مشاريع السعودية تواجه واقعا مختلفا في الساحل والصحراء

داكار - مثّل إلغاء مشروع كانت المملكة العربية السعودية تعتزم تنفيذه في مجال المياه بالسنغال مظهرا للتغيرات العميقة الجارية في خارطة النفوذ بمنطقة الساحل والصحراء، باتجاه الحدّ من مكانة قوى تقليدية ظلّت لعقود مسيطرة بشكل كبير على القرار السياسي والاقتصادي والأمني لبلدان تلك المنطقة ذات الموقع المهم والموارد الطبيعية الواعدة غير المستغلة بالشكل الملائم.

ومع صعود مكانة دول مثل روسيا والصين وتركيا في بلدان الساحل والصحراء سُجّل خلال السنوات الأخيرة انحسار ثابت وسريع لنفوذ فرنسا والولايات المتّحدة ودول غربية أخرى كان حضورها القوي في تلك البلدان يعطي انطباعا برسوخ الاستقرار ويشجّع دولا حليفة للغرب مثل السعودية على إيجاد موطئ قدم لها في منطقة الساحل والصحراء مستخدمة قوتها المالية المتأتية من عوائد النفط، وحاجة بلدان المنطقة الشديدة إلى التنمية بما في ذلك تطوير بنيتها التحتية.

وتقود نخب جديدة بصدد الصعود تباعا لحكم تلك البلدان التي كثيرا ما تعاني عدم استقرار سياسيا عملية تغيير ملامح خارطة النفوذ في بلدانها، مستندة إلى كون النفوذ التقليدي لم يكن دائما مفيدا لاستقرارها وتنمية اقتصادها.

وقال وزير المياه والصرف الصحي في السنغال شيخ تيديان دايي إن الدولة ستلغي صفقة تتعلق بمشروع بنية تحتية للمياه مدته 32 عاما وقعها الرئيس السابق ماكي سال مع شركة أكوا باور السعودية، وذلك بسبب التكلفة العالية.

وتم توقيع عقد لبناء وتشغيل محطة لتحلية المياه في العاصمة داكار بقيمة 800 مليون دولار في مارس الماضي في الأيام الأخيرة من ولاية سال. وكان الهدف من المشروع الذي وصف بأنه الأكبر من نوعه في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بطاقة إنتاجية 400 ألف متر مكعب يوميا، تقليص عجز المياه في بلد من المتوقع أن يرتفع فيه شحّ المياه إلى ما يصل إلى 60 في المئة بحلول عام 2035 وفقا للبنك الدولي.

لكن الوزير شيخ تيديان دايي قال إنّ التكلفة على المدى الطويل تجعل المشروع "حلا قصير المدى ومكلفا". وأضاف في تصريح لشبكة تلفزيونية خاصة "سعر المياه سيصبح أعلى في المدى الطويل بسبب التقنية المستخدمة في إنتاجها". وانتقد الوزير الرئيس السابق سال بسبب توقيع الصفقة قبل وقت قصير جدا من انتهاء ولايته.