مشاريع تحلية المياه في الإمارات ترتكز على الطاقة النظيفة

تركز دولة الإمارات بشكل مكثف على مشاريع تحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة، بما ينسجم مع إستراتيجيتها للأمن المائي 2036، والهادفة إلى ضمان الوصول المستمر والمستدام مع الالتزام التام بحماية البيئة وخفض الانبعاثات وصولا إلى هدف الحياد المناخي.
أبوظبي - تساعد الابتكارات التكنولوجية وأنظمة إدارة المياه المتقدمة في ظل ندرة المياه المرتبطة بالمناخ في التخفيف من حدة الوضع في الإمارات عبر بناء محطات تحلية مياه رئيسية وتطويرها باستخدام الكهرباء النظيفة.
ويبرز محور “الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي” ضمن حملة استدامة وطنية والتي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) المزمع انعقاده في نوفمبر المقبل.
وتسخّر الحكومة الإماراتية إمكاناتها المادية والعلمية للتوسع في بناء وتطوير مشاريع تحلية المياه القائمة على تقنية التناضح العكسي، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة بما يساهم في تعزيز جهود تحقيق الحياد المناخي.
وتعتبر هذه التقنية قليلة التكلفة وموفرة للطاقة، وبحسب منصة تاب ووتر المتخصصة في الطاقة الشمسية، فإنها تخفض إهدار الطاقة والماء في آن واحد، وكذلك تسهم في تنفيذ برامج الزراعة المستدامة وإعادة تدوير المياه.
وعملية التناضح العكسي هي انتقال المياه من محلول ذي تركيز أعلى إلى سائل ذي تركيز أقل من خلال ضخ المياه بضغط عالٍ خلال أغشية شبه نافذة، وتنتج عنها مياه معالجة منزوعة الأملاح والمعادن، وقد تضاف مراحل إضافية ومتتابعة لرفع نسبة التصفية.
وصنف التقرير الرابع لمشاريع تحلية المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لسنة 2023 الإمارات بالمركز الثاني بحجم استثمارات تبلغ 10.3 مليار دولار بعد السعودية التي أنفقت قرابة 14.6 مليار دولار في تنمية القطاع.
وأطلقت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) في عام 2013 برنامجاً تجريبياً لتحلية المياه بالطاقة المتجددة بدأ فعليا في نوفمبر 2015، اشتمل على تطوير محطات تجريبية لاختبار تقنيات تحلية مياه البحر الغشائية التي يمكن تشغيلها بالكامل بالكهرباء النظيفة.
وأظهر تقرير أصدرته مصدر في 2018 حول نتائج المشروع أن تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية باستخدام تقنيات التناضح العكسي تمثل حلا واعدا.
وأشار التقرير إلى أن تنقية المياه المالحة تجري من خلال أغشية تعتمد الطاقة الشمسية، وقد أثبتت هذه التقنية كفاءة في استهلاك الطاقة تزيد بمقدار 75 في المئة مقارنة بتقنيات التحلية الحرارية.
وفي العام 2018، أطلقت أبوظبي أكبر محطة لتحلية المياه على مستوى العالم بتقنية التناضح العكسي بتكلفة 1.2 مليار دولار.
وتضمّن المشروع تطوير وتمويل وإنشاء محطة لتحلية مياه البحر باستخدام تقنية التناضح العكسي بسعة إنتاج 200 مليون غالون من المياه يومياً.
وتضمّن أيضا إجراءات التشغيل والصيانة والتملك الخاصة بها، وإنشاء البنية التحتية ذات الصلة، في مجمع الطويلة للماء والكهرباء في إمارة أبوظبي.
وكانت شركة مياه وكهرباء الإمارات قد أعلنت في يونيو العام الماضي أنَّ إنتاج المياه المحلاة باستخدام تقنية التناضح العكسي منخفضة الكربون في محطة الطويلة بلغ 50 في المئة من الطاقة الإنتاجية للمحطة بواقع 100 مليون غالون يوميا.
وانضمت المحطة بذلك إلى محطة الفجيرة أف 1 لإنتاج الماء والكهرباء، ومحطة الفجيرة أف 2 ذات الدورة المركبة، ومحطة المرفأ أم 1، التي تعمل جميعها بتقنية التناضح العكسي.
