مستثمرو النفط يستعدون لعام 2024 وسط فائض العرض ومخاوف الطلب

نقص المنتجات المكررة سيتراجع مع عودة نشاط العديد من المصافي.
الجمعة 2023/12/15
تركيز دعائم جديدة للإنتاج

يستعد مستثمرو النفط لاستقبال 2024 بمخاوف متزايدة بشأن فائض المعروض من الخام، يقابله تباطؤ النمو الاقتصادي وتوترات الشرق الأوسط المتصاعدة التي قد تثير تقلبات الأسعار مجددا، ما يعرقل فرص الدخول في مغامرات قد تكون أكثر خطرا.

لندن - بدأ المستثمرون في صناعة النفط حول العالم بتوجيه أنظارهم إلى العام المقبل لقياس مدى قابلية الظروف لزيادة التوسعات في مشاريع الإنتاج بهدف تحقيق المزيد من المكاسب.

وتأثرت الأسعار هذا العام بقوة الدولار وقوة الإنتاج من خارج أوبك رغم وصول الطلب إلى أعلى مستوى له على الإطلاق بأكثر من 100 مليون برميل يوميا.

وبلغ متوسط خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل هذا العام، بعد عام متقلب في 2022 حيث ارتفعت الأسعار فوق مئة دولار بعد تعطل الإمدادات الروسية في أعقاب حرب أوكرانيا.

ويتوقع مسح أجرته رويترز لآراء مجموعة من الاقتصاديين والمحللين أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 84.43 دولارا للبرميل في 2024.

وتأتي هذه الترجيحات رغم توقعات واسعة النطاق لنمو الطلب تتراوح بين مليون برميل يوميا من قبل وكالة الطاقة الدولية و2.25 مليون برميل يوميا تتوقعها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

ومن المتوقع أن ينمو العرض في عام 2024 بما يتراوح بين 1.2 و1.9 مليون برميل يوميا، مدفوعا بالمنتجين من خارج أوبك، حسبما تقول الشركات الاستشارية ريستاد أنيرجي وجي.بي مورغان وكبلر ووود ماكنزي.

وقال فيكاس دويفيدي، إستراتيجي الطاقة العالمية في ماكواري، لرويترز "نتطلع إلى سوق فائضة في المعروض كل ربع سنة العام المقبل".

فيكاس دويفيدي: نتوقع فائضا في المعروض كل ربع سنة العام المقبل
فيكاس دويفيدي: نتوقع فائضا في المعروض كل ربع سنة العام المقبل

وبالنسبة لعام 2024، رفعت وكالة الطاقة الشهر الماضي توقعاتها لنمو الطلب إلى 930 ألف برميل يوميا من 880 ألف برميل يوميا. وأكدت أن ذلك النمو تدعمه الآمال بتخفيض أسعار الفائدة والانخفاض الأخير في أسعار الخام.

ولا يزال هذا أقل بكثير من توقعات أوبك البالغة 2.25 مليون برميل يوميا. ويعادل الفارق 1.32 مليون برميل يوميا، حوالي واحد في المئة من الاستخدام اليومي للنفط في العالم ويترجم إلى أكثر من الإنتاج اليومي لعضو في أوبك مثل ليبيا.

واختلفت أوبك ووكالة الطاقة الدولية في السنوات الأخيرة حول قضايا مثل توقعات الطلب على النفط على المدى الطويل والحاجة إلى الاستثمار في إمدادات جديدة.

وترى الوكالة أن تباطؤ الطلب في 2024 سينشأ مع "تبدد المرحلة الأخيرة من الانتعاش الاقتصادي الوبائي ومع تعزيز مكاسب كفاءة الطاقة وتوسيع أساطيل السيارات الكهربائية والعوامل الهيكلية".

ويتطلع المستثمرون إلى بيانات الإمدادات في الربع الأول لمعرفة ما إذا كانت أوبك وحلفاؤها، في أوبك+، يتابعون تخفيضات الإنتاج الطوعية المجمعة المزمعة البالغة 2.2 مليون برميل يوميا.

وأوضحت شركة أي.أن.زد أن المجموعة إذا امتثلت فقد يؤدي ذلك إلى عجز بسيط يقل عن 500 ألف برميل يوميا.

وقالت آن لويز هيتل من شركة وودماك “سيكون الربع الأول أساسيا لأننا نستطيع تقييم مدى الالتزام بتخفيضات الإمدادات الطوعية التي أقرتها أوبك+".

وأضافت أن "التحالف لن يحتاج إلى تمديد التخفيضات الطوعية الجديدة إلى ما بعد الربع الأول بناء على توقعات وودماك الحالية للطلب".

وتتوقع إنيرجي أسبكتس أن تقلص السعودية خفضها تدريجيا خلال الربع الثاني من 2024 بعد أن أشارت صراحة إلى استعادة الإمدادات تدريجيا، لكنها أكدت أن ذلك لن يمنعها من تمديد التخفيضات بالكامل مرة أخرى إذا لزم الأمر.

