مسلمون يرفضون سيارات الدعوة قبل المسيحيين في دمشق

مدافعون عن سيارات الدعوة على مواقع التواصل يقارنون الوضع باجتياح الإيرانيين.
الجمعة 2025/03/28
البحث عن فرض نموذج موحد

عاد الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص سيارات الدعوة التي باتت ظاهرة مزعجة للكثيرين في دمشق بمن فيهم المسلمون الذي اعتبروا أن هذا الأسلوب لا يصح واستفزازي، بينما قارن آخرون هذه السيارات بجموع الإيرانيين التي اجتاحت الشوارع في ذكرى عاشوراء.

دمشق - انتشرت مقاطع فيديو لسيارات دعوية تجوب شوارع دمشق، بما في ذلك الأحياء المسيحية، مرددة عبر مكبرات الصوت عبارات دينية تدعو إلى الإسلام، وأثارت جدلا واسعا واستياء حتى بين الكثير من المسلمين الذين اعتبروها استفزازية وغير منطقية في أسلوبها ومكانها.

وازداد الجدل حول هذه الظاهرة خاصة عندما توقفت إحدى هذه السيارات أمام كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، ما أدى إلى توتر في المنطقة وتدخل بعض السكان لمنعها، ودفع بعض السكان إلى التدخل وطرد القائمين على هذا النشاط الدعوي.

ووصف البعض هذه السيارات بظاهرة متكررة، تعرف بـ”السيارات الدعوية”، والتي تجوب شوارع دمشق لبث خطب دينية تدعو الناس إلى اعتناق الإسلام وتطبيق الشريعة، حيث اعتبر كثيرون هذه الممارسات تعديا على حرية الآخرين، خصوصا عندما تتم في أحياء معروفة بتنوعها الديني.

ووثقت مقاطع الفيديو احتجاج عدد من السكان على هذه الظاهرة، حيث ظهر شاب يؤكد أنه مسلم لكنه يرفض هذا الأسلوب في الدعوة، فيما ظهر شخص آخر يقول “أنا مسيحي ولا أريد الخروج عن ديني”، بينما وثّقت المقاطع حالات من التدافع بين السكان والقائمين على هذه السيارات، ما أدى إلى طردهم وسط حالة من التوتر.

وأثارت هذه الحوادث ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من السوريين عن غضبهم مما وصفوه بـ”المهزلة”، وجاء في تعليق:

وكتب ناشط:

وعلق مغرد:

في المقابل، حاول بعض المعلقين الدفاع عن هذه الظاهرة باعتبارها حقا مشروعا في التبشير بالدين، مشيرين إلى أن مثل هذه الأنشطة تحدث في دول أخرى دون أن تثير مثل هذا الجدل، وجاء في تعليق:

ونشر آخرون مقاطع فيديو تظهر حشودا كبيرة من الإيرانيين والأجانب من الشيعة أثناء احتفالاتهم بإحياء ذكرى عاشوراء في شوارع دمشق، قبل سقوط نظام بشار الأسد حيث كانت ظاهرة منتشرة في السنوات الأخيرة فقط من حكمه مع سيطرة الميليشيات الإيرانية على البلاد، وتساءل البعض لماذا لم يعترض عليهم أحد سابقا، وكتب أحدهم قائلا:

ورفض آخر الاعتداء على سيارات الدعوة معتبرا أنه يجب محاسبة كل من يعتدي عليها:

وقال أحد مستخدمي مواقع التواصل إن هذه الظاهرة بدأت بالانتشار في شوارع دمشق منذ سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة فصائل المعارضة بقيادة “هيئة تحرير الشام”، موضحا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الأنشطة منظمة من قبل جهة معينة أم أنها جهود فردية، وذلك في ظل عدم تحرك السلطات لوقفها وعدم صدور أي بيانات رسمية بشأنها.

وتزايد الجدل مع قيام شاب سوري يدعى بدرالدين جحا بالرد على هذه الدعوات بدعوات “مسيحية” مماثلة. وقام بتشغيل التراتيل عبر مكبرات صوت في سيارته الخاصة وتجول فيها في شوارع دمشق، معتبرا أن ما فعله يؤكد على مفهوم الحرية والتعايش.

وقال جحا “عندما يحق لمكون من مكونات الشعب السوري أي امتياز، فإنه بالضرورة يجب أن يحق لكل المكونات الأخرى”.

وعقب ذلك بيومين تقريبا ظهر جحا في فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي مناشدا السوريين إنقاذه. وذكر أن عناصر ليسوا من الأمن العام السوري قدموا إلى منزله للقبض عليه. وأكد أنه لن يسلم نفسه على قيد الحياة إلا في حال قدم مسؤول الأمن في دمشق شخصيا للقبض عليه.

وأثارت دعوات جحا جدلا واسعا على مواقع التواصل بين من اعتبر تصرفه استفزازيا ومن رأى أن إنقاذه واجب في حال كان حديثه عن التعرض لخطر من قبل عناصر مسلحة صحيحا، وجاء في تعليق:

وقال ناشطون إن الإدارة الجديدة ووزارة الداخلية لم تستجيبا حتى الآن لدعوات وقفها. كما لم يصدر أي بيان رسمي يوضح موقفهما من انتشار هذه الأنشطة أو يحدد آلية عملها.

ورأى البعض أن هذه الدعوات تمس بخصوصيتهم الدينية وبخصوصية الحالة السورية، رافضين هذه الممارسة لأنها لا تشبه عادات وتقاليد أهالي مدينة دمشق، ولا تشبه العرف السائد في المجتمع الذي اعتاد عليه الناس في الدعوة إلى الدين.

وتظهر المخاوف المجتمعية من هذه المبادرات، باعتبارها تمس الخصوصية ويمكن أن تهدد التعايش، لذلك من الضروري وجود شفافية من قبل السلطات لمعالجتها، والتأكيد من قِبلها على أن هذه الحوادث فردية وغير ممنهجة.

كما يجب أن تتوفر قنوات تواصل فعالة بين جميع الأطياف تساعد في تهدئة المخاوف وحل أي مشكلات بطريقة بناءة، فهذه المبادرات قد تؤدي إلى توترات في المجتمعات ذات التنوع الديني والثقافي، خاصة إذا تمت بطريقة غير مدروسة أو مثيرة للجدل.

5