مساع مصرية لتدارك التأخر في سباق الطاقة المتجددة

حوافز مغرية للقطاع الخاص لاستئناف المشاريع المتعثرة.
الخميس 2024/09/19
كفاكم تجارب وابدأوا التشغيل!

بدأت الحكومة المصرية تقديم حوافز جديدة وسداد مستحقات الشركاء الأجانب، في إطار سعيها لتعويض تأخرها في السباق على زيادة توليد الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة ومن أجل استئناف المشاريع التي تعطلت خلال الأشهر الماضية.

القاهرة- تحاول مصر الاستفادة من استقرار حالة الاقتصاد ونجاحها في عبور أزمة شح العملة لجذب الاستثمارات بالطاقة النظيفة لتخفيف الضغوط الحادة التي تنشأ عن استيراد المحروقات والعقبات التي تعترض بعض عمليات الاستيراد بسبب توترات البحر الأحمر.

وتأتي هذه الجهود لأجل تحقيق ما كانت تستهدفه بإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة شاملة الرياح والشمس في الفترة من 2017 حتى 2025 بمعدل قدره 33 في المئة، لكن ذلك لم يتحقق حيث تبلغ تلك النسبة حاليا 15 في المئة فقط.

ويقود هذا التأخير تخلف مصر عن ركب سباق الطاقة البديلة عربيا، ونظريا فإن مستهدفات بلدان المنطقة تُظهر أنها ستمتلك خططا طموحة بحلول 2030 لتنويع مزيج الكهرباء لديها في إطار التوجه العالمي نحو التحول إلى الطاقة النظيفة لمواجهة الانبعاثات الضارة بالبيئة.

وتعد مصر والإمارات والمغرب والسعودية في صدارة دول المنطقة التي تبذل جهودا كبيرة لتعزيز مشاريع القطاع، من أجل تقليل فاتورة استيراد الوقود أو توفيره محليا بالنسبة إلى الدول المنتجة له والاستفادة منه في التصدير، كما تشهد الإمارات زخما كبيرا بهذا النشاط حاليا.

جمال القليوبي: سداد مستحقات الأجانب يعزز مستهدفات عام 2025
جمال القليوبي: سداد مستحقات الأجانب يعزز مستهدفات عام 2025

وتستعين القاهرة بشركات إماراتية عملاقة في سبيلها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة المتجددة أو اكتشافات الغاز الطبيعي، في مقدمتها أدنوك
وإيميا باور.

ومن أبرز الأسباب التي قادت إلى عدم تحقيق المستهدف الأزمات التي مرت بها البلاد، بدءا من جائحة كورونا ووصولا إلى أزمة شح الدولار التي ترتب عليها وجود سعرين للجنيه، ما نتج عنه تجميد استثمارات القطاع، ولذلك ينبغي ضخ المزيد من الاستثمارات لتنشيط الخطة ومواصلة السباق عربيا.

وتمنح الحكومة الفرصة كاملة للقطاع الخاص في هذا المجال وغالبيتها لشركات أجنبية، مثل المحطات التي جرى تشغيلها في رأس غارب ورأس بكر، وكذلك الاستثمار في محطة جبل الزيت.

وتحرص السلطات على تسريع الخطى وتحفيز المستثمرين لإنتاج الكهرباء في البلاد من أجل سد العجز الذي تتراوح قيمته بين 3800 و4000 ميغاواط.

وقال جمال القليوبي عضو مجلس إدارة جمعية البترول المصرية إن “الهدف من الجهود المبذولة تعزيز الطاقة المتجددة، ويمكن أن تساعد البلاد على إنتاج نحو 4350 ميغاواط من الطاقة الجديدة والمتجددة خلال العام المقبل”.

وأضاف لـ”العرب” أن “مصر مؤهلة لإنتاج نحو 354 ميغاواط من طاقة الرياح لمحطات موجودة تحت التطوير مثل محطات البحر الأحمر وأمونت، بجانب محطات أخرى تنتج نحو 2450 ميغاواط، مثل السويس للرياح وأمونت 2 وإنفينتي، بجانب مشاريع أخرى”.

وأشار إلى أن هذه المشاريع ستعمل على قدم وساق خلال 2025، ما يسمح بتحقيق فائض بعيدا عن الاعتماد على الغاز، مؤكدا أن الحكومة أكدت التزامها بدفع مستحقات الشركاء الأجانب، ما يعزز تنفيذ مشاريع الطاقة وتحقيق طفرة بمستهدفات الخطة.

كما تدرس وزارة الكهرباء والطاقة في مصر مسألة إضافة قدرات إلى الشبكة الكهربائية تصل إلى 3 غيغاواط من مشاريع الطاقة الشمسية ومزارع الرياح حتى صيف العام المقبل.

