مسلسل مصري يجمع المشاكل الاجتماعية للزوجات في قالب واحد

أداء نمطي من أبطال "الوصفة السحرية" وحكايات تقود إلى الملل من الدراما.
الجمعة 2024/08/09
أداء ضعيف رغم أهمية الممثلين

جاء مسلسل “الوصفة السحرية” ليقدم وصفة كوميدية للزواج الناجح وتجنب الطلاق في العام الأول من الزواج، لكنه وقع في الاستسهال وعدم الاهتمام الكافي بالنص تاركا المساحة الأكبر للممثلين الذين لم يقدموا أداء جيدا، بل أفقدوا الموضوع جديته وجعلوه سطحيا لا يرتقي إلى عمق الظاهرة التي تجتاح المجتمع المصري.

القاهرة - حاول مسلسل “الوصفة السحرية” تقديم وصفات اجتماعية لزواج ناجح على مدار 45 حلقة انتهى عرضها، الأربعاء، على فضائية “دي إم سي”، ووضع على منصة “واتش إت” المصرية، غير أن أحداثه غرقت في تفاصيل مكررة، ما طرح أسئلة عديدة حول الهدف من تسليط الدراما المصرية على المشكلات الزوجية من زوايا تتعلق بالخلافات الاجتماعية في غالبية الأعمال التي يتم تقديمها على مدار العام.

وقدم العمل نماذج متباينة من الخلافات الزوجية، وحاول إضفاء أبعاد درامية وكوميدية عليها، من أجل جذب المشاهدين لمتابعته، لكن النتيجة أن المتابعة المستمرة للمسلسل بدت صعبة، لأن حجم التطور في القصص كان بطيئا، والخاتمة جاء فيها قدر من السخرية بما يوحي أن صناع العمل قصدوا من وراء حكايتهم التسلية فقط.

والكتاب الذي حمل عنوان “الوصفة السحرية لزواج ناجح” ومنه استقت بطلات العمل تصرفاتهن ثم اعتذرن عنها، أرسل لهن كمفاجأة أو هدية كتاب آخر بعنوان “الوصفة السحرية للثراء السريع”، وهي اللقطة التي اختتم بها العمل حلقاته الطويلة والمملة، ما يشي بالسخرية وإمكانية التفكير في تمثيل جزء آخر يتعلق بهذا المحتوى أي الثراء السريع.

تدور قصة المسلسل حول المشكلات الزوجية التي تطرأ في حياة مالك الذي يجسد شخصيته الفنان عمر الشناوي، ودينا التي تجسد شخصيتها الفنانة شيري عادل، قبل أن يقع بيدها كتاب “الوصفة السحرية” لتجد عليه أيضَا عنوان “سنة أولى زواج”  فتظل تقرأ في سطوره بنهم ولا يمكنها التوقف، ثم تكتشف أن معظم ما فيه يعكس الواقع، فتتخذ دينا على إثره قرارات تقلب حياتها وحياة المحيطين بها.

ماجدة موريس: ظاهرة الطلاق معقدة وتحتاج إلى مناقشة درامية دقيقة
ماجدة موريس: ظاهرة الطلاق معقدة وتحتاج إلى مناقشة درامية دقيقة

ينتقل الاهتمام بالكتاب إلى صديقاتها فيبدأن في تنفيذ مضمونه في حياتهن الزوجية، ممّا يؤثر على علاقاتهن بأزواجهن. وتتواصل الأحداث في إطار اجتماعي خفيف، وإن حوى أحداثا درامية خشنة، غالبيتها يتعلق بالثيمة التقليدية وهي الخيانة.

وعلى مدار حلقات المسلسل تظهر ثلاثة خيوط لثلاث عائلات تنشب داخلها مشكلات في العلاقات الزوجية، ويتم تسليط الضوء على ما يعرضها للمتاعب، خاصة في السنة الأولى من الزواج والتي تشهد معدلات طلاق تصل إلى 65 في المئة وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر (حكومي)، والهدف التأكيد على عدم وجود وصفة سحرية يمكن اتباعها للوصول إلى النجاح الزوجي والرضاء المجتمعي، وأن العلاقات القوية بين الأزواج قادرة على تجاوز المشكلات.

يشارك في المسلسل الذي يعتمد على البطولة الجماعية: شيري عادل، إسلام جمال، هيدي كرم، عمر الشناوي، بسمة داود، لقاء سويدان، رانيا منصور، كارولين عزمي، محمد أبوداود، هالة فاخر، سلوى عثمان، سلوى محمد علي، وعماد رشاد، والعمل من تأليف ورشة مصنع الحكايات لمؤسسها هاني سرحان، وإشراف على الكتابة دعاء عبدالوهاب، وإخراج خيري سالم.

حاول مخرج العمل أن يُظهر أبطاله كأشخاص يتسببون في الملل لمن حولهم ضمن مساعيه لطرق قضية الخرس الزوجي، غير أن ما حدث أن الملل انتقل إلى أحداث العمل وبدت النمطية تتزايد في أداء الممثلين، ما ترك انطباعا سلبيا لدى الجمهور، انعكس على محاولة العثور على نقاد شاهدوا العمل بأكمله لتقييم حلقاته.

