مستجدات دولية تفرض التقارب بين الولايات المتحدة وباكستان

واشنطن ترسل من خلال هذا التقارب مع إسلام أباد رسالة إلى الهند وكذلك الصين.
الجمعة 2022/10/14
تطوّر ملحوظ

واشنطن - شهدت العلاقات الأميركية – الباكستانية خلال العام الأخير نوعا من الفتور بلغ حدّ التدهور، يمكن إرجاعه إلى عدة أسباب، ثنائية وإقليمية ودولية.

ومن ذلك، استعادة حركة طالبان السيطرة على الحكم منتصف أغسطس 2021، وزيارة رئيس الوزراء السابق عمران خان موسكو بالتزامن مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وصولا إلى تصريحات عمران خان التي ألقى فيها باللوم على “التعاون بين المعارضة والولايات المتحدة” لإقالته من منصبه. إلا أن هذا الفتور بدأ بالتلاشي مؤخرا، نتيجة عدة متغيرات على الساحة الدولية والجيوسياسية، مثل موقف الهند من الحرب في أوكرانيا وشرائها للطاقة الروسية.

وكشف أمير عبدالله خان خبير العلاقات الدولية في جامعة الدفاع الوطني الباكستانية عن حدوث “تطوّر ملحوظ يرتقي إلى الزخم الحقيقي” في مستوى العلاقات مع واشنطن، في أعقاب تدهور طرأ على تلك العلاقة مع سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان.

وأكد عبدالله خان أن “علاقات باكستان الوثيقة مع الصين أحد أهم عوامل التقارب بين واشنطن وإسلام أباد”. وفي المقابل، رأى أن “اعتماد باكستان المتزايد على الصين في ما يتعلق باحتياجاتها الاقتصادية والدفاعية كان مفيدا في قبول الولايات المتحدة صفقة إف 16”.

اعتماد باكستان المتزايد على الصين في ما يتعلق باحتياجاتها أحد أهم عوامل التقارب بين واشنطن وإسلام أباد

وفي سبتمبر الماضي أعطت وزارة الخارجية الأميركية موافقتها على صفقة بقيمة 450 مليون دولار أبرمتها شركة لوكهيد مارتن لتقديم خدمات الصيانة والمعدّات المرتبطة بها لباكستان.

ووفق عبدالله خان “واشنطن ترسل من خلال هذا التقارب مع إسلام أباد رسالة إلى الهند وكذلك الصين”، موضحا أن “موقف نيودلهي بشأن حرب أوكرانيا وشرائها للطاقة الروسية دفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ هذه الخطوة تجاه باكستان”.

وأشار إلى أن الفتور أصاب العلاقات بين واشنطن وإسلام أباد في أعقاب سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان في أغسطس 2021 “نظرا لتاريخ إسلام أباد الطويل في دعم طالبان”.

وتابع “بالإضافة إلى ذلك، أدّت زيارة عمران خان إلى موسكو في اليوم الذي بدأت فيه روسيا حربها ضد أوكرانيا، إلى تفاقم التوترات بين واشنطن وإسلام أباد”.

ولفت أيضا إلى أن تصريحات خان بشأن إقالته من منصبه، والتي ألقى باللوم فيها على التعاون بين المعارضة والولايات المتحدة “كانت عاملا آخر في تدهور العلاقات بين البلدين”.

ونوّه محمد فيصل الخبير في معهد الدراسات الإستراتيجية في إسلام أباد إلى أن “الحكومة الجديدة في باكستان برئاسة شهباز شريف بحاجة إلى الدعم الأميركي لإحياء اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، ولهذا السبب تحاول فتح صفحة جديدة مع واشنطن”.

وقال فيصل إن “باكستان كانت على وشك الإفلاس في يونيو ويوليو الماضيين، وتحاول إقامة اتصالات وثيقة مع الولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن “كارثة الفيضانات تسببت في تحسن العلاقات الفعّالة مع واشنطن بوتيرة سريعة”.

العديد من الملفات الأميركية بقيت عالقة في الشأن الأفغاني، الأمر الذي دفع واشنطن إلى الاستعانة بأصدقاء أو حلفاء لها في المنطقة لمتابعتها، مثل الجارة باكستان

وفي أعقاب الفيضانات التي شهدتها البلاد خلال الأشهر الماضية، أجرى العديد من المسؤولين الأميركيين وأعضاء الكونغرس زيارة إلى باكستان، وقدّمت واشنطن حتى الآن ما مجموعه 66 مليون دولار كمساعدات للضحايا.

وفي يوليو تمّ تعيين دونالد بلوم سفيرا جديدا للولايات المتحدة لدى باكستان، وهو المنصب الذي ظل 4 سنوات شاغرا.

وفي هذا السياق، أشار فيصل إلى أن هناك “قبولا متزايدا داخل الحكومة الباكستانية بضرورة استمرار العلاقات مع واشنطن في الأمور المتعلقة بأفغانستان، لاسيّما في مجال مكافحة الإرهاب”.

وفي سبتمبر 2021 أعلنت طالبان تشكيلة وزارية لتكون حكومة تصريف أعمال في أفغانستان بقيادة محمد حسن أخوند، عقب انسحاب القوات الأميركية. بينما احتفظ هبة الله أخوند زاده بالدور الذي شغله منذ عام 2016 كقائد أعلى للجماعة، وهو أعلى سلطة مسؤولة عن الشؤون السياسية والدينية والعسكرية لطالبان.

ووصفت تقارير إعلامية هبة الله أخوند زاده بأنه “الحاكم الفعلي لأفغانستان” منذ عودة طالبان إلى حكم البلاد.

وبقيت العديد من الملفات الأميركية العالقة في الشأن الأفغاني، الأمر الذي دفع واشنطن إلى الاستعانة بأصدقاء أو حلفاء أو وكلاء لها في المنطقة لمتابعتها، مثل الجارة باكستان، نظرا لدورهم المحوري في هذا الملف.

5