مساع عراقية حثيثة لكسر الحواجز أمام تنمية الصادرات

يسعى العراق إلى كسر الحواجز أمام تنمية قدرات تصدير المنتجات المحلية إلى الأسواق العربية والدولية، ضمن سياق تعزيز دور نشاط الشركات، وخاصة العاملة في القطاع الخاص، بما قد يسهم في تحفيز نمو الاقتصاد وأيضا تقديم دفعة للقطاع غير النفطي.
بغداد – وجهت السلطات العراقية أنظارها هذه المرة إلى قطاع الصادرات الذي يحتاج إلى دفعة قوية عبر توفير كل الممكنات للشركات المحلية الساعية إلى تعزيز نشاطها في الأسواق الخارجية خلال المرحلة المقبلة.
ولا تعول بغداد على تعزيز صادراتها من خارج الوقود الأحفوري، والتي لا تزال ضعيفة كثيرا رغم محاولات تنشيطها خلال السنوات الأخيرة فقط، بل لديها رؤية تريد اعتمادها مع تحريك دبلوماسيتها الاقتصادية لبلوغ أعلى درجات التكامل الاقتصادي مع بقية الدول.
وتعكف الحكومة على إجراء الإصلاحات الاقتصادية اللازمة من خلال التركيز على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
وفي ترجمة للبرنامج الذي تنفذه حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد وزير التجارة أثير الغريري الثلاثاء، سعي بلاده إلى دعم الصادرات وزيادة حجم التجارة الخارجية في القطاع غير النفطي.
وأظهرت بيانات الشهر الماضي تحقيق نمو قدره 6 سنويا في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وهو ما يبرز الجهود المبذولة في مجالات الصناعة والزراعة والاقتصاد الرقمي والتي أدت إلى توفير بيئة استثمارية ملائمة.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن الغريري قوله إن الوزارة “تسعى من خلال ضوابط دعم الصادرات، إلى تشجيع وزيادة حجم التصدير، نظرا لأهمية هذا القطاع في دعم الاقتصاد العراقي”.
وأشار خلال ترأسه اجتماعا للجنة الدائمة الخاصة بتنفيذ السياسة الاستيرادية والإجراءات التنفيذية إلى أنه سيتم اتباع خطوات عملية ومدروسة لتحقيق ذلك، بما يسهم في تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات العراقية في الأسواق العالمية.
وتتعرض بغداد منذ فترة طويلة إلى ضغوط من الأوساط الاقتصادية المحلية وصندوق النقد الدولي لزيادة صادراته غير النفطية وتعزيز الإيرادات الحكومية، للحدّ من تعرض الاقتصاد لصدمات أسعار النفط.
ويعاني الاقتصاد العراقي من هيمنة الموارد الطبيعية على عوامل الإنتاج والتجارة الخارجية، وهو ما يعرض البلد لمخاطر الخمول في سعي السلطات لجني الإيرادات المتحققة من مصادر حقيقية بسبب إهمال القطاعات البديلة عن الطاقة، وتحديدا النفط.
ويعتمد ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية، بشكل كبير على النفط الخام. ويشكل قطاع الوقود الأحفوري الغالبية العظمى من عائدات التصدير ونحو 90 في المئة من إيرادات الدولة.
وينتج العراق بموجب اتفاق تحالف أوبك+ 4 ملايين برميل يوميا، رغم أنه رفع الإنتاج إلى 4.25 مليون برميل يوميا خلال يوليو الماضي، وفقا لتقرير سابق لأوبك، والمعتمد على المصادر الثانوية.
وحذرت المؤسسة الدولية المانحة قبل أشهر من أن انخفاضات أكبر في أسعار النفط، أو تمديد تخفيضات أوبك+ للإنتاج، قد يؤثر على حسابات العراق المالية والخارجية.
وشددت في بيان بعد ختام مشاورات المادة الرابعة خلال مارس الماضي أن على البلاد التركيز أكثر على تحقيق نمو غير نفطي أعلى وأكثر استدامة لاستيعاب القوى العاملة المتنامية بسرعة.
ومن المتوقع أن تناقش الحكومة الفترة المقبلة 4 ملفات، تتمثل في اعتماد ضوابط إجازات الاستيراد وآلية استيفاء رسوم دعم التصدير، وإلغاء إجازات الاستيرادات الحكومية وإجازات استيراد أجهزة التكييف والتثليج، كما ستبحث ترسيم البضائع (الترسيم الجمركي).
ويتمتع العراق بموقع جغرافي يؤهله أن يكون مركزا إقليميا للخدمات اللوجستية، لكن أداءه على هذا الصعيد متأخر عن أداء نظرائه إلى درجة أنه أصبح نقطة اختناق إقليمية رغم وجود مشروع ضخم تحت اسم “طريق التنمية” وهو قيد الإنشاء.
6
في المئة نسبة النمو السنوي للقطاع غير النفطي، وفق ما تشير إليه البيانات الرسمية
ويهدف البلد من هذه الخطة التي تشمل مجموعة طرق وسكك حديد وموانئ ومدنا جديدة إلى اختصار مدة السفر بين آسيا وأوروبا عبر تركيا، والتحول إلى مركز للعبور من خلال ميناء فاو المطل على الخليج العربي الذي يعد المحطة الأولى في المشروع.
وأظهرت بيانات لمؤسسة عراق المستقبل للدراسات والاستشارات الاقتصادية مؤخرا إن حجم التبادل التجاري للبلاد مع 11 بلدا بلغ 65 مليار دولار في النصف الأول من العام 2024، بارتفاع بلغت نسبته 10 في المئة على أساس سنوي.
وتتمثل هذه المجموعة من الدول في كل من الصين والهند وتركيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وألمانيا والأردن والبرازيل، واليابان والسعودية وأستراليا.
وصدّر العراق إلى هذه الدول خلال الفترة بين يناير ويونيو الماضيين منتجات مصنوعة محليا بقيمة تقدر بنحو 45 مليار دولار بزيادة بلغت نسبته 11.6 في المئة بمقارنة سنوية.
وتصدرت الصين الدول الأكثر استيرادا من العراق، تليها الهند، ثم كوريا الجنوبية، والولايات المتحدة ومعظم هذه الصادرات هي من النفط الخام.
في المقابل استورد العراق من هذه الدول ما قيمته 19.6 مليار دولار بزيادة بلغت 8.1 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها قبل عام، وتصدرت الصين الدول الأكثر تصديرا للعراق، ثم تركيا والهند.
وبلغ الميزان التجاري للبلد مع هذه الدول 26 مليار دولار لصالح العراق بارتفاع بلغت نسبته 14.4 في المئة على أساس سنوي.
وتبذل الحكومة جهودا لتخطي إحدى أهم العقبات في خطة الإصلاح التي تتبناها والمتمثلة في إنعاش دور القطاع الخاص وتسليمه جزءا من برامج التنمية ومشاركة القطاع العام الذي أثبت أنه مازال بعيدا عن تجاوز محن عقدين من تراكم الأزمات.