مساع دولية لاحتواء التصعيد في قره باغ تصطدم بتعنت تركيا

الأمم المتحدة (الولايات المتحدة) - أكدت أرمينيا، الثلاثاء، أن تركيا أسقطت إحدى طائراتها العسكرية، علما أن يريفان تتهم أنقرة بالتدخل في المعارك المستمرة بين أذربيجان والانفصاليين الموالين لأرمينيا في إقليم ناغورني قره باغ.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان عبر فيسبوك إن "طائرة سو-25 أرمينية أسقطتها مقاتلة اف-16 تركية (...) أتت من الأراضي الأذربيجانية".
وأوضحت المتحدثة الأرمينية أن الطائرة التركية "أقلعت من مطار في مدينة غانجا الأذربيجانية وكانت تؤمن إسنادا للطيران والطائرات الأذربيجانية المسيرة التي كانت تقصف قرى يقطنها مدنيون في أرمينيا".
وأضافت أن "وزارة الدفاع الأرمينية سبق أن اتهمت تركيا بالاعتداء في شكل مباشر" على أرمينيا.
يأتي ذلك في وقت دخلت فيه المعارك يومها الثالث في إقليم ناغورني قره باغ حيث أسفرت المعارك بين أرمينا وأذربيجان إلى سقوط أكثر من مئة قتيل في وقت تواصل فيه تركيا تحريضها الذي يساهم في تقويض الجهود الدولية للتهدئة.
ويعقد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء، بطلب من دول أوروبية، اجتماعاً طارئاً مغلقاً يناقش فيه التطوّرات في إقليم ناغورني قره باغ، الذي يشهد منذ يومين معارك دامية بين أذربيجان وأرمينيا.
ودعا الكرملين تركيا لوقف إطلاق النار في ناغورني قره باغ وقال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف للصحافيين"ندعو كل الدول ولا سيما الدول الشريكة لنا مثل تركيا، إلى بذل المستطاع للتوصل إلى وقف لإطلاق النار والعودة إلى التسوية السلمية لهذا النزاع".
يأتي ذلك في وقت تواصلت المعارك في ناغورني قره باغ، في حين عزّز فيه التدخل التركي لدعم أذربيجان المخاوف الدولية من اشتعال منطقة القوقاز.
وقالت مصادر دبلوماسية إنّ الاجتماع سيعقد بطلب من بلجيكا إثر مبادرة قامت بها ألمانيا وفرنسا.
وبحسب دبلوماسيين فإنّ مجلس الأمن قد يُصدر في ختام الاجتماع بياناً، وفي حال تعذّر ذلك، كون بيانات المجلس لا تصدر إلا بالإجماع، فيمكن عندها للدول الأوروبية الأعضاء في المجلس أن تصدر من جهتها بياناً يمثّلها لوحدها.
من جهتهم، حضّ قادة دول العالم الجانبين على وقف المعارك بعدما أثار أعنف تصعيد تشهده المنطقة منذ العام 2016 المخاوف من عدم ضبط المواجهات بين أرمينيا وأذربيجان.
وعلى الصعيد الميداني قالت كل من أرمينيا وأذربيجان إنهما نشرتا مدفعية ثقيلة الثلاثاء، في أحدث جولات القتال بينهما بسبب منطقة ناجورنو قرة باغ المنفصلة.
وقالت وزارة الدفاع في أرمينيا إن القوات الأذربيجانية قصفت وحدة عسكرية أرمينية في بلدة واردنيس الحدودية على بعد أميال من منطقة ناغورني قره باغ.
وذكرت الوزارة في بيان أن النيران اشتعلت في حافلة مدنية بعد أن أصابتها طائرة أذربيجانية مسيرة.
من جهة أخرى، نفت أرمينيا تقريرا أصدرته وزارة الدفاع الأذربيجانية بأن جيشها قصف منطقة داشكسن على الحدود بين البلدين.
ويتهم كل جانب الآخر باستخدام المدفعية الثقيلة في اشتباكات هذا الأسبوع التي سقط فيها عشرات القتلى وأصيب المئات.
وتحدثت أذربيجان يوم الأحد عن مقتل خمسة من أسرة واحدة في حين قالت أرمينيا اليوم الثلاثاء إن فتاة عمرها تسع سنوات لقيت مصرعها في القصف وأصيبت أمها وأخوها.
ومنذ الأحد، تخوض القوات في ناغورني كاراباخ المدعومة سياسيا وعسكريا واقتصاديا من أرمينيا، والقوات الأذربيجانية، معارك دموية هي الأعنف في المنطقة منذ عام 2016.
وأعلنت السلطات في الإقليم أن 26 عسكريا من جنودها قتلوا مساء الاثنين في المعارك ضد القوات الأذربيجانية، لترتفع حصيلة خسائرها البشرية منذ اندلاع المواجهات الأحد إلى 84 قتيلاً.
كما ارتفعت الحصيلة الأولية لضحايا المعارك إلى 95 قتيلاً، من بينهم 11 مدنياً: تسعة في أذربيجان واثنان في الجانب الأرمني، علما بأنه منذ اندلاع المعارك لم تعلن باكو عن حصيلة قتلاها العسكريين.
وتطالب أذربيجان باستعادة السيطرة على ناغورني قره باغ، ، الإقليم الجبلي ذي الغالبية الأرمنية، والذي لم يعترف المجتمع الدولي، ولا حتى أرمينيا، بانفصاله عن باكو عام 1991.
ويرى مراقبون أن تحريض أنقرة لباكو التي تخوض اشتباكات دامية مع جارتها يرسم أجندات أنقرة في جنوب القوقاز، باعتبار أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرى في تغذية النزاع والدفع به نحو مواجهة عسكرية شاملة فرصة مواتية لتحقيق طموحاته في المنطقة وتصفية حساباته مع عدوته التاريخية أرمينيا.
وتندّد أرمينيا وناغورني قره باغ من جهتهما بـالتدخّل التركي، متهمتين أنقرة بتوفير السلاح وخبراء عسكريين وطيارين وطائرات مسيرة لباكو. وأكّدت يريفان أيضاً أن أنقرة أرسلت آلاف "المرتزقة" من سوريا إلى المنطقة.
والاثنين دعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أرمينيا التي تدعم هذا الجيب سياسيا واقتصاديا لوضع حد "لاحتلال ناغورني قره باغ" متعهدا بقاء أنقرة "إلى جانب" باكو "بكل الوسائل".
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تركيا نقلت أكثر من 300 مقاتل من الأراضي السورية إلى ناغورني قره باغ.
ولا يزال الوضع الميداني غير واضح المعالم، مع تأكيد سلطات ناغورني قره باغ الاثنين سيطرتها على مواقع خسرتها في اليوم السابق، فيما تقول أذربيجان إنّها حققت تقدماً إضافياً، مستخدمة الصواريخ والمدفعية والطيران.