"مستقبل غزة" الاسم الحركي لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي وقيام دولة فلسطينية

الرياض – تحول “مستقبل غزة” إلى اسم حركي لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي وقيام دولة فلسطينية حيث تتحرك دول عربية بالتنسيق مع الولايات المتحدة باتجاه استغلال فرصة ما بعد حرب غزة لإنهاء الصراع. لكن الخطة العربية تظل معلقة ما لم تضع في الحسبان موقف إسرائيل وفي الوقت نفسه تحديد موقف من حركة حماس؛ هل ستكون جزءا من مستقبل القطاع أم خارجه؟ وهل يمكن إصلاح السلطة الفلسطينية لتكون قادرة على تحمّل مسؤولية توحيد الضفة وغزة وقيادة الدولة الجديدة؟
وبرز الخلاف إسرائيليّا حول مستقبل من يحكم غزة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وقال نتنياهو لغالانت إنه “لن يتم إدخال أي جهة لإدارة غزة مدنيّا حتى يتم القضاء على حماس”، وخيّرَ غالانت “بين تنفيذ سياسة الحكومة أو الاستقالة”، وذلك ردا على تصريحات وزير الدفاع التي قال فيها إن حكما عسكريا إسرائيليا لقطاع غزة سيكون بمثابة “اتجاه خطير يكلف تل أبيب المزيد من الدماء”.
وعكست كلمة لزعيم حماس إسماعيل هنية إحساس الحركة بأنها تُستبعد من كل الترتيبات السياسية والأمنية، وقال إن “اليوم التالي للحرب ستقرره حركة حماس مع باقي الفصائل الفلسطينية”.
خلاف إسرائيلي حول مستقبل من يحكم غزة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت
وتراهن اللجنة الخماسية العربية التي تضمّ السعودية والإمارات وقطر والأردن ومصر على استعدادها لتقديم الدعم المالي والسياسي الذي يُعدّ أساسيّا لمستقبل القطاع المدمّر، على أن يكون جزءا من حل وليس لإعادة إنتاج المعادلة السابقة في القطاع.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال الاجتماع الخاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عُقد الشهر الماضي في الرياض “لقد نسقنا هذا الأمر بشكل وثيق مع الفلسطينيين. يجب أن يكون هناك مسار حقيقي نحو دولة فلسطينية”.
وأضاف “بدون مسار سياسي فعليّ… سيكون من الصعب للغاية على الدول العربية مناقشة الطريقة التي سنحكم بها”.
ومن الواضح أن الدول العربية تريد استثمار المأساة التي يعيشها القطاع للبحث عن حل دائم حتى ولو كان غير مُرض. لكن العقبة أمام الدولة الفلسطينية، التي يريد العرب من العالم أن يتم الاعتراف بها، تكمن في الفيتو الأميركي ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فكرة حل الدولتين من حيث المبدأ.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتضافر فيها الجهود العربية لرسم خارطة طريق نحو حلّ الدولتين، وهو هدف يرى القادة العرب أنه سيؤدي إلى نزع فتيل التوترات في الشرق الأوسط. لكن مع انعكاس تأثيرات الحرب الدائرة منذ أكثر من سبعة أشهر على اقتصادات الإقليم واحتمال توسّع رقعة الصراع إلى دول مجاورة أصبح إنهاء النزاع أمرًا ملحّا وفرصةً في الآن ذاته.
وفي الشهر الماضي التقى وزراء خارجية أوروبيون وعرب على هامش الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، لمناقشة كيفية المضي قدمًا في حلّ الدولتين.
وقال دبلوماسي عربي في الخليج مطّلع على اجتماعات وزراء خارجية المجموعة العربية إنّ النقاش ينصبّ أولًا “على سبل الضغط من أجل وقف إطلاق النار وتسهيل دخول مزيد من المساعدات”، لكنْ “سياسيّا يتمحور حول الضغط على الولايات المتحدة من أجل أمرين: إقامة دولة فلسطينية والاعتراف بها في الأمم المتحدة”.
