مسلسل "نعمة الأفوكاتو" أعد بإتقان للممثلة مي عمر

تحدت الممثلة مي عمر وزوجها المخرج محمد سامي نفسيهما وآراء الجمهور التي تقول إن اشتغالها معه يغطي على موهبتها، ليقدما مسلسل “نعمة الأفوكاتو” الذي يصنع للبطلة عملا على مقاسها ومقاس قدراتها الفنية ويمنحها إشادات ومتابعة واسعة.
القاهرة - نجح مسلسل “نعمة الأفوكاتو” المعروض على عدد من الفضائيات المصرية والعربية في أن يجذب الانتباه إليه، وتمكن من أن يربط شريحة كبيرة من المشاهدين به، ومع انتهاء كل حلقة ينتظرون الحلقة التالية لمعرفة ما تسفر عنه الأحداث.
واستخدم المخرج محمد سامي كل قدراته الفنية وخبراته وتجاربه السابقة في أن يجعل بطلة العمل مي عمر هذا العام مثل محمد رمضان في مسلسل “جعفر العمدة” الذي عرض في موسم رمضان الماضي، وكان المشاهدون ينتظرون حلقاته بفارغ الصبر.
كرر محمد سامي، وهو زوج مي عمر، الثيمة الفنية التي عمل بها مع محمد رمضان سابقا، من ناحية ربط المشاهدين بالعمل الذي يخرجه من خلال انتهاء كل حلقة بموقف مثير أو غامض، وعبر حبكة فنية تجلت فيها عناصر الإبهار وزوايا تصوير مختلفة تكمل الدور أو الشخصية التي يجسدها الممثل/ الممثلة، ما جعل مي عمر تنضج كثيرا في أداء دورها كمحامية في مسلسل “نعمة الأفوكاتو”، وأنها تملك قدرات عالية عندما يكون المخرج يعلم مكونات الشخصية ومؤهلات البطلة، ولذلك حظي العمل المكون من 15 حلقة بأعلى نسبة مشاهدة على منصة “شاهد” مع تصاعد أحداثه.
مي عمر عملت مع الكثير من المخرجين إلا أن غالبية أعمالها كانت من إخراج زوجها محمد سامي، وهو ما أوقع عليها ظلما فنيا
تدور أحداث العمل حول المحامية نعمة سعيد أبوعلب، وتجسد دورها مي عمر، المتزوجة من عامل في أحد المحلات البسيطة واسمه صلاح ويجسد دوره
الفنان أحمد زاهر، ومن شدة حبها له لا تشعره بفقره وتقوم بمساعدته ماليا، للدرجة التي جعلتها تمنحه ثمانية ملايين جنيه من أتعاب قضية كسبتها، كأنه ورثها عن أجداده، بعدها يبدأ الخط الدرامي في التشابك، حيث يتغير صلاح ويصبح رجلا آخر عندما يتسلم الملايين التي منحتها له نعمة.
استخدم المخرج محمد سامي طريقته المعتادة في ما يحدثه المال من تغيرات في شخصية البعض من الناس، والصراع المعلن والخفي بين الغنى والفقر، ويوظف التناقضات التي توجدها هذه المسألة في الشخص ومن حوله، وقبض على المفاتيح الرئيسية ولم تفلت من بين يديه، وكلما بدا ذلك قريبا ينجح في العودة والإمساك بزمام الأمور الفنية مرة أخرى، وبدا الخلاف حادا بين نعمة وصلاح في اللحظة التي علمت فيها الأولى أن الثاني قرر الزواج عليها من سكرتيرة سيئة السمعة في مكتب محامٍ كبير اسمها “سارة مكاتب” لكثرة غرامها بالرجال وتنقلها بين مكاتبهم.
لعبت الفنانة أروى جودة دور سكرتيرة لعوب تريد السطو على أموال صلاح التي تسلمها من نعمة، وتلك التي ورثها فعلا عن أجداده بعد أن ربح قضية قديمة ورث عنها 14 مليون جنيه، وكان خط صلاح- سارة هو الثيمة التي استند عليها العمل، وتقاطعت عندها الطرق الدرامية، فنعمة تريد الانتقام من سارة التي خطفت زوجها وتريد التخلص منها، وصلاح تضامن مع سارة لقتل نعمة، ومعهما أو بجانبها بقية الشخصيات، وفي معظمها نقية وتسعى لتحقيق العدل والقصاص من المجرمين.
والد نعمة (سعيد أبوعلب) وقام بدوره الفنان القدير كمال أبورية لم يكن راضيا عن زواج ابنته من صلاح منذ البداية، ورجل الأعمال ياسين الألفي الذي قام بدوره الفنان عماد زيادة وقع في غرام نعمة بعد أن أنقذته من السجن عندما ترافعت عنه في قضية مهمة، والمحامي خالد الأصفر وقام بدوره الفنان طارق النهري ويعتبر نعمة تلميذته ويكره زوجها صلاح، فضلا عن جيران وأصدقاء وكل من تعاطفت معهم نعمة أو قدمت لهم مساعدات، كلهم يكنون لها حبا جارفا.
