مسقط تعزز جاذبية الاستثمار في سوق المال

مسقط - شكّل إلغاء سلطنة عُمان ضريبة الأرباح المفروضة على المستثمرين الأجانب في الشركات المدرجة بسوق المال تحولا مهمّا نحو زيادة زخم نشاط البورصة، التي تحاول اللحاق بركب أسواق دبي وأبوظبي وتداول السعودية.
وأقر السلطان هيثم بن طارق الأربعاء الماضي مرسوما يقضي بـ”إيقاف العمل بضريبة الخصم من المنبع على توزيعات أرباح الأسهم والفوائد المفروضة على الشخص غير المقيم”.
وتتزامن الخطوة مع مساعي السلطات التنظيمية لتهيئة البورصة للوصول إلى الأسواق الناشئة وفق تصنيفات مؤسسات التقييم المالية الدولية.
وأكد المسؤولون أن القرار يأتي تأكيدا للأهداف الرامية إلى زيادة القيمة السوقية لبورصة مسقط وتعزيز مساهمة الاستثمار الأجنبي.
وقال هيثم السالمي الرئيس التنفيذي للبورصة إن الخطوة “جاءت من منطلق الحرص على تهيئة البيئة المحفزة للاستثمارات الخارجية وتعبر عن سياسة الانفتاح التي تتبعها سلطنة عمان في التعامل مع الاستثمار الأجنبي”.
وأكد في تصريح لوكالة الأنباء العمانية الرسمية الخميس أن القرار يضع البورصة ضمن خارطة الاستثمار العالمية وستشكل حافزا لاستقطاب المزيد من الاستثمارات إليها.
وأشار إلى أنه مع إيقاف الضريبة ستكون الأوراق المالية المدرجة بالبورصة أكثر جاذبية للمستثمرين، وخاصة أن أسعار أسهم معظم الشركات مازالت أقل من قيمتها العادلة حسب رؤية المحللين وخبراء السوق المالي.
وتشير الإحصاءات إلى انخفاض نسبة تملك غير العمانيين للأوراق المالية في الشركات المدرجة في بورصة مسقط لتصبح 22.88 في المئة بنهاية العام الماضي مقارنة مع 28.07 في المئة في نهاية العام 2017.
كما تبيّن الأرقام أن أقل نسبة شراء لغير العمانيين من إجمالي قيمة التداول خلال 6 سنوات كانت قد سُجلت بنهاية العام 2022.
ويدعم القرار خطط الحكومة من خلال جهاز الاستثمار للتخارج من بعض الاستثمارات من خلال طرحها للاكتتاب العام وإدراجها في البورصة المحلية، وهذا ما يستدعي استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتغطية الطروحات بجانب الاستثمار المحلي.
كما يهدف كذلك إلى تشجيع الاستثمارات في البلاد، وبشكل خاص تشجيع إقامة المشاريع التي تساهم في التنويع الاقتصادي، وتوفير فرص عمل للمواطنين، ومن منطلق إيجاد الحلول التمويلية.
ويُنظر إلى هذه الإصلاحات على أنها مفاتيح أساسية قد تساعد السوق على الانضمام لمؤشرات الأسهم العالمية للأسواق الناشئة، الأمر الذي يمهد الطريق لجذب استثمارات أجنبية جديدة بالمليارات من الدولارات.
ويدرك المسؤولون أن البورصة بحاجة إلى زيادة قيمتها السوقية وزيادة معدلات التداول اليومية، وكذلك رفع مساهمة الاستثمارات الأجنبية المباشر في الأوراق المالية المدرجة.
وتضم بورصة مسقط، وهي من أصغر الأسواق المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث القيمة، 76 شركة تنشط في العديد من القطاعات قياسا ببورصة تداول السعودية التي تضم 187 شركة موزعة على 20 قطاعا وهي الأكبر في المنطقة العربية.
ويأمل مجلس إدارة البورصة في رفع سيولة الأسهم المدرجة وزيادة قيمة الشركات والتركيز على تسهيل دخول الاستثمارات الأجنبية.
كما يسعى لتفعيل خصائص إقراض واقتراض الأوراق المالية وغيرها من المبادرات التي تمكن البورصة من ترقيتها في المؤشرات العالمية.
وكان محمد العارضي رئيس مجلس إدارة بورصة مسقط قد قال في يناير الماضي إن بلاده “تسعى لترقية سوق المال لجعلها ضمن الأسواق الناشئة”، وهو تحرك يأتي ضمن خطط الإصلاح الاقتصادي.
وخلال العامين الأخيرين قامت السلطات المشرفة على البورصة بإدخال العديد من الإصلاحات في نشاطها لجعلها أكثر جاذبية.
مجلس إدارة البورصة يأمل في رفع سيولة الأسهم المدرجة وزيادة قيمة الشركات والتركيز على تسهيل دخول الاستثمارات الأجنبية
وتحولت سوق مسقط للأوراق المالية في يناير العام الماضي إلى شركة مساهمة مقفلة باسم شركة بورصة مسقط، وآلت ملكيتها إلى جهاز الاستثمار.
وكان مجلس إدارة بورصة مسقط قد وضع في نوفمبر 2021 الحوكمة والتنوع والإدماج ضمن أولويات الخطة الإستراتيجية التي سيعمل عليها في المرحلة القادمة.
ويعد تطبيق المعايير والالتزام بقواعد الحوكمة البيئية والاجتماعية وتبني أعلى مستويات الإفصاح والشفافية من أهم الآليات والأدوات التي تساعد في رفع وعي المستثمرين وتمكينهم من تحقيق أهدافهم ذات الصلة بالاستثمار والاستدامة.
ومن المرجح أن تشهد بورصة مسقط خلال الفترة المقبلة حضورا لافتا للمبادرات المتعلقة بنشر مبادئ ممارسات الحوكمة وإيجاد مناخ استثماري قادر على جذب وتشجيع الاستثمارات المستدامة.
وإلى جانب ذلك، سيتم القيام بوضع أسس الاستدامة وتبني ممارسات تتماشى مع الجهود التي تبذلها بورصة مسقط لتوفير اقتصاد ناجح ويجعل البلاد أمام إمكانية اللحاق بجيرانها في المنطقة الخليجية.
وتهدف “رؤية 2040” إلى تحسين تصنيف عُمان في عدة مؤشرات عالمية لتصبح ضمن أفضل 20 دولة بالعالم في مؤشر الابتكار العالمي ومؤشر التنافسية العالمي ومؤشر الأداء البيئي وضمن أفضل 10 دول بالعالم في مؤشرات الحوكمة ومؤشر التنافسية.