مشاريع استثمارية واعدة لزيادة مزيج الطاقة المتجددة في تونس

تونس- دخلت تونس مرحلة جديدة في مسار طويل لتعظيم مزيج إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة، عبر إبرام مجموعة من الاتفاقيات لمشاريع استثمارية واعدة يتوقع أن تدعم التحول النظيف في البلاد وتضغط أكثر على الإنفاق الحكومي.
وصادقت الحكومة الثلاثاء على صفقات لإنتاج 1700 ميغاواط من الكهرباء من الطاقة النظيفة بحلول عام 2027، أي ما يقارب خمسة في المئة من الإنتاج المحلي للكهرباء.
ولم تعلن الحكومة في بيان نشرته على حسابها في منصة فيسبوك عن اسم المستثمرين الذين فازوا بالمناقصة أو كلفة المحطات المزمع تشييدها، لكن مصادر ذكرت لوكالة رويترز أن من المتوقع إعلان ذلك لاحقا بعد الانتهاء من جميع الإجراءات.
وأوضحت الحكومة أن الإنتاج المستهدف من هذه الصفقات سيمكن تونس من توفير 200 مليون دولار سنويا عبر توفير 250 ألف طن من الغاز الطبيعي وتقليص مصاريف إنتاج الكهرباء.
وأكد رئيس الحكومة كمال المدوري أهميّة تنفيذ الرؤية المتعلقة بضرورة “تحقيق مقوّمات سيادة الطاقة وفق مقاربة تنمويّة شاملة وعادلة تضمن الكفاءة.”
وأوضح أن ذلك سيكون في إطار منظومة متكاملة قادرة على “استقطاب المستثمرين وإنجاز المشاريع الجديدة وتوفير فرص عمل” في قطاعات مستدامة على غرار الطاقات المتجددة.
وشدد خلال اجتماع اللّجنة العليا للإنتاج الخاص للكهرباء على وجوب تذليل كافة الصعوبات الإدارية والاجرائية أمام هذه المشاريع لما لها من أهميّة في ضمان أمن الطاقة للبلاد.
وتستهدف تونس الوصول إلى نحو 35 في المئة من إنتاجها الوطني من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد الحالي.
وتعزيزا لهذا المسار أبرمت وزارة الطاقة 10 عقود جديدة لإسناد مشاريع جديدة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة تتراوح بين واحد ميغاواط واثنين ميغاواط، وذلك وفق الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتبلغ القدرة الإجمالية لهذه المشاريع 17 ميغاواط بحجم استثمارات تناهز 40 مليون دينار (12.7 مليون دولار) وستكون متواجدة في ولايتي (محافظتي) سيدي بوزيد (وسط) ومدنين (جنوب).
وتعليقا على ذلك قال كاتب الدولة المكلف بالانتقال الطاقي وائل شوشان إن “المشاريع تأتي تنفيذا للبرنامج الوطني لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة.”
ويضم البرنامج ثلاث أنظمة إنتاج، هي نظام اللزمات (المشاريع الكبرى)، ونظام التراخيص (المشاريع الصغيرة والمتوسطة)، ونظام الإنتاج الذاتي.
وأوضح شوشان أن هذه المشاريع تمثل الدفعة الأولى من حزمة المشاريع المزمع إنجازها في الفترة القادمة في إطار نظام التراخيص.
وتلقت تونس في يونيو الماضي دعما في مسار التحول الأخضر عندما وقعت شركة أكوا باور السعودية اتفاقية لتنفيذ مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والذي بدأت الحكومة في التركيز عليه منذ أشهر.
وأبرمت وزارة الطاقة حينها مذكرة تفاهم مع أكوا باور لدراسة تنفيذ المشروع الذي تبلغ قدرته 600 ألف طن من الهيدروجين سنويا على ثلاث مراحل، وتصديره إلى الاتحاد الأوروبي.
1700
ميغاواط من الكهرباء تستهدف البلاد إنتاجها من المصادر المستدامة بحلول 2030
وستتضمن المرحلة الأولى من المشروع تركيب وحدات طاقة بديلة بقدرة 4 غيغاواط، وسعة تحليل كهربائي بقدرة اثنين غيغاواط، ومرافق تخزين البطاريات، لإنتاج 200 ألف طن سنويا من الهيدروجين الأخضر.
وقبل شهر منذ ذلك أبدت إيطاليا دعما لخطة طموحة جديدة تهدف إلى زيادة واردات أوروبا من الطاقة النظيفة منخفضة الكلفة التي سيجري إنتاجها في تونس والجزائر.
واجتمع مسؤولون إيطاليون مع المديرين التنفيذيين لما يطلق عليه مشروع مدلينك، في إشارة إلى استعداد روما لاستخدام ثقلها السياسي في دعم الخطة.
ويتطلب المشروع إنشاء تجهيزات وتشييد وحدات، من بينها ألواح طاقة شمسية، على أن تُصدّر الطاقة المنتجة بعدها إلى إقليمي توسكانا وليغوريا في إيطاليا عبر خطوط نقل بحرية، حسب ما جاء في مستند سري عن المشروع، وفق وكالة بلومبيرغ.
ويرى البنك الدولي أن بإمكان تونس تحقيق تقدم مهم على مستوى النمو الاقتصادي ابتداء من 2030 بفضل توسيع إنتاج الطاقة باعتماد المصادر البديلة.
وبحسب تقرير نشره البنك في مايو الماضي بعنوان “طاقة متجددة من أجل الاقتصاد”، يمكن أن تنتج تونس ما بين 1.1 و1.75 في المئة من الكهرباء النظيفة بحلول نهاية هذا العقد حسب مختلف سيناريوهات تطور إنتاج الطاقات المتجددة في البلاد.
وتناول التقرير التحديات والفرص الحالية للاقتصاد التونسي مع التركيز على المشاريع الطموحة للبلاد في مجالات الطاقات المتجددة، التي تعد حلا مصيريا في مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية.
وتعتبر الوثيقة أن السيناريو المتعلّق بإزالة الانبعاثات بشكل معمّق ذو جدوى للاقتصاد التونسي على المدى القصير؛ لأنه من المرجح أن تستفيد القطاعات المستعملة النهائية من سياسات الحياد الكربوني المدعمة، وهو ما سيترجم في كلفة الطاقة.