ويعبر ذلك عن أن تكرار الغوص في مشكلات الزواج إلى جانب المط الذي يصاحب هذه النوعية من المسلسلات ذات الحلقات الطويلة، والتي تمثل نقطة ضعف يجب أن تتخلص منها الدراما التلفزيونية التي تخوض مواجهة ضارية مع المنصات.

والأكثر من ذلك أن العمل ركز على مشكلات متكررة في المسلسلات وتتضمن التركيز على الهوس بالشهرة والترندات على مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على حياة الأزواج وانتشار جرائم الابتزاز واختراق الخصوصية، وهي قضايا تشكل ظواهر اجتماعية جرت معالجتها من قبل وبصور وأشكال مختلفة. وكان يمكن أن يجذب العمل الجمهور، حال عدم وجود إنتاج درامي كثيف على مدار العام، غير أن الوضع تبدل، ومن الممكن اختيار أعمال جديدة تُعرض على المنصات.

المشكلات الزوجية في حاجة إلى نقاش يقنع المشاهد ويتطلب جودة لا تتوافر في المسلسلات
◙ المشكلات الزوجية في حاجة إلى نقاش يقنع المشاهد ويتطلب جودة لا تتوافر في المسلسلات

وقالت الناقدة الفنية ماجدة موريس إن “تكرار القصص والمشاهد أثناء المسلسل كانت سمة سائدة في غالبية الحلقات التي قمت بمتابعتها، ما يبرهن على أن صناع العمل لم ينتبهوا إلى التغييرات التي طرأت على اتجاهات الجمهور واهتماماته، ولم تعد هناك فرصة للانتظار ساعات طويلة أمام حلقات تسير ببطء وليس بها أحداث جذابة، وكان الأجدى وضع خيوط درامية وتفاصيل أكثر إيجابية من تلك التي جرى التركيز عليها”.

وأوضحت في تصريح لـ”العرب” أن مخرج العمل اعتمد على أداء الممثلين وحضورهم أمام الكاميرات دون تدقيق في عملية الكتابة، ويمكن القول إن أبطال العمل خذلوه ولم يستطيعوا جذب الجمهور، مع أن بينهم ممثلين جيدين للغاية، لكن البعض منهم لم يجددوا فنيا، وسيطرت الانفعالات غير المنضبطة على الأداء، كما أن توجيهات المخرج التي تتحكم في أداء النجوم لم تكن موفقة، وبسبب تعمد التطويل جاءت بعض المشاهد غريبة، وعبّرت عن سيطرة المط على إجمالي العمل.

وأشارت إلى أن تركيز المسلسلات المصرية على المشكلات الزوجية لها أهداف نبيلة مع ارتفاع معدلات الطلاق لتصل مصر إلى المرتبة الأولى عالميًا، وبالتالي هناك ظاهرة معقدة في حاجة إلى مناقشة درامية يمكن أن تخاطب الأزواج والزوجات في السنوات الأولى، غير أن مؤلفي غالبية الأعمال يعملون في ورش الكتابة، ولا يدرسون جيدا الأبعاد التفصيلية التي تقود إلى الطلاق. وتشكو مراكز للبحوث الاجتماعية والأسرية في مصر من عدم التواصل معها من جانب هؤلاء، وهناك العديد من الدراسات التي يمكن الاستفادة منها وتوظيفها دراميًا.

وتقدم الأعمال المصرية أسرا ذات مستوى اجتماعي مرتفع تنشب داخلها مشكلات تتعلق بالخيانة وتعنيف المرأة ومحاولة أيّ من الزوجين التحكم في الآخر، ودخلت التكنولوجيا والمنصات الرقمية مؤخرا كعنصر مشترك في غالبية الأزمات، لكنها لا تركز بالقدر نفسه على البيئة الفقيرة التي لها أسبابها لتعميق المشكلات الاجتماعية والطلاق.

وأكدت موريس في حديثها لـ”العرب” أن مشكلة الأعمال الدرامية تأتي من كونها، قد لا تحقق الهدف الدرامي منها بشأن توصيل الرسالة العميقة إلى الجمهور، لأن ذلك يتطلب معالجة فنية محكمة وبناء جيدا للشخصيات التي تقدم رسائلها للمشاهدين، وهو أمر لا يتحقق غالبا، وتقع المسلسلات في تكرار سلوكيات الأبطال في مرات عدة أثناء العمل الواحد وتصل الرسالة سلبية ومشوشة.

كما أن الكثير من المشكلات الزوجية في حاجة إلى نقاش يقنع المشاهدين عبر سيناريو وحوار محكمين، ويتطلب ذلك جودة لا تتوافر في بعض المسلسلات المصرية التي لا تقدم صورة المشكلات الزوجية كاملة.

◙ تناول سطحي لمشكلة الطلاق
◙ تناول سطحي لمشكلة الطلاق

15