مسقط تقتفي أثر جيرانها بالرهان على سوق الاكتتابات
تعمل الحكومة العمانية بكل جهد لاقتفاء أثر جيرانها في منطقة الخليج العربي عبر الرهان على سوق الاكتتابات في بورصة مسقط في سياق خططها لتنشيط الاستثمارات، وفي الوقت ذاته المضي قدما في برنامج خصخصة بعض الأصول لزيادة العوائد.
مسقط - تترقب سوق المال العمانية أكبر إدراج على الإطلاق في البلاد مع اعتزام الحكومة طرح حصة تبلغ 49 في المئة من شركة أوكيو لشبكات الغاز المملوكة للدولة.
وعلى الرغم من أن الطرح العام الأوّلي للشركة ليس بحجم إدراجات مماثلة في منطقة الخليج مثل أدنوك للغاز، لكنه سيفتح الباب أمام طروحات أكبر قيمة مستقبلا في حال تلقت أوكيو طلبات اكتتاب كبيرة.
وجعلت كل من أبوظبي ودبي والسعودية ومصر وبدرجة أقل سلطنة عمان والبحرين أسواقها المالية أكثر جاذبية في ظل التركيز على إصلاح المعايير واللوائح التنظيمية مع المضي في سياسة إدراج الشركات المملوكة للدولة.
وتعكف الهيئة العامة لسوق المال العمانية على مراجعة نشرة الإصدار الخاصة بشركة أوكيو للغاز، والتي تبلغ قيمته 212 مليون ريال (550 مليون دولار)، لكنها لم تشر إلى موعد الطرح المزمع.
وأكّد عبدالله السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة في بيان أوردته وكالة الأنباء العمانية الرسمية السبت الماضي أن طرح أوكيو للغاز سيحقق منافع كثيرة.
وبحسب السالمي، فإن الهدف من الإدراج الاستفادة من الميزات التمويلية، التي تقدّمها سوق رأس المال المحلية للتخارج، وتمويل مشاريعها وأنشطتها الاستثمارية.
وأوضح كذلك أن خطوة كهذه تساعد على جذب أصحاب المبادرات الاستثمارية من الجهات المصدرة وأصحاب رؤوس الأموال محليا وأجنبيا مع توظيف حصيلة الطرح في قطاعات استثمارية مختلفة.
وفي يوليو الماضي رفعت وكالة فيتش تصنيف مجموعة أوكيو للطاقة، التي حققت إيرادات تجاوزت 39 مليار دولار في العام الماضي من درجة بي موجب إلى بي.بي.بي سالب الذي يُصنف كدرجة استثمار معتمدة.
ويعتبر طرح وحدة أنابيب الغاز جزءا من خطة جهاز الاستثمار العُماني (صندوق الثروة السيادية) الذي تأسس قبل عامين لتعزيز دخل الدولة.
وتنفّذ حكومات منطقة الخليج خططا لبيع أصول تشمل الطاقة والتعدين وغيرها لتمويل تنويع اقتصاداتها، وجذب المستثمرين العالميين والارتقاء بأسواقها المالية وجعلها أكثر زخما.
وكانت أوكيو لشبكات الغاز قد أبرمت منتصف يوليو الماضي على اتفاقيات تمويلية مع 16 بنكا محليا وإقليميا بقيمة 1.2 مليار دولار لدعم أنشطتها المؤسسية ومتطلبات إعادة التمويل.
وكانت وكالة بلومبرغ قد أوردت في تقرير قبل عام تقريبا أن الاكتتاب العام لشركة أوكيو لشبكات الغاز قد يجمع ما يصل إلى 800 مليون دولار. وأشارت إلى أن الشركة تدرس أيضاً إمكانية الإدراج المزدوج في بورصة مسقط وسوق المال السعودية.
ووضعت السلطات العمانية رهانا كبيرا من أجل تطوير سوق المال عبر حث الشركات إلى القيام بإدراج أسهمها في البورصة المحلية لتنشيطها بما يستجيب مع خطط ترقيتها.
