مساع لتثبيت تحييد حماس عن التصعيد في الضفة الغربية

غزة - أعلنت حركة حماس الخميس تلقي رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية دعوة رسمية لزيارة مصر الأسبوع المقبل، في وقت اتخذت فيه الحركة مسارا حذرا من التصعيد في الضفة الغربية بسبب انهماكها في إعادة إعمار القطاع المدمر وهو ما تسعى القاهرة لتثبيته.

ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية القاسية في قطاع غزة اتخذ انخراط حماس في مواجهة التهديدات الإسرائيلية مسارا حذرا يعكس رغبتها في الحفاظ على الهدنة مع تل أبيب. وينصب اهتمام حماس راهنا على إعادة إعمار القطاع المدمر وتجنب الاحتكاك المباشر مع إسرائيل.

ويشير مراقبون إلى أن اللحظة ليست مثالية لحماس التي يقول محللون إنها منشغلة بالتصدي لتحديات اقتصادية قاسية في قطاع غزة الساحلي المكتظ بالسكان، والذي تحاصره إسرائيل وتشدد مصر إجراءاتها الأمنية على حدوده معها، وتزيد نسبة البطالة فيه عن 50 في المئة.

وفي ظل السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى توفير حوافز اقتصادية أمنية، يتم السماح لنحو 20 ألفا من سكان غزة بالعبور إلى إسرائيل للعمل هناك. ويقول طلال عوكل المحلل من غزة إن "هؤلاء الناس لن يسامحوا حماس إذا ما فقدوا عملهم".

ويضيف عوكل "في رأيي فإن سياسة حماس حاليا هي المحافظة نسبيا على حالة الهدوء مقابل التسهيلات”، في إشارة إلى تحسن ممكن في الحصول على وظائف في إسرائيل وتخفيف الحصار الاقتصادي.

وقصفت طائرات إسرائيلية غزة الخميس ردا على إطلاق صاروخ من القطاع وذلك بعدما حثت الولايات المتحدة جميع الأطراف قبل أيام على التهدئة لكن لا توجد أي مؤشرات على زيادة تصعيد العنف بعد توتر على مدى أيام.

ولم ترد تقارير عن سقوط مصابين بجروح خطيرة لكن العنف المتبادل يأتي تماشيا مع نمط مألوف يشير إلى أن الطرفين لا يسعيان لصراع أوسع.

ونأت حماس بنفسها عن صراع قصير الأمد العام الماضي عندما قصفت طائرات إسرائيلية غزة في عطلة أسبوعية في أغسطس، مستهدفة حركة الجهاد الإسلامي الأصغر حجما مع تجنب توجيه ضربات لحماس وهو ما يعكس رغبة الحركة في المحافظة على الهدنة والمنافع الاقتصادية الناجمة عنها.

وكانت مصر رعت اتفاقا لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لإنهاء جولة قتال هي الأعنف منذ سنوات استمرت في الفترة من العاشر إلى الحادي والعشرين مايو 2021.

وعقب ذلك أعلنت القاهرة عن منحة بقيمة نصف مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة على مرحلتين، الأولى تتعلق بإزالة الركام فيما الثانية تتعلق بالإشراف على مشاريع للإعمار. وتتضمن المشاريع المصرية إقامة ثلاث مدن سكنية إلى جانب مشاريع للبنية التحتية. وشكلت مصر لجنة لإعادة الإعمار وأوفدت طواقم هندسية متخصصة للإشراف على تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار.

ويقول وكيل وزارة الاقتصاد في غزة عبدالفتاح الزريعي إن انطلاق مشاريع إعادة الإعمار المصرية لاسيما المتعلقة بالإسكان في القطاع ساهم في دفع قياسي للحركة التجارية مع القطاع.

ويشير الزريعي إلى أن زيادة عدد الأيام التي تفتح فيها بوابة صلاح الدين التجارية وإدخال المزيد من التسهيلات أدى إلى انتعاش أكبر في إدخال البضائع وتنامي إقبال التجار المحللين في غزة على المزيد من الصفقات التجارية.

وينبه إلى أنه من المتوقع الانتهاء من بناء المدن الثلاث للإسكان في قطاع غزة في منتصف عام 2023 على أن يتم بدء التسكين مع نهاية العام ذاته، حيث تشمل المدن نحو 2500 وحدة سكنية.

ويؤمل في غزة أن تساهم مشاريع الإعمار المصرية في التخفيف من حدة أزمة البطالة وانعدام فرص العمل عبر إنعاش الاقتصاد المحلي المتدهور، لاسيما في ظل الاتفاق مع شركات فلسطينية ليكون العمال المنفذون من سكان القطاع.

ويقول المحلل السياسي مدير عام مؤسسة فيميد للإعلام إبراهيم المدهون إن ملف إعادة الإعمار سيكون على رأس أولويات زيارة هنية إلى القاهرة ولقائه بالمسؤولين المصريين. ويضيف المدهون أن "مصر ترعى هذا الملف المهم وتداعيات ذلك، خصوصا في ظل الاستهدافات العسكرية المتكررة التي شهدها القطاع مؤخرا".

وإلى جانب ذلك، يقول المدهون إن الزيارة تأتي وسط الدور الأساسي لمصر في ملف صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، فهي "الراعية للملف وبات لها دور أوسع في إطاره".

ولفت إلى أن "حماس معنية بوجهة نظر مصر في الملف الوطني وبتعزيز دورها للخروج بواقع فلسطيني يخدم الشعب والمقاومة والقدرة على مواجهة مخاطر المشروع الصهيوني".