مساع لتبييض صفحة مقتحمي البرلمان الكويتي بعفو شامل

الكويت – عادت مسألة العفو الشامل عن مدانين في قضية اقتحام مقر البرلمان إلى واجهة الأحداث في الكويت، منذرة بأزمة جديدة وبحملة ضغوط من قبل تيارات إسلامية وشخصيات معارضة متحالفة معها، تسعى إلى تبييض صفحة عناصر تابعة لها مدانة في القضيّة.
ووصف مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمّة الكويتي (البرلمان) إثارة قضية العفو الشامل بالمفتعلة. وقال، الإثنين في تصريحات صحافية، إنّ الهدف من ذلك “خلق أبطال وهميين”.
ورأت شخصيات وتيارات معنية بالقضية أنّ أنسب مخرج لها يتمثّل في تمرير عفو شامل عن المدانين عبر تشريع بالبرلمان، لكن الأوراق اختلطت بشكل كبير عندما أقرّت اللّجنة التشريعية البرلمانية توسيع المقترح ليشمل مدانين في قضايا أخرى.
ويمكن للمدانين أن يتمتّعوا بعفو خاص يصدره أمير البلاد ويتم بفعله إلغاء العقوبة أو تخفيضها دون إسقاط الجريمة. أما العفو الشامل فمن اختصاص البرلمان وتلغى العقوبة بفعله وتسقط الجريمة عن مرتكبها.
ويبدو أنّ المتورّطين في قضية اقتحام مقر مجلس الأمّة لا يقرّون بارتكابهم جريمة ويعتبرون ما أقدموا عليه “نضالا”، وهو ما يفسر سعيهم للتمتّع بعفو شامل.
وتعود القضية إلى سنة 2011 حين تحمّست أطراف سياسية على رأسها الإخوان المسلمون للاحتجاجات التي شهدتها آنذاك دول عربية تحت مسمّى “الربيع العربي”، وكان من بين أشكال “الاحتجاج” في الكويت التجمّع أمام مبنى البرلمان في عاصمة البلاد واقتحامه عنوة والعبث بمحتوياته.
ومن بين المحكوم عليهم في القضية النائب السابق الإخواني جمعان الحربش، والنائب السابق المنتمي للتيار السلفي وليد الطبطبائي الذي قبل بالعودة من الخارج ودخول السجن لمدة وجيزة قبل أن يتمتّع في ديسمبر الماضي بعفو أميري.
ومنذ طرح القضية أمام القضاء وصولا إلى إصدار الأحكام بحق المدانين فيها، لم تنقطع تيارات سياسية في الكويت عن عملية البحث عن مخارج قانونية وسياسية بهدف إلغاء إدانة شخصيات لها نفوذها في البرلمان وخارجه.
وقال الغانم إنّ “القرار النهائي سيكون لمجلس الأمّة بغض النظر عن موقف اللجنة التشريعية البرلمانية”.
وتتعلق الأزمة بصورة أساسية بتباين المواقف بشأن المقترحات المقدّمة لقانون العفو الشامل. وأقرّت اللجنة التشريعية البرلمانية في يناير الماضي مقترحا يقضي بدمج ثلاثة اقتراحات، تضمّن الأوّل العفو عن محكومي قضية دخول مجلس الأمّة، وهم نشطاء سياسيون ونواب سابقون، والثاني العفو عن النائب الشيعي السابق عبدالحميد دشتي الذي حكم عليه غيابيا بعدة أحكام وصل مجموعها إلى 65 عاما بسبب الإساءة إلى الحكومة الكويتية ودول خليجية، إضافة إلى اقتراح ثالث بالعفو عن المتورّطين في “خلية العبدلي” وهي عبارة عن شبكة إرهابية على علاقة بإيران وحزب اللّه اللبناني قامت بتخزين أسلحة بشمال البلاد وتم كشفها وتفكيكها سنة 2015.
واعترض نواب إسلاميون على دمج المقترحات واعتبروه طريقة لخلط الأوراق وإسقاط القانون. وقال النائب محمد الدلال إنّ دمج مقترحات العفو الشامل في قانون واحد مع قضايا دخول المجلس وخلية العبدلي وعبدالحميد دشتي إجراء غير دستوري ولا قانوني، ومسار سياسي سلبي وعبثي هدفه إسقاط كل هذه المقترحات وإرباك النواب والمجتمع.
وفي الجهة المقابلة اعتبر رئيس مجلس الأمّة أن دمج اللجنة للمقترحات الثلاثة “لا يعني شيئا أمام قرار المجلس، ومن يخلق مشكلة في هذا الأمر غير صادق، ويخلق قضايا وهمية”. وأعرب عن اعتقاده بعدم وجود أغلبية لإقرار المقترح، قائلا إنّه “إذا أُقر بأغلبية ضعيفة، فإنه قد يُرد من قبل الحكومة”.