مسقط تعزز التزاماتها في تنمية قطاع الاستثمار

أضفت سلطنة عمان على إستراتيجيتها الطموحة لتنمية الاستثمار في قطاعات المستقبل، والتي صارت ضمن اهتماماتها، المزيد من الزخم حين دعمت التزاماتها في هذا المضمار بتأسيس صندوق جديد لتغذية برنامج التنويع الاقتصادي.
مسقط - قدم جهاز الاستثمار العماني (صندوق الثروة) دعما كبيرا للاقتصاد بتدشينه الأربعاء صندوقا للمساعدة في النهوض بمجموعة من القطاعات ودعم الشراكات مع القطاع الخاص وتحفيز ريادة الأعمال ونشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وصندوق عُمان المستقبل البالغ حجمه 5.2 مليار دولار بمثابة محفظة ثالثة للجهاز إلى جانب محفظتيه الحاليتين، وهما صندوق التنمية الوطنية وصندوق الأجيال.
وستكون وزارة المالية شريكا إستراتيجيا في الصندوق، الذي تم الإعلان عنه لأول مرة في مايو الماضي، والذي سيتم دعمه أيضا من قبل أجهزة حكومية أخرى منها هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
كما سيضم في عضويته الشركة العمانية لتنمية الاستثمارات (تنمية) ومجموعة إذكاء وشركة الاتصالات عمانتل وشركة سايفر كابيتال التي ستعمل على إدارة الاستثمارات الخاصة بفئتي المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة والشركات الناشئة.
وأوضح رئيس الجهاز عبدالسلام المرشدي في كلمة له أثناء التدشين أن الصندوق سيكون محفّزا لنمو الاقتصاد، وسيكون شريكا موثوقا من قبل المستثمرين المحليين والدوليين الراغبين في توسيع نطاق مشاريعهم في السوق العمانية.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية الرسمية عن المرشدي قوله إن “صندوق عمان المستقبل سوف يساهم في التكامل مع القطاع الخاص ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تحفيز منظومة الاستثمار الجريء في السلطنة”.
وشدد على أن أهداف الصندوق تتثمل في تعزيز الاقتصاد والإسهام في تنويع الإيرادات والدخول في شراكات استثمارية والتكامل مع مشاريع التمويل الحكومي واستقطاب رؤوس الأموال.
وسيتم ضخ 90 في المئة من رأس مال الصندوق للمشاريع الاستثمارية المباشرة الجديدة أو القائمة التي تكون مجدية تجاريا واقتصاديا، والباقي سيذهب إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
ويستهدف الصندوق كل القطاعات باستثناء النفط والغاز والعقارات، وسيركز على 8 مجالات هي السياحة والصناعة والطاقة الخضراء وتكنولوجيا المعلومات والتعدين والثروة السمكية والزراعة والموانئ والخدمات اللوجستية.
وأكد المرشدي أن الجهاز سيقوم بخبرته الاستثمارية بإدارة الصندوق تأكيدا على الكفاءات المحلية التي يمتلكها، بعدما “أثبتت قدرتها على تحقيق النجاحات في إدارة الأموال واستثمارها وتنميتها وتحقيق العوائد الجيدة منها”.
وأشار إلى أن الموافقة على طلبات التمويل للمشاريع المزمعة ستتم عبر فريق مشترك بين الجهاز ووزارة المالية وأي جهة أخرى يتم التوافق عليها.
وقال “سيقوم الفريق بتقييم الفرص الاستثمارية على أسس تجارية عبر الجدوى المالية والاقتصادية للمشروع واستدامته، إلى جانب إسهاماته في القطاعات التي يستهدفها الصندوق، وإيجاد فرص العمل”.
وكانت الحكومة قد أنشأت في عام 2020 الجهاز لإدارة أصول الدولة بطريقة أكثر انفتاحا وللقطع مع الأسلوب القديم في تحول يقوده السلطان هيثم بن طارق ضمن أجندة تستمر حتى العام 2040 لتنويع الاقتصاد وزيادة الدخل من مجالات جديدة.
ويبلغ حجم أصول الجهاز قرابة 18 مليار دولار تشمل العقارات والأسواق العامة والشراكات الخارجية، فضلا عن التملك الخاص، وفق المعطيات المنشورة على منصته الإلكترونية.
