مسلسلات تركية تبحث عن تأصيل تاريخي للحلم السلطاني لأردوغان

الدوحة - عادت المسلسلات التاريخية التركية للنبش في تاريخ الامبراطورية العثمانية وإظهار مزايا حكم السلاطين في خطوة يعتقد نقاد أن الهدف منها سياسي ويتعلق بتزيين حلم الرئيس رجب طيب أردوغان في استعادة صورة السلطان الذي يحكم مناطق واسعة كالتي كانت تحت نفوذ خلافة بني عثمان، وإحياء فكرة الخلافة.
واعترف الفنان التركي المعروف عربيا، بلونت أونال، بطل مسلسل “السلطان عبدالحميد الثاني”، بأن المسلسل “يتميز بأنه ذو محتوى درامي سياسي؛ خاصة بما يتعلق بمنطقتنا وجغرافيتنا”.
جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول بالعاصمة القطرية الدوحة، على هامش مشاركته في النسخة السادسة من “مهرجان أجيال السينمائي”، الذي تقيمه مؤسسة الدوحة للأفلام.
وأوضح أونال “كان لدينا في البداية بعض القلق هل سيجذب المسلسل المشاهدين من خلال محتواه الدرامي السياسي، وعرفنا بعد ذلك من نسب المشاهدة العالية من المنطقة العربية أنه لاقى قبولا شديدا”.
ومن الواضح أن المسلسلات التركية تعمل من خلال انتشارها في المنطقة العربية على حصول تطبيع شعوري لدى المواطن العربي مع أفكار عودة الخلافة وضرورة وجود “سلطان” قوي وعادل، وخاصة قادرا على تحقيق نجاحات في مواجهة الغرب، ما يعني استثمار إحساس العربي بالعجز تجاه القوى الكبرى لتغذية الحنين إلى الماضي العثماني.
ويبحث المسلسل عن إحياء الخرائط القديمة في ذهن المشاهد العربي في ظل الإقبال على المسلسلات التركية المدبلجة للعربية وغياب الثقافة النقدية لديه.
وتبدو صورة أردوغان الباحث عن الزعامة واستعادة هيبة السلطان القديم محركا أساسيا في الأفكار التي تروج لها المسلسلات، وهو ما كان أشار إليه الممثل التركي أنغين ألتان دوزيطان، بطل مسلسل “قيامة أرطغرل” في تصريحات سابقة حين قال إن أحد أبرز أسباب نجاح المسلسل عربيا، هو بحث الجمهور عن بطل مسلم مثل “أرطغرل”.
وأضاف دوزيطان إن “الشعوب العربية والإسلامية تشتاق إلى بطل مسلم، وهي أشياء مشتركة بين جميع الشعوب والمجتمعات”.
ويقول متابعون إن التمدد الثقافي التركي في المنطقة العربية لا يمكن عزله عن خطط تركيا السياسية في ظل حكم أردوغان الذي يسعى بكل السبل للتدخل في شؤون دول عربية وإسلامية من خلال استقطاب ودعم مجموعات منضوية تحت لواء الإسلام السياسي.
وجاء في تقرير لمعهد جيتس ستون الدولي، خلال يناير من العام الماضي، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعيش في عالم من صنع مخيلته، حيث يشعر من خلاله بأنه قادر على السيطرة على الدول العربية. ورغم أن الدول العربية ترفض كل أشكال إعادة النفوذ العثماني القديم، إلا أن النظام التركي يستخدم كل الوسائل المتاحة لبسط نفوذه في المنطقة العربية سياسيا واقتصاديا وثقافيا.
ويحذر المتابعون من أن القوة الناعمة التركية نجحت في التسلل إلى المشاهد العربي، وأنه كان للمسلسلات والأفلام والدعايات السياحية تأثير قوي في جذب جميع المشاهدين لزيارة تركيا للسياحة واستهلاك البضائع التركية واستخدمت أيضا الترويج للغة التركية.