مسيرات الحراك تنتقل إلى خارج العاصمة الجزائرية في ظل التضييق الأمني

الجزائر – خرجت مسيرات مكثفة في العديد من المدن الجزائرية تنديدا بالتضييق الأمني على الحراك الشعبي، الذي لم يتمكن من تنظيم مسيراته الأسبوعية في العاصمة، بعد أن حظر النظام حرية التظاهر ومنع تجمعات الحراك دون الحصول على رخصة مسبقا.
وسار الآلاف من الجزائريين الجمعة في العديد من المدن تضامنا مع معتقلي الرأي، وتعبيرا عن رفضهم للانتخابات التشريعية المقررة في 12 يونيو.
وانتشرت قوات الشرطة بأعداد كبيرة في الشوارع الرئيسية بوسط مدينة الجزائر العاصمة، مانعة أي تجمع للمتظاهرين وخصوصا المصلين المغادرين للمساجد بعد صلاة الجمعة، موعد المسيرات الكبرى منذ إطلاق الحراك في 22 فبراير.
ومع ذلك فقد تمكن العشرات من المتظاهرين من تنظيم مسيرة في حي ديار الجماعة بالضاحية الشرقية للعاصمة، لكن سرعان ما فرقتهم قوات الشرطة، بحسب شهود عيان وصور متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أما في تيزي وزو، أهم مدن منطقة القبائل، الواقعة على بعد 100 كلم شمال شرق الجزائر، فقد سار الآلاف في يوم الجمعة الـ120 الذي خصصوه للتضامن مع معتقلي الرأي، بحسب صور نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان الشعار الأبرز في المسيرة التي جابت شوارع وسط المدينة دون أن تعترضها الشرطة، هو "أيها المعتقلون لن نتوقف" حتى يتم إطلاق سراحكم.
ورفع المتظاهرون في بجاية والبويرة الشعار نفسه بمنطقة القبائل، إضافة إلى شعار "لا انتخابات مع العصابات" مع لافتة كبيرة كتب عليها باللغة الفرنسية "لا للانتخابات".
وبحسب نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي، فإن عدد المعتقلين الموجودين في السجون الجزائرية بسبب الحراك بلغ 214.
ودعا ناشطون إلى تخصيص يوم الجمعة الـ120 للحراك للتضامن الدولي مع المعتقلين عبر هاشتاغ #الحرية_لمعتقلي_الرأي، أولئك المنسيين من الحملة الانتخابية التي بدت باهتة قبل أسبوع على انتهائها.
وعلى الرّغم من نسبة المشاركة المتدنّية بشكل غير مسبوق في كلّ من الانتخابات الرئاسية عام 2019 والاستفتاء الدستوري عام 2020، فإنّ النظام المدعوم من الجيش مصمّم على المضي قدما في "خارطة الطريق" الانتخابية، رغم رفضها من الحراك وأحزاب معارضة علمانية ويسارية.
وبهدف تجنّب تنظيم احتجاجات في الشارع قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، فرضت وزارة الداخلية على منظّمي مسيرات الحراك إلزامية "التصريح" مسبقا عن هذه التحرّكات، ما يعني منعها عمليا.
وحظر النظام بحكم الأمر الواقع التظاهرات مع تصعيد عمليات التوقيف والملاحقات القانونية، التي تستهدف معارضين سياسيين وناشطين ومحامين وصحافيين، متهما الحراك بأنه أداة تستغلها "أطراف أجنبية" معادية للجزائر.
والأسبوع الماضي أصدر القضاء الجزائري أحكاما بالسجن مع النفاذ بحقّ حوالي عشرين من هؤلاء.
ووفقا لنائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيد صالحي، فقد تمّ اعتقال أكثر من ألفي متظاهر، أودع نحو مئة منهم الحبس الاحتياطي، وصدرت مذكرات توقيف بحق ستين، منذ أن قرّرت وزارة الداخلية حظر تجمّعات الحراك، واصفا الوضع بأنه "مثير للقلق".
وبدأ الحراك في فبراير 2019 رفضا لترشح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وبعد توقف دام لمدة عام استؤنفت تظاهرات الحراك في نهاية فبراير، ويطالب نشطاؤه اليوم بتفكيك "النظام" السياسي القائم منذ استقلال الجزائر عام 1962.