روماني حكيم: القاهرة تستعين بمطورين عالميين بغية تدارك تأخرها
روماني حكيم: القاهرة تستعين بمطورين عالميين بغية تدارك تأخرها

وتراهن الحكومة على القطاع الخاص كي تسرع إتمام هذه المشاريع، حيث يتم تنفيذها بالشراكة مع شركات غير حكومية.

وبموجب الشراكة يقوم المستثمر بتمويل وبناء وتشغيل المشروع، بينما تلتزم الشركة المصرية لنقل الكهرباء بشراء كامل الإنتاج من مشاريع الطاقة المتجددة على مدار عمر المحطات، والذي يصل غالبا إلى نحو 20 عاما للطاقة الشمسية و25 عاما لطاقة الرياح.

وتنفذ شركات أجنبية مشاريع كبيرة في البلاد وهي قيد التنفيذ، أبرزها محطة شمسية بقدرة 500 ميغاواط تبنيها شركة سكاتك النرويجية، والثانية بقدرة ألف ميغاواط أيضا لشركة إيميا باور الإماراتية، وستُنفذ على مرحلتين بقدرة 500 ميغاواط لكل مرحلة.

وأعلنت شركة أوراسكوم كونستراكشون الاثنين توقيع تحالف أوراسكوم للإنشاءات وشركات إنجي الفرنسية وتويوتا توشو اليابانية ويورس، اتفاقية لإضافة 150 ميغاواط إلى الطاقة المنتجة من محطة الرياح الجاري إنشاؤها في منطقة رأس غارب بقدرة 500 ميغاواط.

ومن المخطط بدء تشغيل المرحلة الأولى من محطة الرياح بقدرة 250 ميغاواط في ديسمبر المقبل قبل شهرين من الموعد المحدد.

ومن المقرر أن يتم استكمال تشغيل باقي القدرة الإنتاجية للمحطة تدريجيًا بحلول الربع الثالث من العام المقبل، وهي خطوة تؤكد نجاح الحكومة في تحفيز الشركات على استئناف العمل.

ومع تشغيل تلك المحطة سوف يرتفع إجمالي قدرة إنتاج طاقة الرياح التابعة للتحالف في مصر إلى 912.5 ميغاواط.

كما تستعد شركة أكوا باور السعودية لتشغيل محطة رياح جديدة بقدرة 200 ميغاواط، إلى جانب مشاريع للطاقة الشمسية بقدرة إجمالية تبلغ نحو 600 ميغاواط.

ومن أبرز الحوافز التي توفرها مصر للقطاع الخاص بذلك المجال إزالة البيروقراطية والروتين وتوفير تعريفة شراء جاذبة، فضلا عن تهيئة مناخ الاستثمار.

وأكد محللون أن القاهرة تسعى لتوطين الصناعة المحلية لمدخلات مشروعات الكهرباء والطاقة المتجددة من أجل خفض حجم الواردات وتوفير العملة الأجنبية كي تحقق الاستفادة القصوى منها.

وأوضحوا أن خطة التمكين بذلك القطاع تشمل، إلى جانب الرياح، تعظيم الاستفادة من الموارد المائية فى توليد الطاقة المتجددة، وتحديدا الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية.

الحكومة تراهن على القطاع الخاص كي تسرع إتمام هذه المشاريع، حيث يتم تنفيذها بالشراكة مع شركات غير حكومية

وقال روماني حكيم نائب رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية الطاقة – سيدا إن “مصر تسعى لتعويض التأخير في تسريع المشاريع عبر إبرام اتفاقيات مع مطورين عالميين في هذا المجال، خاصة أنها تمثل مستقبل الطاقة المطلوبة عالميا مع البعد عن الوجود الأحفوري”.

وذكر أن توطين مشاريع الطاقة النظيفة في البلاد من أهم توجهات السلطات لتحقيق التنمية المستدامة في إطار رؤية 2030، وتركز على الطاقة كعنصر اقتصادي لتحقيق الاستدامة، لأن مصر تمتلك فرصا واعدة للانخراط في هذه السوق.

وأشار لـ”العرب” إلى أن “مصر لديها مقومات نجاح مشاريع الطاقة المتجددة من وفرة المساحات الواسعة مثل الأراضي اللازمة لإقامة تلك المشاريع، وامتلاك مساحات كبيرة من الشواطئ، كما تتمتع مصر أيضا بموقع جغرافي متميز يمكنها من الربط مع دول أخرى”.

وفي خضم ذلك تسعى الحكومة لاستكمال المشروع النووي، ووضع تلك الصناعة والتكنولوجيا الإستراتيجية المرتبطة بها ضمن الخطة الهادفة إلى تنويع مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة.

11