وأكد لوكالة فرانس برس، شرط عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخوّل للإدلاء بتصريحات لوسائل إعلام، أن “ما يعيق هذه الجهود المكثفة حاليًا هو استمرار الحرب وموقف نتنياهو المتعنت من (إقامة) دولة فلسطينية”.
ورأت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد “تشاتام هاوس” البريطاني صنم وكيل أن القادة العرب “يحاولون العمل مع إدارة جو بايدن لتقديم الدعم المتبادل” لخطة اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة.
ومن ركائز خطتهم إصلاح السلطة الفلسطينية لتمهيد الطريق أمام إعادة توحيد الإدارة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة حيث تتولى حماس الحكم منذ عام 2007.
ويستبعد القادة العرب عموما انخراطهم في إدارة مدنية لغزة أو إرسال قوات على الأرض في ظل الظروف الحالية.
من الواضح أن الدول العربية تريد استثمار المأساة التي يعيشها القطاع للبحث عن حل دائم حتى ولو كان غير مُرض
وليل الجمعة – السبت أكد وزير الخارجية الإماراتي في منشور على منصّة إكس أن بلاده ترفض “الانجرار خلف أي مخطط يرمي إلى توفير الغطاء للوجود الإسرائيلي في قطاع غزة”.
وفي الشهر الماضي قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الدول العربية لن ترسل قواتها إلى غزة لتجنّب أن يرتبط انخراطها “بالبؤس الذي خلقته هذه الحرب”. وأكد في الرياض “أننا كدول عربية لدينا خطة. نحن نعرف ما نريد. نريد السلام على أساس حل الدولتين”.
كذلك تتردد دول الخليج، خصوصًا السعودية والإمارات، في تغطية تكاليف إعمار القطاع دون الحصول على ضمانات.
وفي فبراير الماضي قالت المندوبة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة إنه “لا يمكننا الاستمرار في تخصيص الأموال ثم رؤية كل ما بنيناه مدمّرا”.
ويشير الخبير في شؤون السعودية بجامعة برينستون الأميركية برنارد هيكل إلى أن العرب “بالتأكيد لا يريدون أن يكونوا مجرد حساب مصرفي؛ هم ليسوا مستعدين لإزالة الفوضى التي أحدثتها إسرائيل وإنفاق أموالهم على ذلك”.
وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني خلال منتدى قطر الاقتصادي الثلاثاء “نؤمن بحكومة فلسطينية واحدة يجب أن تكون مكلّفة بالضفة الغربية وغزة”.
وأضاف “إننا نعمل مع شركائنا العرب في ما نسمّيه اللجنة السداسية، (التي تضمّ) الدول العربية إضافة إلى الولايات المتحدة، لمحاولة التفكير في أفضل طريقة للانتقال إلى ‘مرحلة ما بعد الحرب’ بشكل لا يؤثر على الشعب الفلسطيني ولا على القضية الفلسطينية، ولا يقوّض السلطة الفلسطينية”.
وفي مارس الماضي صادق الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تشكيلة حكومية جديدة برئاسة الاقتصادي محمد مصطفى الذي يريدها أن تلعب دورًا في المرحلة التالية لانتهاء الحرب في غزة.
غير أنّ العقبة الأكبر، بحسب المحلل السياسي الإماراتي البارز عبدالخالق عبدالله، هي الحكومة الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الجهود الدبلوماسية العربية شملت أيضًا المعارضة الإسرائيلية.
ففي مطلع الشهر الجاري التقى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد في أبوظبي. وناقش الطرفان أهمية الدفع نحو “إعادة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين”، بحسب بيان الخارجية الإماراتية.
ويرى المحلل السياسي عبدالله أن “هناك وعودًا بأنّ إذا تشكّلت حكومة معارضة (بعد انتخابات مبكرة في إسرائيل) فقد تكون أكثر ميلًا إلى هذا الاقتراح وأكثر تعاونًا وأقلّ تصلّبًا”.
اقرأ أيضا:
• الأردن معبر للأسلحة الإيرانية نحو حماس