85
في المئة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في خفض انبعاثات الكربون المرتبطة بتحلية المياه
وتعتبر محطة الطويلة واحدة من منظومة محطات إنتاج المياه منخفضة الكربون التي تطورها شركة مياه وكهرباء الإمارات، ففي ديسمبر 2021 أصدرت الشركة طلبات التأهيل لمشروع تطوير محطة الشويهات أس 4 للتناضح العكسي.
وقبل ذلك بشهر تم إصدار طلبات العروض لتطوير مشروع محطة المرفأ أم 2 وهي ثالث أكبر محطة لتحلية المياه بالتناضح العكسي منخفضة الكربون في الدولة، وقد تمت ترسية تطويرها في فبراير الماضي على تحالف تقوده شركة مصدر.
ويضم التحالف شركة إنجي الفرنسية، حيث ستستحوذ شركة الطاقة على النصيب الأكبر من أسهم المشروع، الذي سينتج حوالي 550 ألف متر مكعب لتلبية احتياجات 210 آلاف منزل في إمارة أبوظبي من الماء، وتتولى مهام تشغيل وصيانة المحطة.
وتعتبر محطات تحلية المياه بتقنية التناضح العكسي منخفضة الكربون أكثر كفاءة بنسبة تصل إلى 96 في المئة مقارنة بمحطات التحلية الحرارية التقليدية، كما أنها تُسهم في خفض انبعاثات الكربون المرتبطة بتحلية المياه بنسبة تزيد على 85 في المئة.
وأكدت شركة مياه وكهرباء الإمارات أنها ستواصل استثماراتها في تطوير مشاريع التحلية، وبحلول عام 2030 تتوقع إنتاج أكثر من 90 في المئة من المياه عبر تقنية التناضح العكسي.
ومن شأن ذلك خفض إجمالي انبعاثات الكربون من إنتاج المياه من 14.6 مليون طن عام 2020 إلى حوالي 2.1 مليون طن بحلول عام 2030.
ويبدأ الإنتاج الأولي للمياه في صيف 2025، على أن يبدأ المشروع عملياته التشغيلية الكاملة خلال الربع الثالث من عام 2025.
490
مليون غالون يومياً القدرة الإنتاجية الإجمالية للمياه من مجمع محطات جبل علي لإنتاج الطاقة وتحلية المياه
وأكدت هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) أن إنتاج دبي من المياه المحلاة عام 2030 سيكون بشكل كامل من مزيج الطاقة النظيفة، الذي يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة والاعتماد على استخدام الحرارة المفقودة، ما سيؤدي إلى تخفيض 44 مليون طن من الانبعاثات.
وتمتلك الهيئة 43 وحدة لتحلية المياه بتقنية التقطير الومضي متعدد المراحل بقدرة إنتاجية تصل إلى 427 مليون غالون من المياه المحلاة يومياً موزعة على ست محطات.
وإضافة إلى ذلك تمتلك وحدات تحلية تعمل بتقنية التناضح العكسي لتحلية مياه البحر بقدرة إنتاجية تبلغ 63 مليون غالون من المياه يومياً موزعة على محطتين.
وبهذا تصل القدرة الإنتاجية الإجمالية للمياه في الهيئة إلى 490 مليون غالون يومياً من مجمع محطات جبل علي لإنتاج الطاقة وتحلية المياه.
ومؤخرا، أعلنت هيئة كهرباء ومياه دبي عن تلقيها عرضين من أكوا باور وطاقة حيث قدمت الشركة السعودية أقل سعر بلغ 0.38 دولار للمتر المكعب من المياه المحلاة في مشروع تحلية المياه بنظام المنتج المستقل في مجمع حصيان بقدرة إنتاجية 120 مليون غالون.
ويعد هذا المشروع الأول من نوعه للهيئة وفق نموذج المنتج المستقل للمياه. وقد اعتمدت محطة تحلية المياه في حصيان بنظام المنتج المستقل للمياه بعد النجاح الذي حققته في استخدام نموذج المنتج المستقل للطاقة في مشاريع مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية.