مشاكل معبر رأس جدير تخيم على اجتماع اللجنة التجارية التونسية – الليبية

المبادلات التجارية بين تونس وليبيا تقدر بـ1.5 مليار دينار، وتمثل التجارة البينية أكثر من نصف المبادلات مع ليبيا.
الاثنين 2024/12/09
معبر رأس جدير يشهد إغلاقات متكررة

تونس- مثلت المشاكل المتعلقة بمعبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا، محور مباحثات في اجتماع اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين، وسط دعوات إلى اقتراح فريق تدخل سريع لفض تلك الإشكاليات، مع تطوير الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات التجارية بين البلدين ليشمل مجالات جديدة.

ويتكرر إغلاق معبر رأس جدير الحدودي، ويرى مراقبون، أن فشل الحكومات في تأمينه وافتتاحه يطرح في كل مرة تساؤلات بشأن طبيعة الأزمة وأسباب العجز الحكومي الأمني في السيطرة على المنطقة الحدودية الإستراتيجية بين البلدين وتأثير ذلك على العلاقات الثنائية.

ويقع معبر رأس جدير الحدودي شمال غرب ليبيا، على بعد حوالي 170 كيلومترًا غرب العاصمة طرابلس، ونحو 60 كيلومترا عن مدينة زوارة (غرب ليبيا)، ونحو 32 كيلومترا عن مدينة “بنقردان” التونسية، وتعبر منه مئات الشاحنات وآلاف المواطنين يوميا وهو نقطة العبور الرئيسية بين غرب ليبيا وجنوب شرق تونس.

وأفاد وزير التجارة وتنمية الصادرات التونسي، سمير عبيد، إن “الوقت حان إلى تطوير الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات التجارية بين بلاده وليبيا ليشمل مجالات جديدة” مؤكدا على “ضرورة إحداث فريق التدخل السريع المشترك لفض الإشكاليات التي قد تطرأ على مستوى المعبر.”

فشل الحكومات في تأمينه وافتتاحه يطرح في كل مرة تساؤلات بشأن طبيعة الأزمة وأسباب العجز الحكومي الأمني في السيطرة على المنطقة الحدودية الإستراتيجية بين البلدين

وتمحور الاجتماع حول التحديات التي تواجه التبادل التجاري الثنائي بين ليبيا وتونس، واتفق خلاله البلدان على ضرورة التنسيق بين الجهات المختصة من أجل معالجة هذه الصعوبات، مع وضع برنامج تنفيذي يهدف إلى إنشاء شراكات حقيقية بين أصحاب الأعمال الليبيين والتونسيين والشركات الصناعية والخدمية، بالإضافة إلى الاتفاق على عقد اجتماع تحضيري بين وزراء الاقتصاد والتجارة بليبيا وتونس والجزائر للتحضير لاجتماعات القمة الثلاثية.

وعقد سمير عبيد مناصفة مع وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة محمد الحويج اجتماع اللجنة التجارية المشتركة التونسية – الليبية بحضور وفدين رفيعي المستوى من كلا البلدين ومشاركة وفد من رجال أعمال ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وفق بيان لوزارة التجارة التونسية، نشِر الأحد.

وأكد وزير التجارة التونسي، أن “هذه اللجنة تعتبر الفضاء الأمثل لتذليل الصعوبات وفض الإشكاليات التي تحول دون تحقيق التكامل والاندماج الاقتصادي المنشود وتقييم هذه العلاقات ضمن رؤية شاملة ومتكاملة.”