وعاد النفط الفنزويلي إلى الأسواق العالمية منذ أن علقت واشنطن العقوبات على البلد العضو في أوبك لمدة ستة أشهر حتى أبريل المقبل.

ورجح محللون في جي.بي مورغان تمديدا آخر لمدة ستة أشهر طالما التزمت حكومة الرئيس نيكولاس مادورو بخارطة طريق انتخابية تم الاتفاق عليها مع المعارضة لإجراء انتخابات رئاسية.

وقالوا إن الانتخابات الرئاسية في أواخر 2024 في كلا البلدين ستحدد المصير على المدى الطويل للعقوبات الأميركية وإنتاج النفط الفنزويلي.

ويرى بنك جي.بي مورغان أن رفع العقوبات عن شركة النفط الحكومية بي.دي.في.أس.أي سيزيد تدريجيا إنتاج النفط الفنزويلي من 760 ألف برميل يوميا هذا العام إلى 880 ألف برميل يوميا في 2024 و963 ألف برميل يوميا في العام التالي.

وأكد تجار لرويترز أن استئناف إمدادات الخام الثقيل من فنزويلا إلى الولايات المتحدة والهند قد يضعف الطلب على الخامات المنافسة مثل خام البصرة الثقيل في العراق وكولد ليك في كندا.

وأوضحوا أن المزيد من الخام الأميركي قد يكون متاحا للتصدير إلى آسيا مع معالجة مصافي ساحل الخليج للمزيد من النفط الفنزويلي.

آن لويز هيتل: سيكون الربع الأول من 2024 أساسيا لتقييم السوق
آن لويز هيتل: سيكون الربع الأول من 2024 أساسيا لتقييم السوق

ويتوقع المحللون أن يستمر النفط الروسي والإيراني في التدفق إلى الأسواق العالمية رغم العقوبات، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط قبل الانتخابات الأميركية.

وتستهدف إيران إنتاج 3.6 مليون برميل يوميا من الخام بحلول مارس المقبل، ارتفاعا من 3.4 مليون برميل يوميا حاليا.

ويعتقد محللون أن النقص في المنتجات المكررة، وخاصة الديزل في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، من المقرر أن يتراجع مع بدء تشغيل طاقة تكرير جديدة تزيد عن مليون برميل يوميا في الصين والهند والمكسيك والشرق الأوسط ونيجيريا في عام 2024.

وتشمل هذه المشاريع الوافد الجديد الصيني يولونغ للبتروكيمياويات، والتوسعات في مصافي بانيبات وكويالي في الهند، وأيضا مشروع دانجوتي في نيجيريا، ودوس بوكاس في المكسيك.

ومن المقرر أن يقود المنتجون من خارج أوبك، بقيادة البرازيل وجويانا والولايات المتحدة، نمو الإنتاج في 2024، مما يعزز إمدادات النفط الخفيف الحلو، في حين من المقرر أن تظل الدرجات المتوسطة عالية الحموضة متشددة بشأن تخفيضات أوبك +.

وقال دويفيدي إن "هذا قد يؤدي إلى تضييق فروق الأسعار بين درجات الخام على مستوى العالم، حيث يقترب تداول الخام المتوسط من التكافؤ مع السعر الخفيف من خصم نموذجي يتراوح بين اثنين وأربعة دولارات للبرميل".

وأضاف "قد يضيق الخصم على الخام الثقيل مقابل الخام الخفيف إلى حوالي 4 دولارات للبرميل من 8 دولارات سابقا".

وتم تصميم جزء كبير من طاقة التكرير في الصين والهند والولايات المتحدة لتشغيل الخام الأثقل، وهو ما قد يؤدي إلى تقليص العرض عندما تستأنف المصافي عملياتها بعد أعمال الصيانة في الربع الثاني.

وقال موكيش ساهديف، المحلل في شركة ريستاد إنيرجي، إن “هذا يعقد تحسين إنتاجية المصافي ويحد من المرونة التشغيلية لتوسيع إمدادات المنتجات".

ويؤكد آلان جيلدر، المحلل في شركة وودماك، أن الصين والهند ستستوردان خامهما بشكل متزايد من حوض الأطلسي، مع تنافس آسيا والولايات المتحدة على البراميل الثقيلة.

ويرى محللون أن الولايات المتحدة والهند قد تتجهان إلى فنزويلا للحصول على المزيد من الخام الثقيل، بينما من المتوقع أن تواصل الصين والهند الاعتماد على الإمدادات من روسيا وإيران.

وقال فيكتور كاتونا، المحلل في كبلر، “يمكن القول إن الهند في أفضل وضع.. لذا فإن الربحية النسبية للعمليات الهندية ستتحسن بشكل أكبر".

10