فيها تطاول على هوية شعب بأسره ومقدساته. وما يعتبره البعض شجاعة، فيه استفزاز لمشاعر عامة الناس وتوليد للإرهاب، وأؤكد فيه توليد للإرهاب سندفع ثمنه نحن الذين نسير في الشوارع والأسواق وليس المحرضون عليه المؤمَّنون في أبراجهم العاجية.. وأنبه بعض النائبات ومن لف لفهن من زاعمي الحداثة، من مغبة اللعب بالنار”.

وتعليقا على تدوينة الهاني، كتب معلق “الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي كان محقا في أشياء كثيرة وخصوصا مواقفه من بعض الأشخاص مثل هذه النوعية من الآراء المتلونة التي في ظاهرها موقف وفي باطنها بحث عن منصب سياسي”. وكتب آخر “سقوط في مستنقع التكتيكات السياسية الرخيصة”.

19