76
شركة تنشط في بورصة مسقط بقيمة إجمالية تقدر بحوالي 61 مليار دولار وفق أرقام رسمية
وقامت السلطات المشرفة على البورصة، البالغ قيمتها نحو 23 مليار ريال (61 مليار دولار) منذ تولي السلطان هيثم بن طارق الحكم في مطلع 2020 بإدخال العديد من الإصلاحات في نشاطها من أجل جعلها أكثر جاذبية.
وخلال العامين الماضيين خطت البورصة خطوات كبيرة على طريق تنفيذ إصلاحات تنظيمية لتحسين معايير التداول في سبيل زيادة فرص انضمامها إلى المؤشرات العالمية للأسواق الناشئة الذي يعد بتدفق أموال المستثمرين العالميين.
ويُنظر إلى هذه الإصلاحات على أنها مفاتيح أساسية قد تساعد السوق على الانضمام لمؤشرات الأسهم العالمية للأسواق الناشئة، الأمر الذي يمهد الطريق لجذب استثمارات أجنبية جديدة بالمليارات من الدولارات.
وتهدف “رؤية 2040” إلى تحسين تصنيف عُمان في مؤشرات عالمية عديدة لتصبح ضمن أفضل 20 دولة بالعالم في مؤشر الابتكار العالمي ومؤشر التنافسية العالمي ومؤشر الأداء البيئي وضمن أفضل 10 دول بالعالم في مؤشرات الحوكمة ومؤشر التنافسية.
وتضم بورصة مسقط، وهي من أصغر الأسواق المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث القيمة، 76 شركة تنشط في العديد من القطاعات قياسا ببورصة تداول السعودية التي تضم 187 شركة موزعة على 20 قطاعا وهي الأكبر في المنطقة العربية.
ويأمل مجلس إدارة البورصة في رفع سيولة الأسهم المدرجة وزيادة قيمة الشركات والتركيز على تسهيل دخول الاستثمارات الأجنبية.
كما يسعى لتفعيل خصائص إقراض واقتراض الأوراق المالية وغيرها من المبادرات التي تمكّن البورصة من ترقيتها في المؤشرات العالمية.
وتشير الإحصائيات الرسمية أن نسبة تملك المستثمرين الأجانب بمن فيهم العرب تبلغ نحو 28 في المئة من قيمة التداولات في بورصة مسقط، فيما حصة الأجانب من إجمالي التداولات لا تتعدى 4 في المئة.
وتحولت سوق مسقط للأوراق المالية في يناير 2021 إلى شركة مساهمة مقفلة باسم شركة بورصة مسقط، وآلت ملكيتها إلى جهاز الاستثمار العماني المملوك للدولة. وقد انتهت مسقط من الخطوة في أبريل 2022.
وكشف تقرير حديث عن محافظة نشاط صفقات الاكتتاب على زخمه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهو عكس المسار الذي تشهد العديد من أسواق العالم بسبب ضبابية الآفاق الاقتصادية.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن تلك الصفقات حققت عائدات بين أبريل ويونيو الماضيين بقيمة 1.8 مليار دولار تم جمعها من 13 طرحا عاما أوليّا بارتفاع قدره 44 في المئة بعدد الصفقات.
وشجعت الإجراءات التي اتخذتها حكومات المنطقة وخاصة الخليجية بشأن تعزيز نشاط بورصاتها، التي تشهد طفرة غير مسبوقة كبار المستثمرين العالميين على استكشاف الفرص الممكن الاستفادة منها في هذا المجال.
وتتواصل الاكتتابات العامة الأولية في منطقة الخليج العربي الغنية بالطاقة مسارها الصعودي منذ بداية العام الجاري، مدعومة بارتفاع أسعار النفط والغاز والمستثمرين الأثرياء منذ اندلاع الحرب في شرق أوروبا في فبراير 2022.
وأوضحت شركة الاستشارات العامة إرنست ويونغ حول نشاط الاكتتابات العامة بالمنطقة في تقرير أصدرته قبل فترة عن أن النمو في عدد الصفقات منذ بداية العام الجاري جاء مدفوعاً بشكل خاص بنشاط أسواق الإمارات والسعودية.
وبشكل عام، سجّلت سوق الاكتتابات الأولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في النصف الأول من هذا العام، ما مجموعه 23 اكتتابا، جميعها في دول الخليج العربي، وبإجمالي عائدات بلغت 5.2 مليار دولار.
