"مسرح لمغاربه" كتاب يقف ضد احتكار الغرب للمسرح

أحمد الفطناسي كاتب مغربي يناقش مفهوم التأصيل والهوية في الفرجات المغربية.
الخميس 2024/01/04
فرجات أشمل من فنون الأداء

الرباط - يدعونا الكاتب أحمد الفطناسي، في كتابه “مسرح لمغاربه: أسئلة التأصيل والهوية في الفرجات المغربية”، والصادر حديثا عن مؤسسة الموجة الثقافية، إلى مراجعة هذه البديهية، والتي تعتبر المسرح الغربي أصل كل الفنون، بل هو النموذج الوحيد للمسرح، هذه النظرة المركزية “للعقل الغربي”.

والأكيد أن كتاب الفنان والكاتب أحمد الفطناسي، “مسرح لمغاربه”، يمثل عتبة أولية لنقاش مستمر، حديث بما يطرحه من صيغ ومرجعيات نظرية، تتأسس على إثرها الخلاصات الأساسية للكتاب ككل.

إن ما يقترحه الكاتب أحمد الفطناسي في كتابه “مسرح لمغاربه” هو رغبة إبستيمولوجية ملحة في تخليص فرجاتنا من هذه “القشور” العالقة، وتحريرها معرفيا وإعادة بنائها ضمن سياقها الخاص.

ما يقترحه الكاتب هو رغبة ملحة في تخليص فرجاتنا من القشور العالقة وتحريرها معرفيا وإعادة بنائها ضمن سياقها الخاص
ما يقترحه الكاتب هو رغبة ملحة في تخليص فرجاتنا من القشور العالقة وتحريرها معرفيا وإعادة بنائها ضمن سياقها الخاص

ويشير الكاتب أحمد الفطناسي، في تخريجة تركيبية، “يعتبر مدخل الهوية أساسيا، في الاقتراب من العناصر المكونة للفرجة، باعتبارها تعبيرا عن الهوية الثقافية المغربية. لكننا، في سياق الاقتراب من نماذج تطبيقية، محددة، لفرجات أشمل من فنون الأداء، وقادرة على صياغة مكوناتها الجمالية، وتتجاوزها كي تشمل الشعائر والاحتفال والكرنفال وكافة الطقوس المرتبطة بالأعياد، ضمن أداء جماعي تشترك فيه، ومن خلاله، مع مجموعة من الأفراد، وإن باختلافات متباينة، بين منطقة وأخرى (المغرب الشرقي، الأطلس الصغير، الريف، جنوب المغرب..)”.

ويلفت إلى أنه قد سبق للناقد حسن المنيعي أن نبه للتحول البارز الذي قاده الفنان الطيب الصديقي، في قدرته عبر مسرحيته “بديع الزمان الهمداني”، على أن يحدث تحولا بارزا في مفهوم الفرجة، في وقت كان فيه المسرح منشغلا بسؤال كبير هو البحث عن هوية عربية.

وحين اختار الباحث والمسرحي أحمد الفطناسي أن يقدم نماذج من “مسرح لمغاربه”، ومن خلال تطبيقات محددة لفرجات متوارثة تاريخيا، فلأنه اختار طريقا موازيا، يكمن في الاقتراب من فرجات قائمة الذات، وتمتلك سندا تاريخيا وهوياتيا. فإذا كان التمثيل مشتركا إنسانيا، فكيف لا نستسيغ، يتساءل الكاتب الفطناسي، “وجود الفرجة المغربية القديمة ضمن سياقها الخاص، خارج العلبة السحرية التي يراد دفنها فيه، وإلا يتم نزع الفنية والأدائية عنها؟ لذلك تستطيع الفرجات الشعبية القديمة، أن تؤكد مشتركها الفني والجمالي، من خلال مكوناتها الداخلية”.

لقد أسهم مفهوم الفرجة، في إعادة النظر في هذا الإرث الفرجوي المغربي القديم، كما أعاد البحث والدرس الأكاديمي النظر في الممارسات الفرجوية الخارجة عن دائرة الممارسة المسرحية الصرفة، في محاولة لموضعة الفرجة والفنون الأدائية ضمن سياق البحث بعيدا عن المفاهيم المغلوطة. وقد أمكن للكاتب أحمد الفطناسي التوقف، في الشق التطبيقي، عند الفرجات المغربية نماذج “مسرح لمغاربه”، في محاولة أولية لتفكيك بنية هذه الفرجة، والاقتراب أكثر من مكوناتها الجمالية.

وألحق الكاتب في نهاية الكتاب معجما مصغرا، لم يكن الغرض منه فقط شرح وتفسير بعض الكلمات الأمازيغية، وأخرى من اللغة الدارجة، وليس فقط محاولة لجمع، وشرح بعض المصطلحات التي لها علاقة بالفرجات المغربية الشعبية، بل يأتي في سياق محاولة التأكيد، من هذا الجدول الحصري للكلمات والمصطلحات الواردة، أو التي يتداولها ممارسو الفرجة، أن هناك إمكانية حقيقية علمية للتفكير في إرساء معجم للفرجة.

عرض مسرحي مثير
عرض مسرحي مثير

يضم كتاب “مسرح لمغاربه: أسئلة التأصيل والهوية في الفرجات المغربية”، تقديما للشاعر والكاتب المسرحي عبدالحق ميفراني موسوما بـ”مسرح لمغاربه: الفرجة وهويتنا الجمالية”، وفصلا أول يضم “الأسطورة والأداء الفني، الفرجة في النقد المسرحي المغربي، وحفريات في فرجات المغرب القديم”، أما الفصل الثاني فنقرأ فيه “تاشعالت (أسفي وتاليزي)، من المسرح الجوال إلى الكرنفال: إمدْيازن، بيلماون، ثم الفرجات الجماعية: أحيدوس وأحواش، ويتوقف الفصل الثالث عند الفرجة وسؤال الهوية، ثم تركيب وملحق”.

ويذكر أن أحمد الفطناسي (كاتب ومسرحي من مواليد 1955 بمدينة أسفي)، وقد خط تجربة طويلة في المجال المسرحي، ممثلا ومخرجا في العديد من المسرحيات (الهواة، المسرح الاحترافي)، منذ سبعينات القرن الماضي إلى اليوم، إلى جانب تجربته الرائدة في مسرح الطفل.

من إصداراته نذكر: “ملح دادا” محكيات، عن دار حوض أسفي، “الخطايا” رواية صدرت عن مطبعة دار وليلي للطباعة والنشر بمراكش، ورواية ثانية بعنوان “وشم الجنوب” صدرت عن مطبعة نور سافي، و”عيط الكيه”، نص مسرحي صادر عن مطبعة دار الديوان للطباعة والنشر، و”المدرس والمسرح.. تطبيقات وتمارين مسرحية خاصة بالمدرس”، ضمن سلسلة دراسات، الكتاب رقم (38) الهيئة العربية للمسرح، إمارة الشارقة دولة الإمارات العربية المتحدة 2018.

12