وأوضح عبيد “سعْي الجانبين إلى مزيد تطوير وتعميق التعاون بينهما في مختلف المجالات بهدف الارتقاء بحجم التجارة البينية وإقامة مشروعات استثمارية وشراكات مثمرة بين الفاعلين الاقتصاديين وتشبيك المصالح في ضوء الفرص المتاحة لدى الطرفين”، مضيفا أنه حان الوقت إلى تطوير الإطار القانوني الذي ينظم العلاقات التجارية التونسية – الليبية ليشمل مجالات جديدة قادرة على تحقيق النقلة النوعية المرجوة على المستوى الثنائي من خلال إرساء إطار من الجيل الجديد للاتفاقات يتأقلم بالخصوص مع كل من اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (الزليكاف) واتفاقية السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “الكوميسا” لأنها تمثل الإطار الأمثل والأكثر انسجامًا مع التطور الاقتصادي الذي يشهده البلدان.

من جهته، أكد محمد الحويج “أهمية تعزيز التكامل الاقتصادي بين ليبيا وتونس في مجالات متعددة، مثل الصناعة والزراعة والتجارة، مع السعي لتعميق التعاون بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين مما سيسهم في تحقيق منفعة مشتركة للطرفين وفي خلق فرص عمل جديدة وتحقيق استدامة اقتصادية.”

وقال الحويج إن “اللجنة الاقتصادية الليبية – التونسية المشتركة ستعمل على تذليل جميع العقبات والمعوقات التي تواجه الشركات والمستثمرين في كلا البلدين، من خلال التنسيق مع الجهات المختصة التي شاركت في الاجتماع كما ستقدم وزارة الاقتصاد والتجارة الليبية التسهيلات اللازمة للشركات والمستثمرين الراغبين في عقد شراكات مع القطاع الخاص المحلي في ليبيا، وذلك لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين من 3.5 مليار دينار إلى 5 مليارات دينار سنويًا.”

وشدد على “إقامة مناطق حرة واستثمارية مشتركة في المناطق الحدودية بين ليبيا وتونس، مشيرًا إلى أن هذه المبادرة ستُسهم في تنشيط تجارة العبور نحو السوق الأفريقية.”

وتقدر المبادلات التجارية بين تونس وليبيا بـ1.5 مليار دينار تونسي سنويا، وتمثل التجارة البينية أكثر من نصف المبادلات التجارية مع ليبيا، حيث تمر غالبية السلع بشكل غير رسمي عبر معبر رأس جدير.

وتتمثل أزمة المعبر في صراع النفوذ والسيطرة بين القوات الأمازيغية وقوات حكومة الدبيبة التي تريد فرض سيطرتها على المعبر كونها الحكومة الرسمية والمعترف بها دوليا، في حين ترفض قوة الأمازيغ ذلك لأن المعبر يقع في مناطق نفوذها وتسيطر عليه منذ الثورة على نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

ويؤدي إغلاق المعبر إلى توقف مرور البضائع في كلا الاتجاهين، وحركة العديد من العمال التونسيين الذين يعملون في ليبيا وحركة الليبيين المتوجهين إلى تونس خصوصا لتلقي العلاج.

ومنذ بدء الأزمة بين حكومة الوحدة الوطنية وقوات الأمازيغ، تكرر إغلاق معبر رأس جدير.  وفي 19 مارس الماضي أعلن رسميا إغلاق المعبر بسبب اشتباكات أمنية بين القوتين.

وأكدت وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة في بيان لها أن “المعبر الحدودي لابد أن يعمل تحت سلطة وشرعية الدولة، وأن القوات الأخرى التي تريد السيطرة هم مجموعة خارجة عن القانون، وسيتم “اتخاذ أشد العقوبات ضدها وأنه تم إصدار التعليمات لقوة إنفاذ القانون للبدء في ذلك.”

ورغم إعلان حكومة الدبيبة رسميا أنه سيتم إعادة فتح رأس جدير الإثنين 24 يونيو إلا أن القوات الرافضة لذلك أغلقت الطريق المؤدي للمعبر ودخلت في اعتصام مفتوح ما أجبر الحكومة على التراجع واستمرار الإغلاق رغم توقيع اتفاق رسمي مع الجانب التونسي بذلك.

4