مسيرة الناقد السينمائي علي أبوشادي في مدارات الثقافة

الإسماعيلية (مصر) - يكرم مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والوثائقية ضمن دورته العشرين، الناقد السينمائي علي أبوشادي، الذي ترأس المهرجان لسنوات إلى جانب العديد من المناصب الإدارية والثقافية، وجاءت فكرة تكريمه من قبل رئيس المهرجان الناقد عصام زكريا ورئيس المركز القومي للسينما المخرج خالد عبدالجليل، لتتوج مسيرة حياته الفنية، ولكن لم تشأ الأقدار أن يكون أبوشادي حاضرا جسدا، فكان حاضرا روحا بعد أن غيبه الموت، فور انتهاء مهمته في لجنة تحكيم مهرجان جميعة الفيلم نهاية العام 2017.
وفي اطار هذا التكريم، قدم المهرجان كتابا قيما أعده الناقد المصري محمود عبدالشكور بعنوان “علي أبوشادي في رحاب السينما والثقافة”، ولحسن الحظ كان أبوشادي قد اطلع عليه ووافق على محتواه، وهو عبارة عن كتاب شامل حول مسيرته الشخصية والمهنية والبعض من مقالاته النقدية النادرة والهامة التي تم تجميعها، بالإضافة إلى مجموعة من ذاكرة الصور، وأغلفة الكتب التي في رصيده.
حاول محمود عبدالشكور وعبر ثلاثة لقاءت مطولة جمعته بالناقد الراحل، التعرض لمجمل حياة علي أبوشادي منذ كان طفلا صغيرا، ولد في قرية ميت موسى مركز شبين الكوم عاصمة المنوفية، وكيف التحق بالدراسة الابتدائية في عمر مبكر جدا، إلى درجة اضطر والده إلى أن يتآمر مع ناظر المدرسة في القرية ليقبله كطالب مستمع، مرورا بمرحلة الدراسة الثانوية فالجامعية التي نقلته إلى العاصمة القاهرة ليلتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس، وحصوله على أول وظيفة في وزارة المالية التي لم تحقق له الاستقرار المالي فحسب، وإنما عرفته على الصديق فتحي فرج الذي يدين له كثيرا، لأنه كان السبب في دخوله إلى عوالم السياسية والثقافة، حيث عرفه من جهة على جمعية الفيلم التي عرفته بدورها على هاشم النحاس وأحمد راشد ومحمود عبدالسميع وسعيد الشيمي، أما بالنسبة إلى السياسة فمعاشرة الأصدقاء اليساريين حينذاك، جعلته يقرأ ليكون على مستوى تلك الصحبة ونقاشاتها.
يذكر علي أبوشادي في تلك الحوارت فترة الستينات وكيف كان معجبا بجمال عبدالناصر، وأنه كان الجيل الذي استفاد من التغييرات الاقتصادية والاجتماعية التي أنجزها، خصوصا في مجال التعليم المجاني والتوظيف، كما يحكي عن معاناته وصدمته من نكسة 1967، وكيف أن فتحي فرج كان وراء فكرة انتدابه من وزارة المالية للعمل معه في العام 1970 في الثقافة الجماهيرية، حيث تبلورت تماما فكرة ارتباطه بالسينما، فالتحق بمعهد النقد الفني الذي أسسسه ثروت عكاشة في العام 1971، وضمت تلك الدفعة كلا من المخرج فايز غالي والنقاد ماجدة موريس ودرية شرف الدين وأحمد يوسف وضياء مرعي وعلي السويسي وجميل عطية إبراهيم وماجدة واصف، وكانت تلك الدفعة حينها فقط للحاصلين على مؤهل عال.
وأتى الكتاب على ذكر الناقد المصري سمير فريد، الذي كان صاحب فكرة جمعية نقاد السينما المصريين، التي انتسب إليها علي أبوشادي، كما خصص الكتاب فصولا عن تجربته في العمل مع الشركة العالمية للتلفزيون والسينما التي أسسها حينها المنتج الفلسطيني حسن القلا، وعن قصته مع الرقابة حين شغل منصب رئيس الرقابة لأول مرة في العام 1996، وعن الأزمات الكثيرة التي رافقته في سنوات رئاسته للرقابة، من تلك الأزمات أزمة فيلم “صعيدي في الجامعة الأميركية”، الذي كان يتضمن مشهد حرق للعلم الإسرائيلي، حين كانت هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وكيف استطاع أن يمرر المشهد.
كما يذكر الكتاب أزمات أخرى تعامل معها الناقد، مثل أزمة مسرحية “الجنة والنار” التي كتبها الدكتور مصطفى محمود، التي كانت ستجسد فعليا تفاصيل الجنة والنار على خشبة المسرح، وأزمة سيناريو فيلم “أرض الخوف” الذي كان محوره إسناد الداخلية مهمة لابن من أبنائها ولكنها تتنصل منه وتنساه، وغيرها الكثير من الأزمات التي نتعرف عليها وعلى تفاصيلها لأول مرة.
وكان مهرجان الإسماعيلية قد أهدى الراحل علي أبوشادي درعا تكريمية في حفل الافتتاح من خلال نجليه أحمد وإسلام أبوشادي، على اعتباره أحد من ساهموا في تأسيس المهرجان، وتم استعراض مؤلفاته وعدد من الصور له بعد أن كتب أسفلها “علي أبوشادي واحد من القلائل الذين أثروا الثقافة السينمائية والذي رحل قبل أن ينال تكريمه الذي يستحقه”.