جذبت رحلة الانتقام التي نسجها المخرج محمد سامي بمشاركة المؤلف مهاب طارق، المشاهدين إلى شخصية نعمة، والتي فصلت خصيصا للبطلة وعلى مقاسها فنيا، وظهرت فيها نعمة محكومة بمجموعة كبيرة من التناقضات، القوية والضعيفة، الجادة وخفيفة الظل، العاطفية والجامدة، الوفية والمنتقمة، الغنية والفقيرة، وهي تركيبة تضمن لصاحبها أن يدخل قلوب الجمهور من الباب الكبير، خاصة عندما تكون متقنة فنيا، ويتمكن المخرج من معرفة نقاط القوة في الممثل/ الممثلة.
ظهرت ملكات مي عمر الفنية بصورة حقيقية في هذا العمل، ونجحت في القفز خطوات للأمام، وكأن زوجها محمد سامي أراد أن ينقلها إلى مربع آخر بعد سلسلة من الأعمال التي قدمتها في الأعوام الماضية وحققت فيها نجاحات متفاوتة، في مسلسلات: ولد الغلابة والأسطورة وريّح المدام ولؤلؤ والفتوة ونسل الأغراب وعلاقة مشروعة، لكن في مسلسل “نعمة الأفوكاتو” قفزت مي عمر خطوة وضعتها في الصف الأول بين فنانات جيلها.
عملت مي عمر مع الكثير من المخرجين، إلا أن غالبية أعمالها كانت من إخراج زوجها محمد سامي، وبقدر ما ساعدها ذلك على تقديم أدوار متنوعة مضمونة النجاح، بقدر ما أوقع عليها ظلما فنيا، حيث كان الحديث يدور عن مجاملة فنية أو زوجية في كل مرة تشاركا في عمل واحد، وهو ما أصبح يتجاهلانه، وآمن كلاهما بالموهبة، وكسبا الرهان في أكثر من عمل، وبعد “نعمة الأفوكاتو” قد تخفت حدة الربط بينهما.
مهما كانت المجاملة الفنية التي تفرضها علاقة الزواج أو النسب، لن تستطيع أن توجد شيئا من العدم، فالحكم في النهاية بيد الجمهور والنقاد وليس بيد الفنان أو المخرج، ومي عمر ربحت الرهان على موهبتها، وإذا كان محمد سامي ساعدها فهو استخرج من داخلها ما فشل آخرون في القيام به، وقدم لها توليفة النجاح التي كررها من قبل مع كل من محمد رمضان وأحمد السقا وغادة عبدالرازق وتامر حسني، وغيرهم.
استفادت مي عمر في “نعمة الأفوكاتو” من قدرتها على تقديم شخصية المحامية في ثوب مختلف نسبيا على المشاهد المصري، فالمحامي ظهر في أعمال عدة فقيرا ونصابا وغنيا ومفتريا، بينما نعمة أبوعلب جسدت دورها من لحم ودم، بمعنى أنها تصيب وتخطئ، تحب وتكره، واستفادت من الطريقة التي جرى بها رسم الشخصية، وتعتمد على البساطة والطيبة، وهي مكونات رسمت لتدخل نعمة قلب المشاهدين قبل عقلهم، إذ تقدم على تصرفات تبدو غير منطقية وهي في رحلتها للانتقام من صلاح.
ويكشف “نعمة الأفوكاتو” أن أحمد زاهر يكرر نفسه في بعض الأعمال التي يخرجها محمد سامي، فدور الشرير الذي ظهر به في مسلسل البرنس أعاده تقريبا في نعمة الأفوكاتو، وقد يكون الأخير حوى قدرا من السذاجة، مع أن زاهر يملك موهبة تمكنه من التنوع وتوسيع مساحة الشخصيات التي يجسدها، وعليه أن ينتبه إلى أن النجاح الذي يحققه مع سامي أصبح محصورا في دور معين بما يضره مستقبلا، لاسيما أن أحمد زاهر يعرض له أيضا في رمضان مسلسل “محارب” ويجسد فيه شخصية محامٍ شرير.
يتوقف اختيار الشخصيات على رؤية المخرج وهو المسؤول الأول عن تحديد الممثلين الذين يضمنون له النجاح عندما يوضع كل منهم في مكانه الصحيح، كما يتوقف على فهم الفنان لإمكانياته وعدم حصرها في نطاق محدد، إذ يمكن أن تختزله في ذلك وتفوت عليه الفرصة لتوسيع مروحته الفنية، وهو ما تمكنت مي عمر من القيام به، حيث تنوعت شخصياتها ولم تجعلها محصورة في حيز الفتاة الطيبة والدلوعة فقط.