وسيخضع الصندوق للحوكمة المعمول بها في الجهاز وفق المعايير العالمية، وتضمن الكفاءة والمرونة في سبيل تحقيق الأهداف المالية والاقتصادية المرجوة ليكون مكملا لمنظومة التغطية التمويلية التي تقدمها الحكومة حاليا.
وتوفر مسقط آليات تمويل عبر عدد من المؤسسات مثل بنك التنمية العُماني ومحفظة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وصندوق ركيزة والصندوق العُماني للتكنولوجيا.
وسيعمل الصندوق على تحديد نوع الإسهامات في الاستثمارات المُختارة سواء بطريقة التمويل المباشر بكلفة السوق أو بالشراكة في رأس المال مع القطاع الخاص بحيث يتوزع التمويل على القطاعات بطريقة متوازنة وعدم التركيز على قطاع معين.
وسبق أن قال فيصل الرواس، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، إن “للصندوق دورا كبيرا في رفع معدلات الإنتاج والنمو كما يسهم في تحسين البنية الأساسية وتطوير الأعمال التجارية ويؤدي إلى زيادة فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة”.
وأضاف “من جانب آخر يزيد الصندوق من نسبة الاستثمارات الأجنبية ويعزز التجارة الدولية ويجذب المزيد من الموارد، وهو ما من شأنه زيادة الربحية للشركات في القطاع الخاص”.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية أصدرت مسقط العديد من القوانين واللوائح الخاصة لجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة للسوق.
ويأتي ذلك مع مساعيها إلى تحسين الميزان التجاري وتعزيز حصة المنتجات المحلية مع ضمان تحقيق قواعد المنافسة الحرة وتعزيز مبدأ اللامركزية وتطوير بيئة أعمال تنافسية.
ووصل حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السلطنة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي إلى نحو 60 مليار دولار، وفقا للبيانات الأولية الصادرة عن مركز الإحصاء الحكومي.
أهداف الصندوق الجديد
- تمكين القطاع الخاص
- دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
- تشجيع رأس المال الجريء
- الإسهام في التنويع الاقتصادي
- الدخول في شراكات استثمارية
- التكامل مع مشاريع التمويل الحكومي
- استقطاب الاستثمار
ويعتقد قيس اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، بأن مع التزام الحكومة بتحقيق مستهدفات رؤية 2040 المتصلة بمحور الاقتصاد والتنمية، فإنّ صندوق عُمان المستقبل “سيشكل علامة فارقة لتسريع الجهود المكثفة لتسهيل رحلة المستثمرين”.
وتطرق إلى مبادرة الاستثمار وتنمية الصادرات (نزدهر) التي سعت منذ إطلاقها لتبني تمكين منظومة استثمارية شاملة لتصبح البلاد وجهة تنافسية للاستثمار وبيئة أعمال نشطة في منظومة التجارة العالمية من خلال تطوير الشراكات الاستثمارية.
وساهمت وتيرة الإصلاحات مدفوعة بارتفاع أسعار النفط في تحسين مركز المالية العامة والمركز الخارجي للبلاد، مما ساعدا بشكل ملموس على الحد من مستوى الدين العام مع إتاحة الحّيز اللازم لتقوية شبكة الأمان الاجتماعي.
وفي خضم ذلك، يتطلع المسؤولون إلى المضي في تنفيذ الإستراتيجيات المتعلقة بتوسيع آفاق نشاط الشركات الناشئة في البلاد وتعزيز دورها المستقبلي في تنمية الاقتصاد على أسس مستدامة ومتنوعة.
وتعتبر التكنولوجيا والابتكار من بين أدوات إستراتيجية تراهن عليها الحكومة لتعزيز دورها في الاقتصاد المحلي، كما هو الحال مع جيرانها الإمارات والسعودية والبحرين.
وخصصت وزارة الاقتصاد العام الماضي 26 مليون دولار لمشاريع مبادرة لتمكين الاقتصاد المعزز بالذكاء الاصطناعي لعام 2024، إذ تستهدف المرحلة الأولى المؤسسات والجهات الحكومية والمحافظات، على أن تتطور في المستقبل.
وكانت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات قد بادرت بإنشاء برنامج للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في عام 2020 كإحدى الخطوات التنفيذية للاقتصاد الرقمي.